الخطاب ( 18 سنة ) - العراق
منذ سنتين

الدوله البويهيه

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته اخي فقط سوال ما راي ساحمتكم بالدوله البويهيه وهل هي فعلا خراب ودمار العراق والاسلام هذا فقط هذا الاساله يساله الكثير واتمنه من حضرتكم ان تخصصوا حلقات او اسأله عن الدول الشيعيه وشكرا لك اخي والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم آل بويه ـ أو البويهيون أو بنو بويه ـ هم: أولاد وأحفاد (أبو شجاع) بويه، وهم أُسرة فارسية ذات ميول شيعية. وقد ساق بعض المؤرِّخين نسبهم إلى ملوك الفرس، وقد نُسِبوا إلى الديلم بسبب مجاورتهم لهم وطول مقامهم في بلادهم. بدأت هذه الأُسرة بالظهور مع بدايات القرن الرابع الهجري، فقد كان لأبي شجاع بويه ثلاثة أولاد فرسان وشجعان، وهم: علي، والحسن، وأحمد، وكانوا في بداية أمرهم من جملة قوّاد (ماكان بن بالي)، ثمّ تحولوا إلى جانب (مرداويج بن زيار)، و(ماكان) و(مرداويج )هذان هما من جملة الأُمراء الطامحين إلى السيطرة على صقع من أصقاع الدولة العبّاسية إبّان ضعفها وتصدّعها. ثمّ بعد ذلك بدأ الإخوة الثلاثة يستقلّون بقيادة الجيوش، وانفصلوا عن مرداويج، وأسّسوا سنة (322هـ) في شيراز ـ قلب بلاد فارس ـ نواة دولتهم التي بدأت تتسع يوماً بعد يوم، حتّى شملت أراضي شاسعة من إيران والعراق، والتي وصفها ابن خلدون بقوله: «وكانت لهم الدولة العظيمة التي باهى الإسلام بها سائر الأُمم». ففي سنة (334هـ) سيطر البويهيون على مقاليد الحكم في إيران والعراق، وأصبحوا هم الحكّام الحقيقيين في هذين البلدين، وقد جرّدوا الخليفة العباسي المستكفي بالله من أغلب سلطاته الدينية والدنيوية، ولُقِّب علي بن بويه بـ(عماد الدولة)، والحسن بن بويه بـ(ركن الدولة)، وأحمد بن بويه بـ(معزّ الدولة)؛ ولذا نجد أنّ بعض المؤرِّخين يعتبر سنة (334هـ) بداية الظهور الحقيقي للدولة البويهية، مع أنّ نواة هذه الدولة قد غُرست في شيراز منذ سنة (322هـ) كما ذكرنا، أي: قبل هذا التاريخ باثني عشر عاماً. وينبغي التأكيد هنا أنّ البويهيين لم يعلنوا عن أنفسهم كدولةٍ مستقلةٍ عن مركز الخلافة العبّاسية في بغداد طوال فترة حكمهم، بل كانوا يعملون بوصفهم نوّاباً وممثّلين للخليفة العبّاسي، غير أنّ هذا الاعتراف لم يكن سوى اعتراف شكلي؛ إذ كانت السلطة الحقيقية في أيديهم، فكان الحاكم الحقيقي للدولة وعقلها المدبِّر هو علي بن بويه الملقَّب بـ(عماد الدولة وأمير الأُمراء)، فكان يدير الأُمور ويدبِّرها من شيراز، فلما مات عماد الدولة «صار أخوه ركن الدولة أمير الأُمراء، وكان معزّ الدولة هو المستولي على العراق والخلافة، وهو كالنائب عنهما». قال ابن الأثير ـ واصفاً حال الخلافة العبّاسية بعد سيطرة البويهيين على العراق ـ: «ازداد أمر الخلافة إدباراً، ولم يبقَ لهم من الأمر شيء البتَّة، وقد كانوا يُراجَعون ويؤخذ أمرهم فيما يُفعل، والحرمة قائمة بعض الشيء، فلمّا كان أيّام معزّ الدولة، زال ذلك جميعه، بحيث إنّ الخليفة لم يبقَ له وزير، إنّما كان له كاتب يدبِّر أقطاعه وإخراجاته لا غير، وصارت الوزارة لمعزّ الدولة، يستوزر لنفسه مَن يريد ... المزید تسلَّم معزّ الدولة العراق بأسره، ولم يبقَ بيد الخليفة منه شيء البتَّة، إلّا ما أقطعه معزّ الدولة ممّا يقوم ببعض حاجته». وقد بلغت الدولة البويهية عصرها الذهبي في أيّام عضد الدولة ابن ركن الدولة، الذي يعدُّ أقوى ملوك البويهيين، وهو أوّل مَن خوطب في الإسلام بـ(شاهنشاه)، أي: (ملك الملوك)، وكانت مدة حكمه من أفضل الفترات التي مرّت على المسلمين عموماً، وعلى الشيعة خصوصاً. وقد أنشد فيه أبو الطيب المتنبي: وقد رأيت الملوك قاطبة وسرت حتّى رأيت مولاها أبا شجاع بفارس عضد الدولة فناخسرو شاهنشاها أسامياً لم تزده معرفة وإنّما لذَّة ذكرناها وبعد عضد الدولة بدأ العد التنازلي لأفول دولة البويهيين، فوقعت