لدي سؤال دخلنا في نقاشات انا وصديقي فيه واختلفنا في الرأي وهو بخصوص موقف السيدة زينب في مجلس يزيد ،
هل فعلا السيدة الزينب جزعت وبكت في مجلس يزيد وامام يزيد واعوانه كما يقول صديقي
ام انها وقفت شامخة صامدة وصابرة لحكم الله ولم تظهر الجزع او البكاء في المجلس امام يزيد ؟
ارجو الجواب على السؤال وجزاكم الله خيرا.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اهلا وسهلا بالسائل الكريم
العديد من الروايات في الكتب المعتبر توصف حال زينب عليها السلام، في صورتين صورة الصبر والقوة والشموخ وصورة اخرى الحزن والبكاء والجزع وهو أمر طبيعي عند الانسان ، لا سيما على سيد شباب أهل الجنة الامام الحسين عليه. ، لم يبقَ شيء لم يبكي عليه .
الصورة الأولى : الصبر والشجاعة .
١ - جزع الإمام السجاد عليه السلام في يوم الحادي عشر من المحرم، وقد سلته السيدة زينب (عليه السلام) وسكنت فؤاده ما يدلل على صلابتها.
مالِي أَراكَ تَجُودُ بِنَفسِكَ يا بَقِيَّةَ جَدِّي وَأَبِي وَإخْوَتي، فقلت: وكيف لا أجزع ولا أهلع وقد أرى سيّدي وإخوتي وعمومتي وولد عمّي وأهلي مصرّعين بدمائهم، مرمّلين بالعراء، مسلّبين لا يكفنون ولا يوارون، ولا يعرج عليهم ولا يقربهم بشر، كأنهم أهل بيت من الديلم والخزر.
فقالت: لا يجزعنك ما ترى، فواللّه إنّ ذلك لعهد من رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) إلى جدّك وأبيك وعمّك، ولقد أخذ اللّه ميثاق أُناس من هذه الأُمة لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض، وهم معروفون في أهل السماوات، إنّهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرّقة فيوارونها وهذه الجسوم المضرّجة، وينصبون لهذا الطف علماً لقبر أبيك سيّد الشهداء (عليه السلام)، لا يدرس أثره، ولا يعفو رسمه على كرور الليالي والأيام، وليجتهدنّ أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه، فلا يزداد أثره إلاّ ظهوراً، وأمره إلاّ علوّاً.
٢ - أراد ابن زياد أن يتشفى منها فقال: الحمد لله الذي فضحكم وأكذب أحدوثتكم. فقالت (إنما يفتضح الفاسق، ويكذب الفاجر وهو غيرنا). فقال ابن زياد: كيف رأيت صنع الله بأخيك وأهل بيتك. فقالت ما رأيت إلا جميلا، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم، فانظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك أمك يا ابن مرجانة.
٢ - خطبتها في مجلس يزيد، (ثم قامت على قدميها، وأشرفت على المجلس، وشرعت في الخطبة)، وما في تلك الخطبة من كلمات ومضامين تصدر من امرأة أسيرة مقيدة قد قتل أهلها، وهي تقارع أكبر رأس للطغيان حتى أنه سكت.
