سلام عليكم
هناك رأي يقول أن الإنسان الذي يتعامل بفطرته السليمة حيث أنه لا يسرق و لا يقتل و لا يرتكب ما يؤذي الآخرين و لكنه سواء كان مؤمنا بدين او لا فإنه يدخل الجنة أي أن المؤمن المسلم و المسيحي و الكافر كلهم في الجنة لأنهم أناس اخيار بغض النظر عن معتقدهم. فالذي لا يصلي يدخل الجنة لأنه لا يؤذي احداً.
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اهلا بكم في تطبيقكم المجيب
ليس المعيار في الفوز يوم الحساب هو العمل الصالح وعدم ظلم الاخرين وكونه موافقا للفطرة السليمة او الاخلاقيات التي عليها انسانية الانسان فهذا الجانب العملي من حياة الانسان وهناك جانب اعظم منه واكبر منه وهذا الجانب خاضع له في غالب الاحيان وهو الجانب العقدي والفكري والعقلي عند الانسان والذي تحكمه الفطرة السليمة ايضا ولكن مع الاسف الشديد يتم التركيز على الفطرة من جانب الاعمال الاخلاقية ولا يسلط الضوء على الفطرة في جانب الفكر والعقيدة فان الانسان بفطرته ومرتكزه القلبي يبحث عن خالقه وانه من اين اتى وماهي الغاية من وجوده والى اين يسير فالاسئلة الفكرية هي التي تاخذ بالانسان نحو البحث ولذا لا تجد انسانا منصفا بفطرته العقلية الا وله معبود يعبده كي يحقق ما تنشده فطرته ومن هنا فبعضهم من يقصد خالقا لا يمت للحقيقة بشيء كمن يعبد الاصنام او غيرها ظنا منه انها هي الخالق له ومن هنا يرسل الله تعالى له من يعلمه ان هذا الذي تعكف عليه ليس هو خالقك بل خالقك اعظم واعظم الى قطع الانفاس وكلما تعرفت اكثر على خالقك فانك سوف ترتقي وتحقق كل ما ترومه فطرتك في عبادتك لهذا الخالق العظيم
وكل من يصل له صوت السماء ويبقى مصرا على ما هو عليه فهو بالنتيجة يريد ان يقف بوجه خالقه وبدلا ان يرتقي سوف ينحدر ومن هنا كان استحقاق العقاب له لا لان الله تعالى يريد عذابه بل لاجل انه هو من اختار الانحدار والتسفل الفكري والعقدي واستهان بعقله وقلبه و فكره وجعل الوهم والضلال عن الحق طريقه بالتالي لا يمكن ان يصل الى النعيم الحقيقي والارتقاء بنفسه الى المراتب الراقية والعالية فانه كالسائر في الظلام ويرى النور من بعيد ومع ذلك لا يذهب الى النور وانما يذهب الى غياهب الظلمة فكونه في الظلام ليس من فعل النور وانما من فعل نفسه التي تعالت وتمردت على النور ولا تطلبه النور فكان حقا عليها ان تكون في الظلمات
لاحظ اخي الكريم كيف ان الانسان المتمرد على فطرته العقلية بعد ان يرسل له خالقه الرسل ويبين له الطرق لاحظ كيف يكون مستحقا للعقاب والضياع.
وملخص الكلام ان النجاة يوم الحساب ليس رهن العمل الصالح فقط وانما الاساس في النجاة هو الفطرة التي تدعو الى الله تعالى فمن خالفها فقد جنى على نفسه اكثر من ان يظلم الاخرين وقد صدق لقمان في وعظ ابنه: ((وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)) (لقمان:13).
اذا اتضح كل هذا يتضح جليا ان الله تعالى الذي نؤمن به لم يترك عباده عبثا وهو يعلم انهم لا يهتدون الى الحق بيسر وسهولة بل لو ترك الانسان لنفسه الامارة بالسوء فانه بلا شك يضل ضلالا بعيدا ولاجل ان يساعدهم ويهديهم الى طريق الحق بعث لهم الانبياء عليهم السلام وهؤلاء جاؤوا يعلمونهم الحق ويبعدونهم عن الضلال ويحذرونهم من يوم يحاسب الانسان فيه على عقيدته وعمله واستمر الانبياء تباعا مراعاة لمستوى الناس الى ان انتهى الامر الى خاتمهم وسيدهم وهو النبي الخاتم صلى الله عليه واله وسار على ما سار عليه الانبياء ومن بعده جعل الله تعالى الائمة وهم الهداة المهديين كي ياخذوا بيد الناس الى جادة الامان والى بر الصواب والهداية
وعلى الانسان ان يتابع تفاصيل هذه الامور فان فيها الفوز والنجاة ولا يوجد من يكره الخير لنفسه خاصة اذا كان من عند ربه فما يريده الله تعالى وشرعه لنا هو في اعلى مراتب الهداية والصلاح والفلاح وكل من تخلف عن شيء منها فقد ترك ما اعده الله تعالى له من الخير الوفير وبالتالي سيفقد يوم القيامة تلك المنزلة والمقام عند الله تعالى ويكون في مرتبة ادنى وهكذا الى ان يكون في مراتب دانية ثم يحاسب على ما صدر منه من فساد وضلال فيعاقب عليها وبالدقة هو الانسان الذي يحدد مصيره بان يسير نحو الهاوية برجليه لسوء اختياره وعدم اهتدائه للحق.
تحياتي لكم
ودمتم بحفظ الله ورعايته