تفسير القرآن
ما هو تفسير قوله تعالى:(قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون انما يتذكر اولو الالباب). صدق الله العلي العظيم
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ١٥ - الصفحة ٣٤-٣٦: الآية تخاطب الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) بالقول : {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} . كلا ، إنّهم غير متساوين : {إنّما يتذكر أولو الألباب} . لا شك في أن السؤال المذكور أعلاه سؤال شامل ، وأنّه يقارن ما بين الذين يعلمون والذين لا يعلمون ، أي بين العلماء والجهلة ، لأنّه قبل طرح هذا السؤال ، كان هناك سؤال آخر قد طرح ، وهو : هل يستوي المشركون والمؤمنون الذين يحيون الليل بالعبادة ، فالسؤال الثّاني يشير أكثر إلى هذه المسألة وهو : هل أن الذين يعلمون بأن المشركين المعاندين لا يتساوون مع المؤمنين الطاهرين ، يتساوون مع الذين لا يعلمون بهذه الحقيقة الواضحة ؟ وعلى أية حال فهذه العبارة التي تبدأ باستفهام استنكاري ، توضح أحد شعارات الإسلام الأساسية وهو سمو وعلو منزلة العلم والعلماء في مقابل الجهل والجهلة . ولأنّ عدم التساوي ـ هذا ـ ذكر بصورة مطلقة ، فمن البديهي أن تكون هاتان المجموعتان غير متساويتين عند الباريء ، عزّوجلّ ، وغير متساويين في وجهة نظر العقلاء ، ولا يقفون في صفّ واحد من الدنيا ، ولا في الأخرة وأنّهم مختلفون ظاهراً وباطناً . مما يلفت الانتباه أن نهاية الآية تقول: إن الفرق بين الجاهل والعالم لا يدركه سوى أولي الألباب! لأن الجاهل لا يدرك قيمة العلم! وفي الحقيقة إن كل مرحلة من مراحل العلم هي مقدمة لمرحلة أخرى. والعلم في هذه الآية وبقية الآيات لا يعني معرفة مجموعة من المصطلحات، أو العلاقة المادية بين الأشياء، وإنما يقصد به المعرفة الخاصة التي تدعو الإنسان إلى (القنوت) أي إلى طاعة البارئ عز وجل والخوف من محكمته وعدم اليأس من رحمته، هذه هي حقيقة العلم، وإن كانت العلوم الدنيوية تؤدي إلى ما ذكرناه آنفا، فهي علم أيضا. وإلا فهي سبب الغفلة والظلم والغرور والفساد في الأرض، ولا يحصل منها سوى " القيل والقال " وليس " الكيفية والحال ". والآية تتحدث عن ثلاث مجموعات، هم العلماء والجهلة وأولو الألباب(ذووا العقول )، وقد شخصهم الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث له، عندما قال: " نحن الذين يعلمون، وعدونا الذين لا يعلمون، وشيعتنا أولوا الألباب ". دمتم في رعاية الله