متى بدأ تاريخ تدوين الحديث تماما عند الشيعه وما هي اوائل الكتب المدونه على عهد الائمه (ع)
التدوين عند الشيعة: طبقاً لما ورد في الأحاديث المروية في صحاح أهل السنة أنّه لم يرد نهي عن كتابة الحديث في عهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) وأنّهـا كانت أمراً متداولاً بين المسلمين، وأنّ المسلمين كانوا ينظرون إلى تدوين الحديث على أنّه حاجة ماسّة وضرورية، بل أنّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلّم) قد أكد مسالة الكتابة بوجه خاص، وحث على ذلك بعبارات مختلفة، وكان أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) كلّا حسب ما أوتي من الفهم والاستعداد يدون ما كان يسمعه من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلّم)، ومن أولئك الذين دونوا الحديث على عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أبو بكر. ومنهم عبداللّه بن عمرو بن العاص الذي قال: «كنت اكتب كل شيء أسمعه من رسول اللّه (ص) أريد حفظه، فنهتني قريش وقالوا: تكتب كل شي تسمعه من رسول اللّه (ص)، ورسول اللّه (ص) بشر يتكلم في الرضا والغضب فقال (ص): أكتب فو الذي نفسي بيده ما خرج منه إلّا حق وأشار بيده إلى فيه». ولكن بعد وفاة النبى (ص) وقع الاختلاف بين الأصحاب، فمنهم من كان يصدّ عن التدوين، واعتبر ذلك أمراً غير شرعي، وأصرّ على رأيه هذا إصراراً كثيراً، مثل: أبو بكر، عمر بن الخطاب، وابن مسعود، وابو سعيد الخدري وغيرهم، وفي مقابلهم فئة كانت تلح وتحث على تدوين الحديث وتحبب ذلك، وكانوا يكتبون الحديث ويدونونه كما كان على عهد رسول اللّه (ص)، مثل: أمير المؤمنين على (ع) وشيعته وبالأخص ابنه السبط الأكبر الإمام المجتبى (ع). وهذا الاختلاف في موضوع تدوين الحديث سبب انقسام المسلمين إلى فئتين متميزتين: مؤيدي التدوين (الإمام على (ع) وشيعته)، والصادين عن التدوين (ابو بكر واتباعه). التدوين في عهد الامام علي (ع): روى البخاري في صحيحه عن أمير المؤمنين (ع) انه قال: «لم يكن عندنا كتاب نقراه الا هذه الصحيفة ثم اخرج صحيفة فيها احكام الجراحات الديات واسنان الابل المشروطة في صحة الزكاة وان المدينة حرم ما بين عير الى ثور». وكذا اخرج عن الامام على (ع) انه خطب على المنبر، فاخرج من قراب سيفه صحيفة فنشرها، ثم قرا فيها بعض الاحكام. ونقل البخاري ومسلم في صحيحيهما احاديث كثيرة بمتون مختلفة واسانيد متواترة حول صحيفة امير المؤمنين (ع)، وذكرا بعض الاحكام التي استخرجت من هذه الصحائف طبقا لما نقله البخاري ومسلم في صحيحيهما وان لم تكن كثيرة(2)ولكن التمعن في نصوص الاحاديث يسوقنا الى معرفة حقيقتين مهمتين: الاولى: تعدد هذه الصحائف وكثرتها، والاخرى جامعيتها وشموليتها، كما اشير الى تلك الشمولية في بعض الاحاديث بان هذه الصحائف تتضمن جزئيات الاحكام وفروعها مثل احكام الديات والقصاص واسنان الابل، وحتى حدود المدينة والجبال التي حولها، وبالالتفات الى هذه النقاط تظهر لك جامعية تلك الصحائف. ولكن قال ابن حجر: وبالجمع بين هذه الاحاديث يتبين ان الصحيفة كانت واحدة، وكان جميع ذلك مكتوبا فيها، فنقل كل واحد من الرواة عنه ما حفظه. الامام الباقر (ع) والصحيفة العلوية: نقل النجاشي عن محمد بن عذافر الصيرفي انه قال: كنت مع الحكم بن عتيبة(4)ـ عيينة عند ـ ابي جعفر (ع) فجعل يساله، وكان ابو جعفر (ع) له مكرما، فاختلفافي شي فقال ابو جعفر (ع): قم يا بني، فاخرج كتاب على (ع)، فاخرج كتابا مدروجاعظيما وفتحه وجعل ينظر، حتى اخرج المسالة فقال ابو جعفر (ع): هذا خطعلي (ع)، واملا رسول اللّه (ص)، واقبل على الحكم وقال: يا ابا محمد، اذهب انت وسلمة وابوالمقدام حيث شئتم يمينا وشمالا، فواللّه لا تجدون العلم اوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم جبرئيل (ع). ظهر مما نقلناه عن الصحيحين والنجاشي ان الصحائف التي كانت عندأمير المؤمنين (ع) والتي ورثها الامام الباقر (ع) من جده (ع)، كانت تحتوي على الشرائع والسنن الالهية، ولا توجد صحيفة قبلها في تاريخ تدوين الحديث، وكان الائمة من اهل البيت (ع) يفتخرون بوجودها، ويعتبرونها ثروة غنية، وقد ذكرها علماء الشيعة وغيرهم في كتبهم المعتبرة، وهذه الصحيفة او الصحائف هي اساس الصرح العلمي الشاهق عند الشيعة، وعلى هذا النهج سار شيعة علي (ع) في كتابة السنة على نحو انه لم يحصل بين تاريخ صدور الحديث وكتابته اي فتور وانقطاع، وقد اشتهر في كل عصرالعشرات من العلما وعرفوا باسم «كتاب الحديث والمحدثين». احصاء مؤلفي الحديث وطبقاتهم: ذكر النجاشي في كتابه اسماء ما يقارب الف ومائتين راو من اصحاب الائمة (ع) ورجال الشيعة وترجم لهم واشار الى ما الفوه من الكتب في موضوع واحد اومواضيع متعددة، وقال في مقدمة كتابه: انا اذكر المتقدمين في التصنيف من سلفنا الصالح وقسم علماء الرجال المؤلفين والمصنفين المعروفين الى عهد الامام الصادق (ع) الى ثلاث طبقات ومع هذا فانه لم يعرف عددهم دقيقا، لانه من المستبعدان يكون في اصحاب الائمة (ع) من تشرف بمجلسهم وتتلمذ على يد احدهم ولم يصنف كتابا.