عبد الله ( 22 سنة ) - السعودية
منذ سنة

تفسير اية ٣٤ سورة (ص)

بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمت الله وبركاته اللهم صل على محمد وآله الطيبين الطاهرين ما تفسير هذه الاية الكريمة ( وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ) سورة ص الاية ٣٤


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم جاء الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ١٤ - الصفحة ٥١٠-٥١٢: " الكرسي " يعني الأريكة ذات الأرجل القصيرة، ويبدو أنه كان للسلاطين نوعان من الكراسي، الأول: له أرجل قصيرة يستخدم في الأوقات العادية، والثاني: له أرجل أطول يستخدمها السلاطين في اجتماعاتهم الرسمية، ويطلق على الأول اسم (كرسي) وعلى الثاني اسم (عرش). " الجسد " يعني الجسم الذي لا روح فيه، وكما يقول الراغب في مفرداته: إن لها مفهوما أكثر محدودية من مفهوم الجسم، لأن كلمة الجسد لا تطلق على غير الإنسان إلا نادرا، ولكن كلمة الجسم لها طابع عام. يستفاد من هذه الآيات بصورة عامة أن موضوع امتحان سليمان كان بواسطة جسد خال من الروح القي على كرسيه وأمام عينيه، أمر لم يكن يتوقعه، وآماله كانت متعلقة بشئ آخر، والقرآن لا يعطي تفصيلات أخرى في هذا المجال. وقد أورد المفسرون والمحدثون تفسيرات متعددة في هذا المجال، أفضلها وأوضحها ما يلي: إن سليمان (عليه السلام) كان متزوجا من عدة نساء، وكان يأمل أن يرزق بأولاد صالحين شجعان ليساعدوه في إدارة شؤون البلاد وجهاد الأعداء، فحدث نفسه يوما قائلا: لأطوفن على نسائي كي ارزق بعدد من الأولاد لعلهم يساعدونني في تحقيق أهدافي، ولكونه غفل عن قول (إن شاء الله) بعد تمام حديثه مع نفسه، تلك العبارة التي تبين توكل الإنسان على الله سبحانه وتعالى في كل الأمور والأحوال، فلم يرزق سوى ولد ميت ناقص الخلقة جئ به والقي على كرسي سليمان (عليه السلام). سليمان (عليه السلام) غرق - هنا - في تفكير عميق، وتألم لكونه غفل عن الله لحظة واحدة واعتمد على قواه الذاتية، فتاب إلى الله وعاد إليه. وهناك تفسير آخر يمكن طرحه بعد التفسير الأول وهو: إن الله سبحانه وتعالى إمتحن سليمان بمرض شديد، بحيث طرحه على كرسيه كجسد بلا روح من شدة المرض، وعبارة (جسد بلا روح) مألوفة ودارجة في اللغة العربية إذ تطلق على الإنسان الضعيف والعليل. وفي نهاية الأمر تاب سليمان إلى الله، وأعاد الله إليه صحته، وعاد كما كان قبل مرضه (والمراد من (أناب) هنا عودة الصحة والعافية إليه). بالطبع هناك إشكال ورد على هذا التفسير إذ أن عبارة (ألقينا) كان يجب أن تأتي بصورة (ألقيناه) حتى تتناسب مع التفسير المذكور أعلاه، يعني أنا ألقينا سليمان على كرسيه جسدا بلا روح، في حين أن هذه العبارة لم ترد في الآية بتلك الصورة، وتقديرها مخالف للظاهر. عبارة (أناب) في هذا التفسير جاءت بمعنى عودة الصحة والعافية إليه، وهذا أيضا مخالف للظاهر، أما إذا اعتبرنا أن معنى (أناب) هو التوبة والعودة إلى الله، فإنها لا تلحق أي ضرر بالتفسير، ولهذا فإن الشئ الوحيد المخالف لظاهر الآية - هنا - هو حذف ضمير عبارة (ألقيناه). القصص الكاذبة والقبيحة التي تحدثت عن فقدان خاتم سليمان، وعثور أحد الشياطين عليه، وجلوس ذلك الشيطان على عرش سليمان، كما ورد في بعض الكتب التي لا يستبعد أن يكون مصدرها هو كتاب (التلمود) اليهودي الملئ بالخرافات الإسرائيلية بما لا يتناسب مع العقل والمنطق. وهذه القصص - في حقيقة الأمر - دليل انحطاط أفكار مبتدعيها، ولهذا فإن المحققين المسلمين أينما ذكروها أعلنوا بصراحة زيفها وكونها مجرد اختلاقات، وقالوا: إن مقام النبوة والحكومة الإلهية غير مرتبط بالخاتم، ولم يسترد الباري عز وجل النبوة من أحد أنبيائه بعد أن بعثه بها، حتى يبعث الشيطان بصورة نبي ليجلس مكان سليمان (40) يوما يحكم فيها بين الناس ويقضي بينهم . دمتم في رعاية الله