الصورة الثانية: جانب الجزع والبكاء:
١ - نَزَلَ الحُرُّ وأصحابُهُ ناحِيَةً، وجَلَسَ الحُسَينُ عليه السلام يُصلِحُ سَيفَهُ، ويَقولُ: يا دَهرُ اُفٍّ لَكَ مِن خَليلِ كَم لَكَ بِالإِشراقِ وَالأَصيلِ (الأبيات المعروفة) قالَ الرّاوي: فَسَمِعَت زَينَبُ ابنَةُ فاطِمَةَ عليها السلام ذلِكَ فَقالَت: يا أخي! هذا كَلامُ مَن قَد أيقَنَ بِالقَتلِ. فَقالَ: نَعَم يا أختاه! فَقالَت زَينَبُ عليها السلام: واثُكلاه، يَنعى إلَيَّ الحُسَينُ عليه السلام نَفسَهُ!! قالَ: وبَكَى النِّسوَةُ، ولَطَمنَ الخُدودَ، وشَقَقنَ الجُيوبَ، وجَعَلَت أم كُلثومٍ تُنادي: وامُحَمّداه! واعَلِيّاه! وااُمّاه! وافاطِمَتاه! واحَسَناه! واحُسَيناه! واضَيعَتاه بَعدَكَ يا أبا عَبدِ اللّه ِ! قالَ: فَعَزّاهَا الحُسَينُ عليه السلام وقالَ لَها: يا اُختاه تَعَزَّي بِعَزاءِ اللّه، فَإِنَّ سُكّانَ السَّماواتِ يَموتونَ، وأهلَ الأَرضِ لا يَبقَونَ، وجَميعَ البَرِيَّةِ يَهلِكونَ. ثُمَّ قالَ: يا أختاه يا اُمَّ كُلثومٍ! وأنتِ يا زَينَبُ! وأنتِ يا رُقَيَّةُ! وأنتِ يا فاطِمَةُ! وأنتِ يا رَبابُ! اُنظُرنَ إذا أنَا قُتِلتُ، فَلا تَشقُقنَ عَلَيَّ جَيبا، ولا تَخمُشنَ عَلَيَّ وَجها، ولا تَقُلنَ عَلَيَّ هُجرا.
٢ - ورُوِيَ مِن طَريقٍ آخَرَ: أنَّ زَينَبَ عليها السلام لَمّا سَمِعَتِ الأَبياتَ ـ وكانَت في مَوضِعٍ مُنفَرِدٍ عَنهُ مَعَ النِّساءِ وَالبَناتِ ـ خَرَجَت حاسِرَةً تَجُرُّ ثَوبَها حَتّى وَقَفَت عَلَيهِ، وقالَت: واثُكلاه! لَيتَ المَوتَ أعدَمَنِي الحَياةَ! اليَومَ ماتَت اُمّي فاطِمَةُ الزَّهراءُ، وأبي عَلِيٌّ المُرتَضى، وأخِي الحَسَنُ الزَّكِيُّ! يا خَليفَةَ الماضينَ وثِمالَ الباقينَ. فَنَظَرَ الحُسَينُ عليه السلام إلَيها وقالَ: يا اُختاه لا يَذهَبَنَّ حِلمُكِ. فَقالَت: بِأَبي أنتَ واُمّي أسَتُقتَلُ؟! نَفسي لَكَ الفِداءُ. فَرَدَّ غُصَّتَهُ وتَغَرغَرَت عَيناهُ بِالدُّموعِ، ثُمَّ قالَ: هَيهاتَ هَيهاتَ! لَو تُرِكَ القَطا لَيلاً لَنامَ! فَقالَت: يا وَيلَتاه، أفَتَغتَصِبُ نَفسَكَ اغتِصابا، فَذلِكَ أقرَحُ لِقَلبي وأشَدُّ عَلى نَفسي! ثُمَّ أهوَت إلى جَيبِها فَشَقَّتهُ، وخَرَّت مَغشِيّا عَلَيها.
