( 26 سنة ) - السعودية
منذ سنتين

تفسير القرآن

ما تفسير سورة فاطر ايه 13.14 الآيتان يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجرى لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير (13) إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيمة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير (14) سورة الزمر إيه 3 سورة يونس ايه 18 فسر الآيات على المذهب الشيعة


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ١٤ - الصفحة ٤٨-٥١: تعاود هذه الآيات الإشارة إلى قسم آخر من آيات التوحيد والنعم الإلهية اللامتناهية، لكي تدفع الإنسان مع تعريفه بتلك النعم إلى شكرها ومعرفة المعبود الحقيقي، وليرجع عن أي شرك أو عبادة خرافية، يقول تعالى: يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل. " يولج " من مادة " إيلاج " بمعنى الدخول في مضيق. ويمكن أن يكون إشارة إلى أحد المعنيين أو كليهما، أي: الزيادة والنقص التدريجي في الليل والنهار على مدار السنة. مما يؤدي إلى حصول الفصول المختلفة بكل آثارها وبركاتها، أو الانتقال التدريجي من الليل إلى النهار وبالعكس، وذلك بواسطة الشفق والغسق الذي يقلل من مخاطر الانتقال المفاجئ من النور إلى الظلام وبالعكس (1). ثم يشير إلى مسألة تسخير الشمس والقمر فيقول تعالى: وسخر الشمس والقمر. وأي تسخير أفضل من حركة هذين الكوكبين باتجاه تحقيق المنافع المختلفة للبشر، وهذا التسخير يعتبر مصدرا لمختلف أنواع البركات في حياة البشر، فإن السحاب والريح والقمر والشمس والأفلاك في حركة دائبة لكي يستطيع الإنسان إدامة حياته، وليفيق من غفلته فيذكر الواهب الأصلي لهذه المواهب بالنسبة إلى تسخير الشمس والقمر عرضنا شرحا في تفسير الآية الثانية من سورة الرعد والآية 33 من سورة إبراهيم). ومع ما تتمتع به الشمس والقمر في أفلاكها من مسير دقيق ومنتظم لتؤدي المنفعة المناسبة والجيدة للبشر، فإن النظام الذي يحكمها ليس بخالد، فحتى هذه السيارات العظيمة بكل ذلك النور والإشراق ستصيبها العتمة في النهاية. وتتوقف عن العمل. لذا يشير تعالى إلى ذلك بعد ذكر التسخير فيقول: كل يجري لأجل مسمى. فبمقتضى إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت (2)، فإنها جميعا ستواجه مصير الانطفاء والفناء. بعض المفسرين ذكر تفسيرا آخر لجملة أجل مسمى، وذلك أنها تعبير عن حركة دوران الشمس والقمر حول محوريهما، والتي تتم في الأولى في عام، وفي الثانية في شهر واحد (3). ولكن بملاحظة الموارد التي استعمل فيها هذا التعبير في القرآن الكريم - بمعنى انتهاء العمر - يتضح أن التفسير المشار إليه صحيحا، كما أن التفسير الأول أيضا - أي نهاية عمر الشمس والقمر - ورد في الآيات (61 - النحل و 45 - فاطر 42 - الزمر 4 - النور 67 - غافر). ثم يقول تعالى مسلطا الضوء على نتيجة هذا البحث التوحيدي ذلكم الله ربكم الله الذي قرر نظام النوم والظلام والحركات الدقيقة للشمس والقمر بكل بركاتها. له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير (1). " قطمير ": على ما يقول الراغب: هو الأثر في ظهر النواة، وذلك مثل للشئ الطفيف، ويقول " الطبرسي " في مجمع البيان والقرطبي في تفسيره: هو الغشاء الرقيق الشفاف الذي يغلف نواة التمر بكاملها. وعلى كل حال فهو كناية عن موجودات حقيرة تافهة. نعم فهذه الأصنام لا تضر ولا تنفع، لا تدفع عنكم ولا حتى عن نفسها، لا تحكم ولا تملك حتى غلاف نواة تمر! فإذا كانت حالها كذلك، فكيف تعبدونها أيها المغفلون، وتريدون منها حلا لمشكلاتكم. ثم تضيف الآية: إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم، لأنها قطع من الحجر والخشب لا أكثر، جمادات لا شعور لها، ولو سمعوا ما استجابوا لكم. إذ اتضح أنها لا تملك نفعا ولا ضرا حتى بمقدار (قطمير) وعلى هذا فكيف تنتظرون منها أن تعمل لكم شيئا أو تحل لكم عقدة. وأدهى من ذلك ويوم القيامة يكفرون بشرككم. ويقولون: اللهم إنهم لم يعبدوننا، بل إنهم عبدوا أهواءهم في الحقيقة. هذه الشهادة إما بلسان الحال الذي يدركه كل شخص بآذان وجدانه، أو أن الله في ذلك اليوم يعطي فيه جوارح الإنسان وأعضاءه إمكانية التكلم فتنطق هذه الأصنام أيضا، ويشهدن بأن هؤلاء المشركين المنحرفين إنما عبدوا في الحقيقة أوهامهم وشهواتهم. ما ورد في هذه الآية شبيه بما ورد في الآية (28) من سورة يونس حيث يقول تعالى: ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون. احتمل جمع من المفسرين أن أمثال هذه التعبيرات وردت بخصوص معبودات من أمثال الملائكة أو حضرة المسيح (عليه السلام)، لأن الحديث والتكلم من خصوصية هؤلاء فقط، وجملة إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم إشارة إلى أنهم مشغولون بأنفسهم إلى درجة أنكم لو خاطبتموهم لا يسمعون دعائكم (1). ولكن - مع الالتفات إلى سعة مفهوم الذين تدعون من دونه - يظهر أن المقصود هو الأصنام، وأن جملة إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ترتبط بالدنيا خاصة. ثم يقول تعالى في ختام الآية من أجل تأكيد أكثر: أن لا أحد يخبرك عن جميع الحقائق كما يخبرك الله تعالى: ولا ينبئك مثل خبير. فإذا قالت الآية أن الأصنام تتنكر لكم في يوم القيامة، وتتضايق منكم، فلا تتعجبوا من هذا القول، فإن من يخبركم هو الذي يعلم بكل ما في هذا الكون بالتفصيل، فهو المحيط علما بالمستقبل والماضي والحاضر. دمتم في رعاية الله