مجتبى علي ( 17 سنة ) - العراق
منذ سنتين

ايه الافك

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته هنالك العديد من الروايات لدى الشيعه تقول ان ايه الافك نازله ب عائشه فما صحه هذه الروايات و شكرا جزيلا


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اهلا وسهلا بالسائل الكريم نقاش غير واحد من الاعلام في تفسيره هذه الروايات ومنهم السيد الطباطبائي في تفسير الميزان ما لفظة: ‏في الدر المنثور، أخرج عبد الرزاق و أحمد و البخاري و عبد بن حميد و مسلم و ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و ابن مردويه و البيهقي في الشعب عن عائشة قالت: كان رسول الله ص إذا أراد أن يخرج إلی سفر- أقرع بين أزواجه- فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله ص معه. قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي- فخرجت مع رسول الله ص بعد ما نزل الحجاب- و أنا أحمل في هودجي و أنزل فيه- فسرنا حتی إذا فرغ رسول الله ص من غزوته تلك و قفل. فدنونا من المدينة قافلين آذن ليلة بالرحيل- فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتی جاوزت الجيش- فلما قضيت شأني أقبلت إلی رحلي- فإذا عقد لي من جزع ظفار١ قد انقطع- فالتمست عقدي و حبسني ابتغاؤه- و أقبل الرهط الذين كانوا يرحلون بي فاحتملوا هودجي- فرحلوه علی بعيري الذي كنت أركب، و هم يحسبون أني فيه، و كانت النساء إذ ذاك خفافا لم يثقلهن اللحم- إنما تأكل المرأة العلقة٢ من الطعام- فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه- و كنت جارية حديثة السن فبعثوا الجمل فساروا فوجدت عقدي بعد ما استمر الجيش- فجئت منازلهم و ليس بها داع و لا مجيب- فيممت منزلي الذي كنت به- فظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إلي- فبينا أنا جالسة في منزل غلبتني عيني فنمت. ‏و كان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكراني- من وراء الجيش فأدلج‌٣ فأصبح عند منزلي- فرأی سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني- و كان يراني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني- فخمرت وجهي بجلبابي- و الله ما كلمني كلمة واحدة و لا سمعت منه كلمة غير استرجاعه- حتی أناخ راحلته فوطئ علی يديها فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتی أتينا الجيش- بعد أن نزلوا موغرين في نحر الظهيرة- فهلك في من هلك. ‏و كان الذي تولی الإفك عبد الله بن أبي بن سلول- فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمت شهرا- و الناس يفيضون في قول أصحاب الإفك- لا أشعر بشي‌ء من ذلك، و هو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله ص- اللطف الذي كنت أری منه حين اشتكی- إنما يدخل علي فيسلم ثم يقول: كيف تيكم؟ ثم ينصرف فذاك الذي يريبني‌ ‏و لا أشعر بالشر- حتی خرجت بعد ما نقهت و خرجت معي أم مسطح- قبل المناصع‌٤ و هي متبرزنا و كنا لا نخرج إلا ليلا إلی ليل، و ذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا- و أمرنا أمر العرب الأول في التبرز قبل الغائط- فكنا نتأذی بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا. ‏فانطلقت أنا و أم مسطح- فأقبلت أنا و أم مسطح قبل بيتي- قد أشرعنا٥ من ثيابنا- فعثرت أم مسطح في مرطها٦ فقالت: تعس مسطح- فقلت لها: بئس ما قلت أ تسبين رجلا شهد بدرا؟ قالت: أي هنتاه‌٧ أ و لم تسمعي ما قال؟ قلت: و ما قال: ‏فأخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضا علی مرضي. ‏فلما رجعت إلی بيتي دخل علي رسول الله ص- فسلم ثم قال: كيف تيكم؟ ‏فقلت: أ تأذن لي أن آتي أبوي؟ قالت: و أنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما- قالت: فأذن لي رسول الله ص فجئت لأبوي- فقلت لأمي: يا أمتاه ما يتحدث الناس؟ قالت يا بنية هوني عليك- فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها- و لها ضرائر إلا أكثرن عليها- فقلت: سبحان الله و لقد تحدث الناس بهذا؟ ‏فبكيت تلك الليلة حتی أصبحت- لا يرقأ لي دمع و لا أكتحل بنوم ثم أصبحت أبكي. ‏و دعا رسول الله ص علي بن أبي طالب- و أسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستأمرهما في فراق أهله، فأما أسامة فأشار علی رسول الله ص- بالذي يعلم من براءة أهله- و بالذي يعلم لهم في نفسه من الود فقال: يا رسول الله أهلك و لا نعلم إلا خيرا، و أما علي بن أبي طالب فقال: يا رسول الله لم يضيق الله عليك، و النساء سواها كثيرة و إن تسأل الجارية تصدقك، فدعا رسول الله ص بريرة فقال: أي بريرة هل رأيت شيئا يريبك؟ قالت بريرة: لا و الذي بعثك بالحق- إن رأيت عليها أمرا أغمضه أكثر من أنها جارية حديثة السن- تنام عن عجين أهلها فيأتي الداجن فيأكله. ‏فقام رسول الله ص فاستعذر يومئذ من عبد الله بن أبي- فقال و هو علی المنبر: ‏يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل- بلغني أذاه في أهل بيتي- فوالله ما علمت علی أهلي إلا خيرا، و لقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا- و ما كان يدخل علی أهلي إلا معي. ‏فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال: يا رسول الله أنا أعذرك منه- إن كان من الأوس ضربت عنقه- و إن كان من إخواننا من بني الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك، فقام سعد بن عبادة و هو سيد الخزرج- و كان قبل ذلك رجلا صالحا و لكن احتملته الحمية فقال لسعد: كذبت لعمر الله ما تقتله و لا تقدر علی قتله، فقام أسيد بن حضير- و هو ابن عم سعد فقال لسعد بن عبادة: كذبت لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين، فتثاور الحيان: الأوس و الخزرج- حتی هموا أن يقتتلوا و رسول الله ص قائم علی المنبر- فلم يزل رسول ص يخفضهم حتی سكتوا و سكت. ‏فبكيت يومي ذلك فلا يرقأ لي دمع و لا أكتحل بنوم- فأصبح أبواي عندي و قد بكيت ليلتين و يوما- لا أكتحل بنوم و لا يرقأ لي دمع- و أبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي. ‏فبينما هما جالسان عندي و أنا أبكي- فاستأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها فجلست تبكي معي- فبينما نحن علی ذلك دخل علينا رسول الله ص ثم جلس- و لم يجلس عندي منذ قيل في ما قيل قبلها- و قد لبث شهرا لا يوحی إليه في شأني بشي‌ء، فتشهد حين جلس ثم قال: أما بعد يا عائشة إنه بلغني عنك كذا و كذا- فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، و إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله و توبي إليه- فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه. ‏فلما قضی رسول الله ص مقالته قلص‌٨ دمعي- حتی ما أحس منه قطرة، فقلت لأبي: أجب عني رسول الله ص. قال: و الله ما أدري ما أقول لرسول الله ص، فقلت لأمي: أجيبي عني رسول الله ص، قالت: و الله ما أدري ما أقول لرسول الله ص. ‏فقلت و أنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن: إني و الله لقد علمت أنكم سمعتم هذا الحديث- حتی استقر في أنفسكم و صدقتم به- فلئن قلت لكم: إني بريئة و الله يعلم أني بريئة- لا تصدقوني، و لئن اعترفت لكم بأمر- و الله يعلم أني منه بريئة لتصدقني، و الله لا أجد لي و لكم مثلا إلا قول أبي يوسف: فصبر جميل و الله المستعان علی ما تصفون. ‏ثم تحولت فاضطجعت علی فراشي- و أنا حينئذ أعلم أني بريئة و أن الله مبرئي ببراءتي- و لكن و الله ما كنت أظن- أن الله منزل في شأني وحيا يتلی، و لشأني في نفسي كان أحقر- من أن يتكلم الله في بأمر يتلی، و لكن كنت أرجو أن يری رسول الله ص رؤيا- يبرئني الله بها. ‏قالت: فوالله ما رام رسول الله ص مجلسه- و لا خرج أحد من أهل البيت حتی أنزل