الشعور بالاخرين
لدي سؤال :انا اشعر بعدم سعادة وضيقه عندما افكر بالفقراء والمساكين والذين لا يستيطعون ايجاد قوت يومهم والناس الذين يعيشون بأفريقيا والدول الفقيرة جدا واني اشعر بالاسئ جدا عليهم واحسد نفسي ان عندي بيت وسيارة وجوال واجهزة كثيرة وعندي اكل ما لذ وطاب وعندي مكيف وثلاجه وسرير ومرتاح لكن غيري ليس لديه كأني انا المسوؤل عن فقرهم وعجزهم مع العلم ان اغلب مجتمعي لديهم ما لدي وافضل لكن انا اشعر بهذا الشعور،اعرف ان هذا الشي ايجابي اني اشعر بالاخرين لكن اشعر انه اصبح يأخذ من صحتي وسعادتي فماذا افعل بهذا الشأن؟
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي العزيز بوركتم أخي الكريم على هذا الشعور المرهف، وهو بحق شعور نابع من الفطرة الصافية.. لا شك أن الشعور بالفقراء والتفكير بهم وبما يعانونه مهم جدا، وهو من أهم الدوافع إلى إعانتهم ورفع حاجتهم. كما لا شك أن من أسباب معاناة الفقراء الأساسية -بل لعله أهم الأسباب- هو تقصير الأغنياء في دفع حق الفقراء لهم! قال تعالى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}، وقال جل جلاله: { أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ}. وجاء في نهج البلاغة من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام): «إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَرَضَ فِي أَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ أَقْوَاتَ الْفُقَرَاءِ فَمَا جَاعَ فَقِيرٌ إِلَّا بِمَا مُتِّعَ بِهِ غَنِيٌّ وَاللَّهُ تَعَالَى سَائِلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ». فلو أن الناس دفعوا الخمس والزكاة ورد المظالم وغيرها من الحقوق لما وجدنا هذا العدد الهائل من الفقراء والمشردين. هذا كله لا شك فيه.. لكن لا يصح أن يجعل الإنسان من التفكير بالفقراء سببا لعرقلة حياته وتنغص عيشه وسوء صحته، بل يبقي هذا الشعور دافعا له على إعانة الفقراء ورفع حاجتهم. كما ليس من الصحيح أيضا أن يبقى في مكانه لا يقدم شيئا للفقراء وهو متألم عليهم، فهذا لن يغير من الواقع شيئا، بل لابد أن يكون لذلك الألم والتفكير بهم أثرا في حياته، فيندفع: أولا: لأداء ما عليه من الواجبات (والتي من أهمها الخمس ورد المظالم). وثانيا: يسعى لحث الآخرين على إعانة الفقراء سواء بدفع ما عليهم من الواجبات، أم بالصدقات المستحبة. وثالثا: بتقديم المساعدات غير الواجبة لهم مهما استطاع، بل يؤثر على نفسه لأجلهم كما قال تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ}، {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً}. عندما تقدم هذا للفقراء فإن السعادة سوف تغمرك، ولن تجد ذلك الضيق الشديد الذي تستشعره. وفقكم الله لكل خير وجعلكم ممن يرفع حاجة المحتاجين ويزيل كربة المكروبين بحق محمد وآله الطاهرين..