ROQAYA 💖. ( 14 سنة ) - إلسلفادور
منذ سنة

الصبر

ما الثمار المترتبة على صبر الإمام الحسين عليه السلام ؟


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم إنّ صبر الإمام الحسين (عليه السلام) هو الذي صان الإسلام على مرّ التاريخ وحتّى يومنا هذا؛ وفي الحقيقة لولا صبر الإمام الحسين(عليه السلام), ذلك الصبر التاريخيّ في كربلاء وقبيل واقعة كربلاء وفي مقدّماتها وما سبقها, فلا شكّ أنّه بمرور قرنٍ واحدٍ من الزمان, لم يكن ليبقى من الإسلام حتّى اسمه؛ بيد أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) أحيى الدّين ببركة صبره الذي لم يكن صبراً هيّناً. الصبر إنّما يمكن أن يفهم في موقع الصبر وظرفه.كثيراً ما كان يأتي إلى الإمام الحسين(ع) من الكبار والمحدّثين والشخصيّات البارزة والمعروفة وأصحاب الجاه والعقلاء والمحبّين وأنصاف المحبّين الذين كانوا يقولون له: أيّها السيّد! إنّك تقوم بعمل لا فائدة منه, أنت تقوم بإهلاك نفسك وعائلتك وآل بيت الرسول بهذا العمل, وتذلّ أهل الحقّ!", كانوا يتحدّثون بمثل هذا الكلام. ومنذ البداية وما إن علم بعضهم بأنّ الإمام الحسين (عليه السلام) قد عزم على المسير من مكّة, حتّى بدأت هذه الموانع الأخلاقيّة المتعدّدة تظهر أمامه، واستمرّت حتّى ليلة عاشوراء. لقد صبر الإمام الحسين (عليه السلام) أمام مثل هذه الحوادث. يحتاج الصبر إلى الكثير من القدرة. فالصبر ليس دائماً على الضغوط والمصائب الجسميّة. الصبر أيضا في مقابل الضغوط المصلحيّة والنفعيّة, وعدم التخلّي عن الطريق البيّن والواضح, هو ذلك الصبر العظيم والجميل الذي تحمّله أبي عبد الله الحسين (عليه السلام). ثمّ في يوم عاشوراء, صبر الإمام (عليه السلام) مرّة أخرى أمام ذلك الوضع المفجع, إذ قطّعت أجساد كلّ واحد من أصحابه وأهل بيته إرباً إرباً. لم يكن الأمر مجرّد سقوط قذيفة قتلت عدداً من النّاس؛ لا. فكلّ واحد كان يُقتل من أصحابه وأهل بيته كان بمثابة قطعة تنفصل من بدنه الشريف, وكان يصبر على كلّ واحد منهم. وقد شرب جرعات الصبر هذه كلّها واحدة تلو الأخرى؛ والنتيجة كانت معروفة؛ أنّ تلك القيم التي أراد الإمام الحسين (عليه السلام) بقاءها- القرآن, واسم الإسلام, والقيم الإسلاميّة وحديث النبيّ صلى الله عليه وآله- قد بقيت. وبقي, في دائرة أضيق وأهمّ, التشيّع الذي هو مذهب أهل البيت (عليهم السلام). وجاء في رواية عن الامام الصادق، عن أبيه الباقر، عليهما السلام، أنه لما احتدمت المعركة بين جيش الامام وجيش عمر بن سعد، "أنزل الله النصر حتى رفرف على رأس الحسين عليه السلام ثم خير بين النصر على أعدائه وبين لقاء الله تعالى، فاختار لقاء الله تعالى"، (بحار الانوار- ج45- ص12)، فربما كان الله –تعالى- ينصر الامام الحسين على جيش عمر بن سعد، وعلى أهل الكوفة بأجمعهم، وعلى أكبر قوة عسكرية آنذاك، بيد أن طموح الامام الحسين، لم تكن عسكرية ولا سياسية بأن يدخل الكوفة فاتحاً منتصراً، معه لواء الحق، وهو ابن بنت رسول الله، إنما اراد أن يواجه تقلبات المجتمع واسقاطات النفس البشرية لإصلاحها من الجذور رغم قساوتها، وهذا يحتاج الى قدر كبير جداً من الصبر، ربما لا يتوفر إلا لرجل مثل الامام الحسين، عليه السلام، في تلك اللحظة الحاسمة جاء في رواية عن الامام الصادق، عن أبيه الباقر، عليهما السلام، أنه لما احتدمت المعركة بين جيش الامام وجيش عمر بن سعد، "أنزل الله النصر حتى رفرف على رأس الحسين عليه السلام ثم خير بين النصر على أعدائه وبين لقاء الله تعالى، فاختار لقاء الله تعالى"، (بحار الانوار- ج45- ص12)، فربما كان الله –تعالى- ينصر الامام الحسين على جيش عمر بن سعد، وعلى أهل الكوفة بأجمعهم، وعلى أكبر قوة عسكرية آنذاك، بيد أن طموح الامام الحسين، لم تكن عسكرية ولا سياسية بأن يدخل الكوفة فاتحاً منتصراً، معه