السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم
جاء في الامثل في تفسير كتاب الله المنزل ، للشيخ ناصر مكارم الشيرازي، الجزء : 9 صفحة : 67:
ففي البداية تشير الآية إلى قضية القيادة و دورها في مستقبل البشر فتقول:
يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ يعني أنّ الذين اعتقدوا بقيادة الأنبياء و أوصيائهم و من ينوب عنهم في كل زمان و عصر، سوف يكونون مع قادتهم و يحشرون معهم، أمّا الذين انتخبوا الشيطان و أئمّة الضلال و الظالمين و المستكبرين قادة لهم، فإنّهم سيكونون معهم و يحشرون معهم.
خلاصة القول: إنّ الارتباط بين القيادة و الأتباع في هذا العالم سوف ينعكس بشكل كامل في العالم الآخر، و طبقا لهذا الأمر سيتم تحديد الفرق الناجية، و الأخرى التي تستحق العذاب.
بالرغم من أنّ بعض المفسّرين قد حصر كلمة (إمام) ب (الأنبياء) و البعض الآخر حصرها بمعنى (الكتب السماوية) و البعض الثّالث ب (العلماء)، إلّا أنّ من الواضع أنّ كلمة (إمام) في هذا المكان لها معنى أوسع، و تشمل أية قيادة سواء تمثّلت بالأنبياء أو أئمّة الهدى أو العلماء أو الكتاب و السنة. و يدخل في معنى الكلمة أيضا أئمّة الكفر و الضلال، و بهذا الترتيب فإنّ كل إنسان سيسلك في الاخرة مسار القائد الذي انتخبه لنفسه في الدنيا اماما و قائدا.
هذا التعبير و الإشارة إلى دور الإمامة و كونها من أسباب تكامل الإنسان، يعتبر في نفس الوقت تحذيرا لكل البشرية كي تدقق في انتخاب القيادة، و لا تعطي أزمّة وجودها الفكري و الحياتي بيد أي شخص كان.
ثمّ تقسم الآية الناس يوم القيامة إلى قسمين: فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَ لا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا . أمّا القسم الآخر فهو: من كان في الدنيا أعمى القلب: وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى. و طبيعي أن يكون هؤلاء العميان القلب أضل من جميع المخلوقات وَ أَضَلُّ سَبِيلًا فهؤلاء لا يوفقون في هذه الدنيا لسلوك طريق الهداية، و لا هم في الآخرة من أصحاب الجنّة و السعادة، لأنّهم أغمضوا عيونهم عن جميع الحقائق و حرّموا أنفسهم من رؤية الحق و آيات اللّه و كل ما يؤدي إلى هدايتهم، و يقود إلى خلاصهم من المواهب العظيمة التي أعطاهم اللّه إيّاها، و لأنّ الآخرة هي صورة منعكسة لوجود الإنسان في هذه الدنيا، إذن ليس ثمّة من عجب في أن يحشر هؤلاء العميان بنفس الصورة في يوم الحشر و القيامة.
دمتم في رعاية الله