عليه- فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي- حتی إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق- و هو في يوم شات من ثقل القول الذي أنزل عليه- فلما سری عن رسول الله ص سری عنه و هو يضحك- فكان أول كلمة تكلم بها أن قال: أبشري يا عائشة أما الله فقد برأك، فقالت أمي: قومي إليه، فقلت: و الله لا أقوم إليه و لا أحمد- إلا الله الذي أنزل براءتي، و أنزل الله: «إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ‌» العشر الآيات كلها. ‏فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر، و كان ينفق علی مسطح بن أثاثة لقرابته منه و فقره: و الله لا أنفق علی مسطح شيئا أبدا- بعد الذي قال لعائشة ما قال فأنزل الله: «وَ لا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَ السَّعَةِ- أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبی‌ وَ الْمَساكِينَ‌- إلی قوله- رَحِيمٌ‌» قال أبو بكر: و الله إني أحب أن يغفر الله لي فرجع إلی مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، و قال: و الله لا أنزعها منه أبدا. ‏قالت عائشة: فكان رسول الله ص يسأل- زينب ابنة جحش عن أمري فقال: ‏يا زينب ما ذا علمت أو رأيت؟ فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي و بصري ما علمت إلا خيرا، قالت: و هي التي كانت تساميني من أزواج النبي ص- فعصمها الله بالورع، و طفقت أختها حمنة تحارب لها- فهلكت فيمن هلك من أصحاب الإفك: أقول: و الرواية مروية بطرق أخری عن عائشة أيضا و عن عمر و ابن عباس و أبي هريرة و أبي اليسر الأنصاري و أم رومان أم عائشة و غيرهم و فيها بعض الاختلاف: ‏و فيها إن الذين جاءوا بالإفك- عبد الله بن أبي بن سلول و مسطح بن أثاثة- و كان بدريا من السابقين الأولين من المهاجرين، و حسان بن ثابت، و حمنة أخت زينب زوج النبي ص. ‏و فيها أن النبي ص دعاهم بعد ما نزلت آيات الإفك- فحدهم جميعا غير أنه حد عبد الله بن أبي حدين- و إنما حده حدين- لأنه من قذف زوج النبي ص كان عليه حدان. ‏و في الروايات علی تقاربها في سرد القصة إشكال من وجوه: ‏أحدها: أن المسلم من سياقها أن النبي ص كان في ريب من أمر عائشة بعد تحقق الإفك كما يدل عليه تغير حاله بالنسبة إليها في المعاملة باللطف أيام اشتكائها و بعدها حتی نزلت الآيات، و يدل عليه قولها له حين نزلت الآيات و بشرها به: بحمد الله لا بحمدك، و في بعض الروايات أنها قالت لأبيها و قد أرسله النبي ص ليبشرها بنزول العذر: بحمد الله لا بحمد صاحبك الذي أرسلك، تريد به النبي ص، و في الرواية الأخری عنها: أن النبي ص لما وعظها أن تتوب إلی الله إن كان منها شي‌ء و في الباب امرأة جالسة قالت له عائشة: أ ما تستحي من هذه المرأة أن تذكر شيئا، و من المعلوم أن هذا النوع من الخطاب المبني علی الإهانة و الإزراء ما كان يصدر عنها لو لا أنها وجدت النبي في ريب من أمرها. كل ذلك مضافا إلی التصريح به في رواية عمر ففيها: «فكان في قلب النبي ص مما قالوا». ‏و بالجملة دلالة عامة الروايات علی كون النبي ص في ريب من أمرها إلی نزول العذر مما لا ريب فيه، و هذا مما يجل عنه مقامه (ص) كيف؟ و هو سبحانه يقول: ‏«لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَ قالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ‌» فيوبخ المؤمنين و المؤمنات علی إساءتهم الظن و عدم ردهم ما سمعوه من الإفك فمن لوازم الإيمان حسن الظن بالمؤمنين، و النبي ص أحق من يتصف بذلك و يتحرز من سوء الظن الذي من الإثم و له مقام النبوة و العصمة الإلهية. ‏علی أنه تعالی ينص في كلامه علی اتصافه (ص) بذلك إذ يقول: «وَ مِنْهُمُ الَّذِينَ‌ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَ يَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ رَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّـهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ»: