حقيقة يحز في نفوسنا ويؤلم قلوبنا أن نرى ضعف الثقافة الدينية لدى الشباب إلى هذه الدرجة بحيث لا يستطيع تقبل فكرة تحريم الأغاني مع أن قبحها من أوضح الأمور لدى الإنسان المتدين.
طبعا نشد على يدك أخي الحبيب كثيرا على أن تسأل عن دينك؛ فلا تفهم من كلامنا أننا ننزعج من مثل هذه الأسئلة، بل السؤال مفتوح في أمور الدين وهو أمر إيجابي، لكن مقصودنا أنكم -وجميع الشباب- لابد أن تعتنوا بتثقيف انفسكم بالثقافات الدينية من منبعها الصافي وهو القرآن والعترة؛ فلو كل يوم تقرؤون رواية لا تأخذ من وقتكم دقيقة واحدة، لتنامت ثقافتكم كثيرا باستمرار ذلك.
وبعد هذه المقدمة نعود إلى جواب سؤالكم ونجعله في عدة نقاط:
1- روي أن الإمام الصادق (عليه السلام) سئل عن الغناء، فقال للسائل: «ويحك إذا فرق بين الحق والباطل، أين ترى الغناء يكون؟
قال: مع الباطل والله، جعلت فداك!
قال: ففي هذا ما يكفيك».
فأنت لو سألت نفسك هل الغناء يوضع في جانب الحق أم في جاب الباطل، لرأيت أن نفسك -بصفائها وفطرتها- تحكم أن الغناء من الباطل، ولا يمكن أن يكون من الحق أبدا!
2- لو متت في حال استماعكم للغناء فما يكون مصيرك؟ هل تتصور أنك ستدخل الجنة وأنت كنت تسمع إلى الفاسقين والفاسقات يغنون بالكلام الفاحش وبالصور الخليعة والحركات الماجنة والكمات المثيرة؟ لا أظن فطرتك تقول إنك تدخل الجنة وأنت على هذه الحال!
جاء في الرواية أن الإمام الصادق (عليه السلام) «سأل رجلا عن حاله، فقال: جعلت فداك، مر بي فلان أمس فأخذ بيدي وأدخلني منزله، وعنده جارية تضرب وتغني، فكنت عنده حتى أمسينا!
فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ويحك، أما خفت أمر الله [أي: الموت] أن يأتيك وأنت على تلك الحال، إنه مجلس لا ينظر الله إلى أهله، الغناء أخبث ما خلق الله، الغناء شر ما خلق الله، الغناء يورث النفاق، الغناء يورث الفقر».
3- الغناء من الأمور القبيحة وهذا أمر لا يشك به أي إنسان له فطرة سليمة، والله تعالى لا ينهى ولا يكره إلا الأمر القبيح، كما جاء في الرواية أن أبا عبد الله (عليه السلام) قال لرجل كان يسمع الغناء الذي يأتيه صوته من جيرانه: «إنك كنت مقيما على أمر عظيم ما كان أسوء حالك لو مت على ذلك احمد الله وسله التوبة من كل ما يكره؛ فإنه لا يكره إلا كل قبيح والقبيح دعه لأهله فإن لكل أهلا».
ولا أظنك أخي الكريم لا تحكم بفطرتك النقية على الغناء بأنه أمر قبيح!
4- للغناء آثار سلبية عديدة: منها: ما هو ظاهر، ويشهد بها الواقع الذي نراه من المستمعين للغناء (ككونه يفسد الأخلاق، ويقرب من المعصية، ويثير الشهوة، ويوجب الميوعة وفقد الاتزان، إلى غير ذلك).
ومنها: ما قد لا ندركه إلا عن طريق أهل البيت (عليهم السلام). ومن ذلك:
أولا: أنه يورث النفاق.
ثانيا: أنه يورث الفقر.
ثالثا: مجلس الغناء لا ينظر الله إليه. وقد ذكرت هذه الآثار الثلاثة في الوراية التي نقلناها.
رابعا: بيت الغناء لا تؤمن فيه وقوع الفجيعة على أهله.
خامسا: بيت الغناء لا تجاب فيه الدعوة.
سادسا: بيت الغناء لا تدخله الملائكة.
كما ورد ذلك عن الإمام الصادق (عليه السلام): «الغناء بيت لا تؤمن فيه الفجيعة، ولا تجاب فيه الدعوة، ولا تدخله الملائكة».
فبعد كل هذا، لا أظن عاقلا يخاف على نفسه ودينه بل ودنياه: أن يستمع إلى الغناء!
ثم أنت -أخي العزيز- اسأل نفسك: ماذا تستفيد من الغناء؟ هل يجعلك ثريا؟ هل يقوي ذاكرتك؟ هل يجعلك تنجح في الدراسة؟ هل يقوي علاقتك ولياقتك الاجتماعي؟ هل وهل وهل؟ الجواب بكل وضوح: أنه لا فائدة من الغناء إلا هدر الوقت وتبديد الطاقة وفساد الأخلاق!
وبعد كل هذا..
نحن عبيد لله تعالى، وعلى العبد المطيع أن يلتزم بأوامر مولاه ويطبقها من دون أن يناقشه فيها؛ لأنه إلهه وخالقه ورازقه، ولأنه يثق في أن هذا الإله العظيم لا يريد له إلا الخير.
أخذ الله بأيديكم إلى طاعته، وأبعدكم عن جميع معاصيه بحق محمد وآله.