( 27 سنة ) - السعودية
منذ سنة

في الذنوب والتوبه

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته سيدنا سأكتب سؤالي بشكل موجز وان شاء الله تجيبون لي نعم السؤال هو اني اسرفت في المعصيه جدا وانا اريد التوبه والرجوع الى الله لكن في نفس الوقت انا قلق انا حقيقة سأكون في وضع حرج اذا وقفت بين يدي الله في الحساب بسبب مافعلت من ذنوب ومعاصي كثيره جدا انا اريد التوبه لكن هل الله يقبلني بعد هذا الكم الكثير من العصيان بشكل واضح جدا وشكرا لكم


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم ، نشكر تواصلك معنا إنّ رحمة الله سبحانه قضت بغفران صغائر الذنوب وتكفيرها في حق من اجتنب الكبائر، وهناك أبواب كثيرة مفتوحة لذلك ،ومنها التوبة ولابد من تحقق شروط التوبة . ومن هذه الأبواب المرجوة إمكانية شمول عفو الله ومغفرته للعاصي، لأنه وإن كان مستحقاً للعقوبة، إلاّ أنّ إمكانية العفو تبقى واردة، وعلى الإنسان مهما بلغت ذنوبه أن يحسن الظن بربه ويثق برحمته الواسعة، ويطمأن إلى وعده بأنه يغفر كافة الذنوب إلا الشرك، قال تعالى: {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}(النساء:50)، وقد جاء في الحديث القدسي: "ولكن برحمتي فليثقوا، وفضلي فليرجعوا إلى حسن الظن بي فليطمئنوا، فإن رحمتي عند ذلك تدركهم"(الكافي2/71). وإنّ الذنوب بأسرها بما فيها الكبائر قد تقع في محل عفو الله وصفحه، ولا يجوز أن ييأس العاصي من رحمة الله، فإنّ اليأس من أكبر الآثام ويُعبّر عن سوء الظن بالله، أجل إنه وفي الوقت الذي يحرم اليأس والقنوط من روح الله فإنه لا يجوز الأمن من مكر الله، بمعنى شعور العاصي بالاطمئنان والأمن من عذابه تعالى، فإن ذلك مدعاة لمزيد من الجرأة على الله والتمادي في معصيته، ولذا كان الأمن من مكر الله كما اليأس من روحه كبيرة من الكبائر، ففي الحديث عن عبد العظيم الحسني قال: حدثني أبو جعفر(ع) سمعت أبي يقول: سمعت أبي موسى بن جعفر يقول: دخل عمرو بن عبيد على أبي عبد الله(ع) فلما سلّم وجلس تلا هذه الآية {الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش} ثم أمسك، قال له أبو عبد الله(ع):" ما أسكتك؟ قال: أحبّ أن أعرف الكبائر من كتاب الله عز وجل، فقال(ع): "أكبر الكبائر: الإشراك بالله، يقول الله: {إنّه من يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنة}(المائدة:72)، وبعده الأياس من روح الله، لأنّ الله عز وجل يقول: {إنه لا ييأس من روح الله إلاّ القوم الكافرون}(يوسف:88)، ثم الأمن لمكر الله، لأن الله عز وجل يقول: {فلا يأمن مكر الله إلاّ القوم الخاسرون}(الأعراف:99)... (الكافي2/285). وفي ضوء ذلك، فإنه يجدر بالمؤمن العاقل بل يتعيّن عليه أن يعيش دائماً بين الخوف والرجاء، فلا يصل خوفه إلى حد اليأس من روح الله، ولا يبلغ رجاؤه إلى حد الأمن من مكره تعالى، وقد ورد في الحديث عن الإمام الصادق(ع):" كان فيما أوصى به لقمان لابنه أن قال: "يا بني خفْ الله خوفاً لو جئته ببرّ الثقلين خفت أن يعذبك الله، وارج الله رجاءً لو جئته بذنوب الثقلين رجوت أن يغفر الله لك"(الكافي ج2 ص67). ولا يتوهمن متوهم أن الحديث عن غفران الذنوب بأجمعها سوف يجرّئ العباد على ارتكاب المعاصي أكثر فأكثر اتكاءً على سعة عفوه وعظيم مغفرته تعالى، والوجه في بطلان هذا التوهم: أنّ الحديث هنا هو عن إمكانية العفو لا حتميته، والعبد العاصي حيث أنه لا يستطيع أن يجزم أو يطمأن أنه أهلٌ لعفو الله إذا لم يتب إلى الله من ذنوبه ويعمل صالحاً فسوف لن يتجرأ على المعاصي إذا كان عاقلاً وحريصاً على حفظ نفسه من المهالك، ولذا ورد في الحديث عن الإمام الصادق(ع):" إرجُ الله رجاءً لا يجرّئك على معاصيه، وخف الله خوفاً لا يؤيسك من رحته" (الأمالي للصدوح ص:65). إن الرجاء الحقيقي لرحمة الله دافع للعمل وباعث نحوه ليس مثبطاً عنه. وتحجج بعض العصاة الذين يصرون على ارتكاب الذنوب بسعة عفو الله وعظيم رحمته هو من الأماني الشيطانية الكاذبة والمخادعة، في الحديث عن أبي عبد الله(ع) قال: "قلت له: قوم يعملون بالمعاصي ويقولون: نرجو، فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم الموت، فقال: هؤلاء قوم يترجّحون في الأماني كذبوا، ليسوا براجين، من رجا شيئاً طلبه، ومن خاف من شيء هرب منه"(الكافي2/68). دمتم في رعاية الله