٣ - إنَّ عُمَرَ بنَ سَعدٍ نادى: يا خَيلَ اللّه ِ اركَبي وأبشِري! فَرَكِبَ فِي النّاسِ، ثُمَّ زَحَفَ نَحوَهُم بَعدَ صَلاةِ العَصرِ، وحُسَينٌ عليه السلام جالِسٌ أمامَ بَيتِهِ، مُحتَبِيا بِسَيفِهِ، إذ خَفَقَ بِرَأسِهِ عَلى رُكبَتَيهِ، وسَمِعَت اُختُهُ زَينَبُ عليهاالسلام الصَّيحَةَ، فَدَنَت مِن أخيها، فَقالَت: يا أخي، أما تَسمَعُ الأَصواتَ قَدِ اقتَرَبَت؟! قالَ: فَرَفَعَ الحُسَينُ عليه السلام رَأسَهُ، فَقالَ: إنّي رَأَيتُ رَسولَ اللّه ِ صلى الله عليه و آله فِي المَنامِ، فَقالَ لي: إنَّكَ تَروحُ إلَينا، قالَ: فَلَطَمَت اُختُهُ وَجهَها، وقالَت: يا وَيلَتا!
٤ - عشية ليلة العاشر: عن الإمام السجاد (ع): إني جالس في الليلة التي قتل أبي في صبيحتها وعندي عمتي زينب تمرضني إذ اعتزل أبي في خباء له وعنده جون مولى أبي ذر الغفاري وهو يعالج سيفه ويصلحه وأبي يقول: (يا دهر أف لك من خليل) -الأبيات المعروفة- … فأعادها مرتين أو ثلاثا حتى فهمتها وعلمت ما أراد فخنقتني العبرة فرددتها ولزمت السكوت وعلمت أنّ البلاء قد نزل وأما عمتي زينب فلما سَمعت ما سمعت وهي امرأة ومن شأن النساء الرقة والجزع فلم تملك نفسها فوثبت تجر ثوبها وهي حاسرة لعظم المصاب ذهلت وقالت: واثكلاه ليت الموت أعدمني الحياة اليوم ماتت أمي فاطمة وأبي علي وأخي الحسن يا خليفة الماضي وثمال الباقي فنظر إليها الحسين (ع) وقال: (يا أختاه لا يذهبن بحلمك الشيطان) وترقرقت عيناه بالدموع قالت: يا أخي ردنا إلى حرم جدنا قال (لو ترك القطا لنام) فقالت: يا ويلتاه أتغتصب نفسك اغتصابا فذلك أقرح لقلبي وأشد على نفسي ثم لطمت وجهها وأهوت إلى جيبها فشقته وخرت مغشيا عليها.
٥ - بعد حرق الخيام: يقول الراوي (ثُمَّ أخرَجُوا النِّساءَ مِنَ الخَيمَةِ، وأشعَلوا فيهَا النّارَ، فَخَرَجنَ حَواسِرَ مُسَلَّباتٍ حافِياتٍ باكِياتٍ، يَمشينَ سَبايا في أسرِ الذِّلَّةِ وقُلنَ: بِحَقِّ اللّه ِ إلّا ما مَرَرتُم بِنا عَلى مَصرَعِ الحُسَينِ فَلَمّا نَظَرَتِ النِّسوَةُ إلَى القَتلى صِحنَ وضَرَبنَ وُجوهَهُنَّ. قالَ الرّاوي: فَوَ اللَّهِ، لا أنسى زَينَبَ ابنَةَ عَلِيٍّ عليه السلام وهِيَ تَندُبُ الحُسَينَ عليه السلام وتُنادي بِصَوتٍ حَزينٍ، وقَلبٍ كَئيبٍ: وامُحَمَّداه! ……. ، قالَ الرّاوي : فَأَبكَت وَاللّه ِ كُلَّ عَدُوٍّ وصَديقٍ .
٦ - في مجلس يزيد: وأما زينب فإنها لما رأت رأس الحسين عليه السلام أهوت إلى جيبها فشقته ثم نادت بصوت حزين يقرح الكبد ويوهى الجلد: يا حسيناه، يا حبيب جده الرسول ويا ثمرة فؤاد الزهراء البتول، يا بن بنت المصطفى يا بن مكة ومنى، يا بن علي المرتضى، فضج المجلس بالبكاء ويزيد ساكت وهو بذاك شامت، ثم دعا بقضيب فجعل ينكت ثنايا الحسين.