الخروج من البيت
السلام عليكم لماذا يجوز للرجل أن يمنع زوجته من الخروج من البيت هي لعبة بيده ما عندها كرامة او احترام او رأيها ولكن بعض الفقهاء قالوا بأن الخروج المرأة لا يجوز اذا كان ينافي حق زوج ليس مطلقا فقط السيد السيستاني يقول يجوز أن يمنعها لماذا
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختي الكريمة.. نلفت عنايتكم هنا إلى عدة أمور: 1- الأحكام الشرعية تابعة للمصالح والمفاسد بمعنى أنه لا يوجد واجب إلا وفيه مصلحة، ولا يوجد محرم إلا وفيه مفسدة، والله عز وجل هو المطلع على هذه المصالح والمفاسد، فلا يحكم بوجوب شيء إلا لوجود مصلحة شديدة فيه، ولا يحكم بحرمة شيء إلا لوجود مصلحة شديدة فيه، لأن الله تعالى حكيم يضع الأمور في مواضعها المناسبة لها. 2- لما كنا نعلم بأن الله تعالى حكيم، ولا يحكم بشيء عبثا، وكذلك نعلم أنه عادل لا يظلم بأحكامه، فما علينا إلا التسليم لما يأمر وينهى، خصوصا بعد علمنا بأنه لا يأمر بشيء إلا لوجود مصلحة فيه ولا ينهى عن شيء إلا لوجود مفسدة فيه. ولو لم نعم ما هي تلك المصلحة وما هي تلك المفسدة، فلا يصح لنا الاعتراض، بل لابد أن نتهم أنفسنا بالجهل بالحكمة في أحكام الله تعالى. وهذا ليس حجرا على العقول كما قد يتصور البعض، بل هو أمر عقلائي يجري عليه الناس على فطرتهم؛ فأنتم تلتزمون بقول الطبيب الذي تعلمون أنه حاذق في تخصصه، ولا تعترضون عليه لمجرد عدم فهمكم لماذا وصف لكم الدواء الفلاني ولماذا منعكم من الأكلة الكذائية؛ فكيف لو كان الآمر هو أحكم الحكماء تبارك وتعالى. 3- قد ثبت بالدليل أن الله عز وجل حرم على المرأة الخروج من دون إذن الزوج مطلقا وقد أفتى بذلك جمع من الفقهاء، وليس السيد السيستاني دام ظله لوحده. ورد عن الإمام عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه «نهى أن تخرج المرأة من بيتها بغير اذن زوجها، فإن خرجت لعنها كل ملك في السماء وكل شئ تمر عليه من الجن والإنس حتى ترجع إلى بيتها». فالمسألة ليست من اختراع الفقهاء حتى يكون الإشكال عليهم. وينبغي مراعاة التقوى في التعامل مع الفقهاء فهم لا يفتون بحكم ما لم يكن قد قام عليه الدليل الشرعي بشكل واضح. وهم متفضلون بذلك فقد سهلوا لنا طريق معرفة الحكم الشرعي بشكل كبير جدا. فشكر الله سعيهم وعلى الله أجرهم. 4- إن تحريم خروج الزوجة بدون إذن زوجها، لا يستلزم كونها لعبة بيده، والا كان جميع الموظفين في الدوائر لعبة بيد المدراء! بل جميع الشعب لعبة بيد الحكومة لأنه لا يمكن أن يخرج شخص من بلده إلا بإذن من الحكومة عن طريق الجواز ونحوه! ثم على هذا المقياس يكون الرجل لعبة بيد زوجته؛ لأنه يجب عليه النفقة عليها، وهو يخرج كادحا من الصباح إلى المساء كي يهيئ لها ما تحتاج اليه وهي تجلس في البيت كالملكة تنتظر أن يأتيها الطعام والشراب واللباس ولا يجب عليها أن تقوم بأي عمل في البيت؟! فهل فكرتم يوما بزوجكم وقلتم: هو خادم لكم هل هو عبد تحت يدكم لكي يقضي وقته في سبيل أن يوفر احتياجاتكم؟! لا يصح أبدا أن نفكر بهذه الطريقة، بل لابد أن ينظر إلى البيت ككل وتلاحظ حقوق وواجبات الطرفين؛ فإن الحياة الزوجية حياة تكامل بين الزوجين، لكل واحد منهما أدواره وواجباته. ولا يسع المجال هنا لتوضيح هذا الأمر، فعليكم بقراءة كتاب (رسالة المرأة في الحياة) للسيد محمد باقر السيستاني دامت بركاته، وتأملوا فيه جيدا وكرروها عدة مرات كي تستوعبوا هذا الموضوع جيدا. 5- لو اطلعتم اطلاعا بسيطا على حياة الغرب الذين لم يعتنوا بحرمة الخروج بلا إذن الزوج، فسوف تجدون بوضوح التفكك الأسري الذي يعيشونه بخلاف الترابط الجميل بين عوائلنا الذي نشهده بكل وضوح، فلو لم نحافظ على الأحكام الشرعية في بيوتنا فنتيجتنا أن عوائلنا ستكون مثل عوائلهم متفككة غير مترابطة. 6- قضية عدم جواز خروج المرأة من البيت بدون إذن زوجها ليست مطلقة في كل الحالات، بل جملة من الموارد لا تحتاج المرأة فيها إلى إذن الزوج، كالخروج للحج مثلا، أو الخروج الذي يتوقف عليه صلة الرحم، وغير ذلك. بل لا يحق للزوج أصلا يمنعها من الخروج في مثل هذه الموارد. 7- لا ينبغي تحميل الدين ما يفعله الرجل من سوء تعامل مع المرأة في قضية الخروج؛ فالدين جعل له حق الاستئذان منه، ولم يقل له أن يكون سيئ الخلق مع زوجته ويحرمها من كل شيء! بل الإسلام حث كثيرا على رعاية المرأة وأوصى كثيرا برحمتها، ويكفي في ذلك ما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله): « أوصاني جبرئيل عليه السلام بالمرأة حتى ظننت أنه لا ينبغي طلاقها إلا من فاحشة مبينة». فما يفعله بعض الأزواج من التضييق على النساء وأذيتهن هو تصرف لا يمت للإسلام بصلة. نسأل الله تعالى لكم تمام التوفيق للتسليم لأحكام الله تعالى التي فيها صلاحكم..