السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم
جاء في تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ١٢٧-١٢٨:
وقوله: " رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع " التجارة إذا قوبلت بالبيع كان المفهوم منها بحسب العرف الاستمرار في الاكتساب بالبيع والشراء والبيع هو العمل الاكتسابي الدفعي فالفرق بينهما هو الفرق بين الدفعة والاستمرار فمعنى نفي البيع بعد نفي التجارة مع كونه منفيا بنفيها الدلالة على أنهم لا يلهون عن ربهم في مكاسبهم دائما ولا في وقت من الأوقات، وبعبارة أخرى لا تنسيهم ربهم تجارة مستمرة ولا بيع ما من البيوع التي يوقعونها مدة تجارتهم.
وقيل: الوجه في نفي البيع بعد نفي إلهاء التجارة أن الربح في البيع ناجز بالفعل بخلاف التجارة التي هي الحرفة، فعدم إلهاء التجارة لا يستلزم عدم إلهاء البيع الرابح بالفعل، ولذلك نفي البيع ثانيا بعد نفي إلهاء التجارة ولذلك كررت لفظة " لا " لتذكير النفي وتأكيده، وهو وجه حسن.
وقوله عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة الإقام هو الإقامة بحذف التاء تخفيفا.
والمراد بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة الاتيان بجميع الأعمال الصالحة التي كلف الله تعالى عباده بإتيانها في حياتهم الدنيا، وإقامة الصلاة ممثلة لاتيان ما للعبد من وظائف العبودية مع الله سبحانه، وإيتاء الزكاة ممثل لوظائفه مع الخلق وذلك لكون كل منها ركنا في بابه.
والمقابلة بين ذكر الله وبين إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وهما - وخاصة الصلاة -من ذكر الله يعطي أن يكون المراد بذكر الله الذكر القلبي الذي يقابل النسيان والغفلة وهو ذكر علمي كما أن أمثال الصلاة والزكاة ذكر عملي.
فالمقابلة المذكورة تعطي أن المراد بقوله: " عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة " أنهم لا يشتغلون بشئ عن ذكرهم المستمر بقلوبهم لربهم وذكرهم الموقت بأعمالهم من الصلاة والزكاة، وعند ذلك يظهر حسن التقابل بين التجارة والبيع وبين ذكر الله وإقام الصلاة الخ، لرجوع المعنى إلى أنهم لا يلهيهم مله مستمر ولا موقت عن الذكر المستمر والموقت، فافهم ذلك.
دمتم في رعاية الله