لواء الحق، وهو ابن بنت رسول الله، إنما اراد أن يواجه تقلبات المجتمع واسقاطات النفس البشرية لإصلاحها من الجذور رغم قساوتها، وهذا يحتاج الى قدر كبير جداً من الصبر، ربما لا يتوفر إلا لرجل مثل الامام الحسين، عليه السلام، في تلك اللحظة الحاسمة إنه السؤال الجدير بنا طرحه لنعرف الوجه الحقيقي للصبر، وكيف استحال يوم عاشوراء الى قوة قاهرة حطمت السيوف والرماح، وهزمت، ليس فقط تلك الجموع المغرر بها والمخدوعة من أهل الكوفة، وإنما قوة الدولة الأموية برمتها، ومن ثمّ كل قوة جاءت في التاريخ لتقف بوجه قيم ومبادئ النهضة الحسينية ليبقى الحسين منتصراً طول الزمن؟ إنه القرآن الكريم الذي نشأ عليه الامام الحسين واستلهم منه الحِكَم والدروس الرسالية، فقد قرأ، عليه السلام، الآيات الكريمة التي تروي تجارب الأمم المنتصرة تحت لواء الرسالة السماوية من خلال الصبر لا غير، فالمؤمنين برسالات السماء كانوا الأقلية مع الانبياء والمرسلين في مواجهة الطغاة، فلم يأت في القرآن الكريم وسيلة يعطيها الله لهم سوى الصبر، والمثال الأقرب لنا؛ المسلمون الأوائل في صدر الاسلام ممن خاضوا المعارك ضد الكفار والمشركين، ومنها؛ معركة بدر الظافرة التي بشّرتهم السماء بمفتاح النصر بالصبر: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ}، (سورة الانفال، الآية 65)، وثمة آيات كريمة اخرى لمن يراجع القرآن الكريم تحكم الربط بين الصبر وبين انتصار أقوام آمنوا بالانبياء والمرسلين، فبقدر الصبر كان النصر، كما في قصة طالوت الملك وجالوت الطاغية الكافر، فانتصر بنو اسرائيل على جيش جالوت رغم قلة عددهم، {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}، (سورة البقرة، الآية249). الصبر الذي استحال قوة قاهرة عند المسلمين الأوائل الى جانب رسول الله، والى عهد قريب من الامام الحسين، وايضاً عند المؤمنين من اتباع الانبياء والمرسلين في التاريخ، هو الطريق الرابط بين الانسان ذو القدرات المحدودة، وبين ربه، ذو القدرات اللامحدودة، وفي واقعة الطف تجلّت مصاديق الإيمان بأروع صورها في شخص الإمام الحسين، وابنائه واصحابه، وحتى النسوة والفتيات في الخيام، وإلا ما الذي يجعل زوجة شابة لم يمض على عرسها سوى أيام أن تعبئ زوجها "العريس" لأن يقتل في سبيل قيم السماء بين يدي الامام الحسين، وكذا كان موقف أمه، علماً أن العائلة كلها حديثة العهد بالاسلام، فقد كان وهب مسيحياً قبل ان يستبصر ويسجل اسمه في قائمة الخالدين؟ ونفس موقف تلك المرأة التي ترمّلت للتوّ بزوجها، فأخذت ابنها الشاب الصغير والبسته لامة الحرب وارسلته الى الامام الحسين ليقاتل دونه، والقصة معروفة، وهو صاحب الابيات: "أميري حسينٌ"؟ عندما انهمرت الدماء من عنق رضيعه بذلك السهم رداً على طلبه إراوئه شربة ماء، أول كلمة نطق بها الامام الحسين: "هوّن ما نزل بيّ إنه بعين الله"، هذا الصبر الذي يقطع الانسان عن كل اسباب القوة المادية للرد او الانتقام، ليبقى فعل الخطأ والباطل والانحراف دون رد مماثل يوسع من الدائرة السوداء في ساحة المواجهة، وليعرف الناس على مر التاريخ ما هي القسوة التي قتل بها الرضيع؟ وما هي صورتها؟ بل كيف يكون الانسان قاسياً فيقدم على القتل والذبح بدم بارد؟ كما يعرف الناس والعالم من هو صاحب الحق ولو بعد حين. فلو أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) لم يقم بهذا العمل, فلن تمضي برهة وجيزة حتّى يذهب الإسلام من أساسه. كان الإمام الحسين (عليه السلام)- في الواقع- بمثابة ذلك الوتد العظيم الذي حفظ بدمائه هذه الخيمة المضروبة بالطوفان. وليس هذا أكبر ملحمة في تاريخ الإسلام وحسب؛ بل أكبر ملحمة في التاريخ قاطبة. ينبغي أن يحفظ ذلك ويبقى حيّاً, وينبغي على الدوام الاستفادة منه كمفتاح حلّ للعقد والمعضلات في تاريخ المسلمين. دمتم في رعاية الله

3