التوبة: ٦١. ‏علی أنا نقول: إن تسرب الفحشاء إلی أهل النبي ينفر القلوب عنه فمن الواجب أن يطهر الله سبحانه ساحة أزواج الأنبياء عن لوث الزنا و الفحشاء و إلا لغت الدعوة و تثبت بهذه الحجة العقلية عفتهن واقعا لا ظاهرا فحسب، و النبي ص أعرف بهذه الحجة منا فكيف جاز له أن يرتاب في أمر أهله برمي من رام أو شيوع من إفك. ‏و ثانيها: أن الذي تدل عليه الروايات أن حديث الإفك كان جاريا بين الناس منذ بدأ به أصحاب الإفك إلی أن ختم بحدهم أكثر من شهر و قد كان حكم القذف مع عدم قيام الشهادة معلوما و هو جلد القاذف و تبرئة المقذوف شرعا فما معنی توقف النبي ص عن حد أصحاب الإفك هذه المدة الطويلة و انتظاره الوحي في أمرها حتی يشيع بين الناس و تتلقاه الألسن و تسير به الركبان و يتسع الخرق علی الراتق؟ ‏و ما أتی به الوحي من العذر لا يزيد علی ما تعينه آية القذف من براءة المقذوف حكما شرعيا ظاهريا. ‏فإن قيل: الذي نزل من العذر براءتها واقعا و طهارة ذيلها في نفس الأمر و هذا أمر لا تكفي له آية حد القاذف، و لعل صبره (ص) هذه المدة الطويلة إنما كان لأجله. ‏قلت: لا دلالة في شي‌ء من هذه الآيات الست عشرة علی ذلك، و إنما تثبت بالحجة العقلية السابقة الدالة علی طهارة بيوت الأنبياء من لوثة الفحشاء. ‏أما الآيات العشر الأول التي فيها شائبة الاختصاص فأظهرها في الدلالة علی براءتها قوله تعالی: «لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّـهِ هُمُ الْكاذِبُونَ‌» و قد استدل فيها علی كذبهم بعدم إتيانهم بالشهداء، و من الواضح أن عدم إقامة الشهادة إنما هو دليل البراءة الظاهرية أعني الحكم الشرعي بالبراءة دون البراءة الواقعية لوضوح عدم الملازمة. ‏و أما الآيات الست الأخيرة فقوله: «الطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَ الطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ‌ إلخ عام من غير مخصص من جهة اللفظ فالذي تثبته من البراءة مشترك فيه بين جميع المقذوفين‌ من غير قيام بينة من المؤمنين و المؤمنات، و من الواضح أن البراءة المناسبة لهذا المعنی هي البراءة الشرعية. ‏و الحق أن لا مناص عن هذا الإشكال إلا بالقول بأن آية القذف لم تكن نازلة قبل حديث الإفك و إنما نزلت بعده، و إنما كان سبب توقفه (ص) خلو الواقعة عن حكم الله بعد فكان ينتظر في أمر الإفك الحكم السماوي. ‏و من أوضح الدليل عليه ما في الرواية من استعذار النبي ص من القاذف في المسجد و قول سعد بن معاذ ما قال و مجادلة سعد بن عبادة إياه و اختلاف الأوس و الخزرج بمحضر من النبي ص و في رواية عمر بعد ما ذكر اختلاف ابن معاذ و ابن عبادة: فقال هذا: يا للأوس و قال هذا: يا للخزرج فاضطربوا بالنعال و الحجارة فتلاطموا، الحديث فلو كانت آية القذف نازلة قبل ذلك و حكم الحد معلوما لم يجب سعد بن معاذ النبي ص بأنه يعذره منه بالقتل و لقال هو و سائر الناس: يا رسول الله حكم القذف معلوم و يدك مبسوطة. ‏و ثالثها: أنها تصرح بكون أصحاب الإفك هم عبد الله بن أبي و مسطحا و حسانا و حمنة ثم تذكر أنه (ص) حد عبد الله بن أبي حدين و كلا من مسطح و حسان و حمنة حدا واحدا، ثم تعلل حدي عبد الله بن أبي بأن من قذف أزواج النبي ص فعليه حدان، و هذا تناقض صريح فإنهم جميعا كانوا قاذفين بلا فرق بينهم. ‏نعم تذكر الروايات أن عبد الله بن أبي كان هو الذي تولی كبره منهم لكن لم يقل أحد من الأمة إن هذا الوصف يوجب حدين. و لا أن المراد بالعذاب العظيم في قوله: «الَّذِي تَوَلَّی كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ‌» هو ثبوت حدين. ‏و في تفسير القمي،": في قوله تعالی: «إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ‌» الآية فإن العامة روت أنها نزلت في عائشة- و ما رميت به في غزوة بني المصطلق من خزاعة و أما الخاصة فإنهم رووا- أنها نزلت في مارية القبطية و ما رمتها به عائشة. ‏ ‏حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا محمد بن عيسی عن الحسن بن علي بن فضال قال: حدثني عبد الله بن بكير عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر (ع) يقول: لما هلك إبراهيم بن رسول الله ص حزن عليه حزنا شديدا- فقالت عائشة: ما الذي‌ يحزنك عليه؟ ما هو إلا ابن جريح، فبعث رسول الله ص عليا (ع) و أمره بقتله. ‏فذهب علي (ع) و معه السيف- و كان جريح القبطي في حائط- فضرب علي (ع) باب البستان- فأقبل جريح له ليفتح الباب- فلما رأی عليا (ع) عرف في وجهه الغضب فأدبر راجعا و لم يفتح باب البستان- فوثب علي (ع) علی الحائط و نزل إلی البستان و اتبعه- و ولی جريح مدبرا- فلما خشي أن يرهقه‌٩ صعد في نخلة- و صعد علي (ع) في أثره فلما دنا منه- رمی بنفسه من فوق النخلة فبدت عورته- فإذا ليس له ما للرجال و لا له ما للنساء. ‏فانصرف علي (ع) إلی النبي ص فقال له: يا رسول الله إذا بعثتني في الأمر أكون كالمسمار المحمي في الوبر أم أثبت؟ قال: لا بل تثبت. قال: و الذي بعثك بالحق- ما له ما للرجال و ما له ما للنساء، فقال: الحمد لله الذي صرف عنا السوء أهل البيت. ‏و فيه، في رواية عبيد الله بن موسی عن أحمد بن راشد عن مروان بن مسلم عن عبد الله بن بكير قال: قلت لأبي عبد الله (ع): جعلت فداك كان رسول الله ص أمر بقتل القبطي- و قد علم أنها كذبت عليه أو لم يعلم؟ و قد دفع الله عن القبطي القتل بتثبيت علي (ع)- فقال: بل كان و الله علم، و لو كان عزيمة من رسول الله ص- ما انصرف علي (ع) حتی يقتله، و لكن إنما فعل رسول الله ص لترجع عن ذنبها- فما رجعت و لا اشتد عليها قتل رجل مسلم. ‏أقول: و هناك روايات أخر تدل علی مشاركة غيرها معها في هذا الرمي، و جريح هذا كان خادما خصيا لمارية أهداه معها مقوقس عظيم مصر لرسول (ص) و أرسله معها ليخدمها. ‏و هذه الروايات لا تخلو من نظر: ‏أما أولا: فلأن ما فيها من القصة لا يقبل الانطباق علی الآيات و لا سيما قوله: «إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ‌» الآية و قوله: «لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً» الآية، و قوله: «تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَ تَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ‌» الآية، فمحصل الآيات أنه كان هناك جماعة مرتبط بعضهم ببعض يذيعون الحديث ليفضحوا النبي ص، و كان الناس يتداولونه لسانا عن لسان حتی شاع بينهم و مكثوا علی ذلك زمانا و هم لا يراعون حرمة النبي ص و كرامته من الله، و أين مضمون هذه الروايات من ذلك. ‏اللهم إلا أن تكون الروايات قاصرة في شرحها للقصة. ‏و أما ثانيا: فقد كان مقتضی القصة و ظهور براءتها إجراء الحد و لم يجر، و لا مناص عن هذا الإشكال إلا بالقول بنزول آية القذف بعد قصة الإفك بزمان. ‏و الذي ينبغي أن يقال بالنظر إلی إشكال الحد الوارد علی الصنفين من الروايات جميعا- كما عرفت- أن آيات الإفك نزلت قبل آية حد القذف، و لم يشرع بنزول آيات الإفك إلا براءة المقذوف مع عدم قيام الشهادة و تحريم القذف. ‏و لو كان حد القاذف مشروعا قبل حديث الإفك لم يكن هناك مجوز لتأخيره مدة معتدا بها و انتظار الوحي و لا نجا منه قاذف منهم، و لو كان مشروعا مع نزول آيات الإفك لأشير فيها إليه، و لا أقل باتصال الآيات بآية القذف، و العارف بأساليب الكلام لا يرتاب في أن قوله: «إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ‌» الآيات منقطعة عما قبلها. ‏و لو كان علی من قذف أزواج النبي ص حدان لأشير إلی ذلك في خلال آيات الإفك بما فيها من التشديد و اللعن و التهديد بالعذاب علی القاذفين. ‏و يتأكد الإشكال علی تقدير نزول آية القذف مع نزول آيات الإفك فإن لازمه أن يقع الابتلاء بحكم الحدين فينزل حكم الحد الواحد. …… راجع تفسير الميزان

2