الانشقاقات والصراعات داخل الأُسرة البويهية، وقد استمرَّ هذا الحال إلى سنة (447هـ)، وهي السنة التي دخل فيها السلاجقة بغداد وطووا صفحة البويهيين؛ «والسبب الأوّل لانهيار دولتهم وزوالها على أيدي السلجوقيين، شغلهم بالحروب الخارجية والداخلية، بخاصّة بين أُمراء البيت البويهي، بعضهم مع بعض حول المُلك». إضافة إلى ما كانت عليه الخلافة العبّاسية من ضعف وعجز في تلك الحقبة التاريخية، كانت هناك مجموعة أسباب تقف وراء تقدُّم البويهيين وتوسّع دولتهم، منها: 1- الصفات الحميدة التي كان يتمتع بها الأُمراء البويهيون، من شجاعة وغيرها. قال ابن الأثير: «كان السبب في ارتفاع علي بن بويه من بينهم ـ بعد الأقدار ـ أنّه كان سمحاً، حليماً، شجاعاً». وحينما سار إلى كرج، أحسن إلى الناس، ولطف بعمّال البلاد، فكتبوا إلى (مرداويج) يشكرونه، ويصفون ضبطه البلد وسياسته، وحينما افتتح قلاعاً كانت للخرمية، وظفر منها بذخائر كثيرة، صرفها جميعاً في استمالة الرجال، والصلات والهبات، فشاع ذكره، وقصده الناس وأحبّوه. ٢-الاعتدال الذي كان عليه البويهيون، وعدم تعصُّبهم للمذهب الإمامي على حساب المذاهب الأُخرى، ونحن لا ننكر أنّ آل بويه قد خدموا المذهب الإمامي كثيراً، وتقدَّم المذهب الإمامي بجميع مؤسّساته في عصرهم تقدُّماً كبيراً كما سنؤكده قريباً، ولكنّ البويهيين مع هذا لم يضطهدوا مذهباً من المذاهب، ولم يحاربوا أحداً بسبب فكره أو عقيدته أو مذهبه. وعندما كانت تحدث فتنة طائفية، كانوا يقفون من الجميع على مسافة واحدة، فعلى الرغم من المكانة العالية التي كان يحتلها الشيخ المفيد في الدولة البويهية ـ إلى درجة أنّ عضد الدولة كان يزوره في بيته، ويعوده إذا مرض[20] ـ قد تعرّض للنفي مرّتين خارج بغداد بسبب اشتداد الفتنة الطائفية بين الشيعة والسُّنة آنذاك[21]، ولا ريب في أنّ هذا الأمر كان يعطي انطباعاً بعدم تعصُّب البويهيين لمذهب دون آخر، فكان هذا من مقوّمات استمرار دولتهم وديمومتها. يقول الشيخ السبحاني: «بالرغم من أنّ في عصرهم كان يغلب على أكثر البلاد مذهب التسنُّن، إلّا أنّ البويهيين لم يقفوا موقف المعادي لهم، على الرغم ممّا وقفه غيرهم من الملوك الآخرين من غير الشيعة من معاداة التشيّع ومحاربته» ٣-تطوير الجانب العلمي والعمراني في العصر البويهي: من مآثر البويهيين ومفاخرهم ـ التي ينبغي التركيز عليها هنا ـ هو اهتمامهم بالعلم والعلماء وأهل الفضل من جميع التخصُّصات، وعمارة المساجد والمشاهد، والأسواق والطرقات، وبناء المستشفيات والمكتبات العامّة، ولا سيّما في عصر عضد الدولة الذي شرع في سنة (369هـ) «في عمارة بغداد، وكانت قد خُرّبت بتوالي الفتن فيها، وعمَّر مساجدها وأسواقها، وأدرّ الأموال على الأئمّة، والمؤذنين، والعلماء، والقرّاء، والغرباء، والضعفاء الذين يأوون إلى المساجد، وألزم أصحاب الأملاك الخراب بعمارتها، وجدَّد ما دُثر من الأنهار، وأعاد حفرها وتسويتها، وأطلق مكوس الحجّاج، وأصلح الطريق من العراق إلى مكّة (شرّفها الله تعالى)، وأطلق الصلات لأهل البيوتات والشرف، والضعفاء المجاورين بمكّة والمدينة، وفعل مثل ذلك بمشهدي عليٍّ والحسين، وسكن الناس من الفتن، وأجرى الجرايات على الفقهاء، والمحدِّثين، والمتكلِّمين، والمفسِّرين، والنحاة، والشعراء، والنسابين، والأطباء، والحسُّاب، والمهندسين...». ٤-تقدُّم المذهب الإمامي في العصر البويهي: لا نقاش في النزعة الشيعية التي كانت عند البويهيين، بل ذهب بعض الباحثين إلى إماميّتهم، فقد قال (شبولر): «كان البويهيون إمامية اثني عشرية منذ البداية، وظلّوا أوفياء للمذهب الإمامي حتّى النهاية». ونضيف إلى ذلك: العلاقة الحميمة التي كانت تربط البويهيين برموز المؤسّسة الشيعية، ودعمهم لهذه المؤسّسة كما سيأتي، واستوزارهم لبعض الشخصيات المقطوع بإماميّتها مثل: الصاحب بن عبّاد وغيره. دمتم في رعاية الله

2