logo-img
السیاسات و الشروط
علي ( 27 سنة ) - العراق
منذ سنتين

توضيح معنى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ذُكر في القرآن الكريم أن المال والبنون زينة الحياة الدنيا.. وذُكر في آية أخرى أن الاموال والاولاد فتنة. كيف يكون ذلك؟ أرجو التوضيح شاكراً تعاونكم إيانا


إن هاتين الدعامتين المهمتين في الحياة الدنيا " المال والبنون " ليس فيهما أدنى نفع لصاحبهما يوم القيامة، وكل ما كان دون هاتين الدعامتين رتبة من الأمور الدنيوية - من باب أولى - لا نفع فيه، ولا فائدة من ورائه! وبديهي أن المراد من المال والبنين هنا ليس هو ما يكون - من المال والبنين - في مرضاة الله، بل المراد منه الاستناد إلى الأمور المادية، فالمراد إذا هو أن هذه الدعامات المادية لا تحل معضلا في ذلك اليوم ... المزید أما لو كان أي من البنين والمال في مرضاة الله فلن يكون ذلك ماديا.. إذ يصطبغ بصيغة الله ويعد من " الباقيات الصالحات "!... الآية التي بعدها تذكر وضع المال والثروة والقوة الإنسانية اللذين يعتبران ركنين أساسيين في الحياة الدنيا، حيث تقول: المال والبنون زينة الحياة الدنيا. إن هذه الآية - في الحقيقة - تشير إلى أهم قسمين في رأسمال الحياة حيث ترتبط الأشياء الأخرى بهما، إنها تشير إلى (القوة الاقتصادية) و (القوة الإنسانية) لأن وجودهما ضروري لتحقيق أي هدف مادي، خاصة في الأزمنة السابقة إذ كان من يملك أبناء أكثر يعتبر نفسه أكثر قوة، لأن الأبناء هم ركن القوة، وقد وجدنا في الآيات السابقة أن صاحب البستان الغني كان يتباهى بأمواله وأعوانه على الآخرين ويقول: أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا. لذا فإنهم كانوا يعتمدون على " البنين " جمع (ابن) والمقصود به الولد الذكر، حيث كانوا يعتبرون الولد رأسمال القوة الفعالة للإنسان، وبالطبع ليس للبنات نفس المركز أو المقام. المهم أن المال والبنون بمثابة الورد والبراعم الموجودة على أغصان الشجر، إنها تزول بسرعة ولا تستمر طويلا، وإذا لم تستثمر في طريق المسير إلى (الله) فلا يكتب لها الخلود، ولا يكون لها أدنى اعتبار. ورأينا أن أكثر الأموال ثباتا ودواما والمتمثلة في البستان والأرض الزراعية وعين الماء قد أبيدت خلال لحظات. وفيما يخص الأبناء، فبالإضافة إلى أن حياتهم وسلامتهم معرضة للخطر دائما، فهم يكونون في بعض الأحيان أعداء بدلا من أن يكونوا عونا في اجتياز المشاكل والصعوبات. ثم يضيف القرآن: والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا. بالرغم من أن بعض المفسرين أرادوا حصر مفهوم (الباقيات الصالحات) في دائرة خاصة مثل الصلوات الخمس أو ذكر: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وأمثال هذه الأمور، إلا أن الواضح أن هذا التغيير هو من السعة بحيث يشمل كل فكره وقول وعمل صالح تدوم وتبقى آثاره وبركاته بين الأفراد والمجتمعات. فقوله تعالى : " إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم " الفتنة ما يبتلى ويمتحن به ، وكون الأموال والبنين فتنة إنما هو لكونهما زينة الحياة تنجذب إليهما النفس انجذابا فتفتتن وتلهو بهما عما يهمها من أمر آخرته وطاعة ربه ، قال تعالى : " المال والبنون زينة الحياة الدنيا " الكهف : 46 . والجملة كناية عن النهي عن التلهي بهما والتفريط في جنب الله باللي إليهما ويؤكده قوله : " والله عنده أجر عظيم " .

3