logo-img
السیاسات و الشروط
( 23 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

تفسير القران

قال تعالى (لاتقربوا الصلاة وانتم سكارى) هل فعلاً كان الخمر مباحاً في بداية الاسلام ونزلت هذه الايه لتحريمه؟! ممكن توضيح او التفسير للايه ولكم جزيل الشكر💜


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ٢٤٥ الآية (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكرى حتى تعلموا ما تقولون) تستفاد من الآية الحاضرة عدة أحكام إسلامية هي: 1 - حرمة الصلاة في حال السكر، أي لا يجوز للسكارى أن يقربوا الصلاة لبطلان صلاتهم في حالة السكر، وفلسفة ذلك واضحة، فإن الصلاة حديث العبد إلى ربه ومناجاته ودعاؤه، ولابد أن يتم كل هذا في حالة الوعي الكامل، والسكارى أبعد ما يكونون عن هذه الحالة: يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون. وهنا يمكن أن يطرح أحد سؤالا هو: أليس مفهوم الآية هو المنع من شرب المسكرات إذا بقي أثرها وسكرها إلى وقت الصلاة، وهو ينطوي على دليل جوازه في سائر الحالات؟ والإجابة على هذا السؤال تأتي - بإذن الله - مفصلة عند تفسير الآية (90) من سورة المائدة، إلا أن الجواب الإجمالي هو: إن الإسلام استخدم لتطبيق الكثير من أحكامه أسلوب " التغيير التدريجي " فمثلا مسألة تحريم تعاطي الخمور هذه طبقها الإسلام في مراحل، فهو أولا أعطاه صفة المشروب الغير المحبذ في قبال " الرزق الحسن " (كما في الآية (67) من سورة النحل " ورزقا حسنا ") ثم منع من الإقتراب إلى الصلاة إذا كان السكر الناشئ منها لا يزال باقيا (كما في الآية الحاضرة) ثم قارن بين منافعه ومضاره ورجحان مضاره ومساوئه، كما في سورة البقرة الآية (219)، وفي المرحلة الأخيرة نهى عن الخمر بصورة قاطعة وصريحة، كما في سورة المائدة الآية (90). وأساسا ليس هناك من سبيل لتطهير المجتمع من جذور مفسدة اجتماعية أو خلقية متجذرة في أعماق المجتمع واقتلاعها من الجذور أفضل من هذا الأسلوب، وأجدى من هذا الطريق، وهو أن يهيأ الأفراد تدريجا، ثم يتم الإعلان عن الحكم النهائي. كما أنه لابد من الالتفات إلى نقطة مهمة، هي أن الآية الحاضرة لا تجيز بأي وجه من الوجوه شرب الخمر، بل هي تتحدث فقط عن مسألة الإقتراب إلى الصلاة في حال السكر، بينما التزمت الصمت بالنسبة إلى حكم شرب الخمر في غير هذا المورد حتى يحين موعد المرحلة النهائية للحكم. هذا مع الالتفات إلى أن أوقات الصلوات الخمس خاصة في ذلك الزمان الذي كانت العادة فيه إقامة الصلوات الخمس في أوقاتها، بحكم أنها كانت متقاربة كان الإتيان بالصلاة في حال الوعي يقتضي أن ينصرف الأشخاص عن تناول المسكرات في الفترات الواقعة بين أوقات الفرائض انصرافا كليا، لأن السكر كان يستمر غالبا إلى حين حلول وقت الفريضة وعلى هذا كان الحكم المذكور في الآية الحاضرة أشبه بالحكم النهائي والتحريم الأبدي المطلق. كما أن هناك موضوعا لابد من التذكير به، وهو أن الآية الحاضرة فسرت في روايات عديدة في كتب الشيعة والسنة بسكر النوم، يعني لا تقربوا الصلاة ما لم تطردوا النوم عن عيونكم كاملة لتعلموا ما تقولون. ولكن يبدو للنظر أن هذا التفسير مستفاد من مفهوم: حتى تعلموا ما تقولون وإن لم يدخل في مصداق " السكارى " (1). وبعبارة أخرى، يستفاد من جملة: حتى تعلموا ما تقولون المنع عن الصلاة في كل حالة لا يتمتع فيها الإنسان بالوعي الكامل، سواء كان بسبب حالة السكر، أو بسبب ما تبقى من النوم. كما أنه يستفاد من هذه الجملة أيضا أن الأفضل عدم إقامة الصلاة عند الكسل أو قلة التوجه، لأن الحالة السابقة توجد في هذه الصورة بشكل ضعيف، ولعله لهذا السبب جاء في ما روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) من أنه قال: " لا تقم إلى الصلاة متكاسلا، ولا متناعسا ولا متثاقلا وقد نهى الله عز وجل المؤمنين أن يقوموا إلى الصلاة وهم سكارى ... المزید " (2). دمتم برعاية الله