( 32 سنة ) - العراق
منذ سنتين

العرش والانوار الاربعه

السلام عليكم هناك حديث روي عن امير المؤمنين ع حول العرش إن العرش خلقه الله تبارك وتعالى من أنوار أربعة: نور أحمر منه احمرت الحمرة، ونور أخضر منه اخضرت الخضرة، ونور أصفر منه اصفرت الصفرة، ونور أبيض منه ابيض البياض السؤال : هل تجسدت هذه الانوار الاربع وبمن تجسدت ولماذا هذه الالوان وما دلالاتها


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اهلا وسهلا بالسائل الكريم اولا : متن الرواية، روى الكليني بإسناده، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلْبَرْقِيِّ رَفَعَهُ قَالَ: سَأَلَ اَلْجَاثَلِيقُ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَقَالَ أَخْبِرْنِي عَنِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَحْمِلُ اَلْعَرْشَ أَمِ اَلْعَرْشُ يَحْمِلُهُ فَقَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حَامِلُ اَلْعَرْشِ وَ اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ مَا فِيهِمَا وَ مَا بَيْنَهُمَا وَ ذَلِكَ قَوْلُ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: «إِنَّ اَللّٰهَ يُمْسِكُ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضَ أَنْ تَزُولاٰ وَ لَئِنْ زٰالَتٰا إِنْ أَمْسَكَهُمٰا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كٰانَ حَلِيماً غَفُوراً » قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ «وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمٰانِيَةٌ » فَكَيْفَ قَالَ ذَلِكَ وَ قُلْتَ إِنَّهُ يَحْمِلُ اَلْعَرْشَ وَ اَلسَّمَاوَاتِ وَاَلْأَرْضَ فَقَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ إِنَّ اَلْعَرْشَ خَلَقَهُ اَللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَنْوَارٍ أَرْبَعَةٍ نُورٍ أَحْمَرَ مِنْهُ اِحْمَرَّتِ اَلْحُمْرَةُ وَ نُورٍ أَخْضَرَ مِنْهُ اِخْضَرَّتِ اَلْخُضْرَةُ وَ نُورٍ أَصْفَرَ مِنْهُ اِصْفَرَّتِ اَلصُّفْرَةُ وَ نُورٍ أَبْيَضَ مِنْهُ اِبْيَضَّ اَلْبَيَاضُ وَ هُوَ اَلْعِلْمُ اَلَّذِي حَمَّلَهُ اَللَّهُ اَلْحَمَلَةَ وَ ذَلِكَ نُورٌ مِنْ عَظَمَتِهِ فَبِعَظَمَتِهِ وَنُورِهِ أَبْصَرَ قُلُوبُ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ بِعَظَمَتِهِ وَ نُورِهِ عَادَاهُ اَلْجَاهِلُونَ وَ بِعَظَمَتِهِ وَ نُورِهِ اِبْتَغَى مَنْ فِي اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرْضِ مِنْ جَمِيعِ خَلاَئِقِهِ إِلَيْهِ اَلْوَسِيلَةَ بِالْأَعْمَالِ اَلْمُخْتَلِفَةِ وَ اَلْأَدْيَانِ اَلْمُشْتَبِهَةِ فَكُلُّ مَحْمُولٍ يَحْمِلُهُ اَللَّهُ بِنُورِهِ وَ عَظَمَتِهِ وَ قُدْرَتِهِ لاَ يَسْتَطِيعُ لِنَفْسِهِ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَ لاَ مَوْتاً وَلاَ حَيَاةً وَ لاَ نُشُوراً فَكُلُّ شَيْءٍ مَحْمُولٌ وَ اَللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اَلْمُمْسِكُ لَهُمَا أَنْ تَزُولاَ وَ اَلْمُحِيطُ بِهِمَا مِنْ شَيْءٍ وَ هُوَ حَيَاةُ كُلِّ شَيْءٍ وَ نُورُ كُلِّ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً قَالَ لَهُ فَأَخْبِرْنِي عَنِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَيْنَ هُوَ فَقَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ هُوَ هَاهُنَا وَ هَاهُنَا وَ فَوْقُ وَ تَحْتُ وَ مُحِيطٌ بِنَا وَ مَعَنَا وَ هُوَ قَوْلُهُ: «مٰا يَكُونُ مِنْ نَجْوىٰ ثَلاٰثَةٍ إِلاّٰ هُوَ رٰابِعُهُمْ وَ لاٰ خَمْسَةٍ إِلاّٰ هُوَ سٰادِسُهُمْ وَ لاٰ أَدْنىٰ مِنْ ذٰلِكَ وَ لاٰ أَكْثَرَ إِلاّٰ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مٰا كٰانُوا » فَالْكُرْسِيُّ مُحِيطٌ بِالسَّمَاوَاتِ وَاَلْأَرْضِ «وَ مٰا بَيْنَهُمٰا وَ مٰا تَحْتَ اَلثَّرىٰ `وَ إِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ اَلسِّرَّ وَ أَخْفىٰ» وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: «وَسِعَ كُرْسِيُّهُ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضَ وَ لاٰ يَؤُدُهُ حِفْظُهُمٰا وَ هُوَ اَلْعَلِيُّ اَلْعَظِيمُ » فَالَّذِينَ يَحْمِلُونَ اَلْعَرْشَ هُمُ اَلْعُلَمَاءُ اَلَّذِينَ حَمَّلَهُمُ اَللَّهُ عِلْمَهُ وَ لَيْسَ يَخْرُجُ عَنْ هَذِهِ اَلْأَرْبَعَةِ شَيْءٌ خَلَقَ اَللَّهُ فِي مَلَكُوتِهِ اَلَّذِي أَرَاهُ اَللَّهُ أَصْفِيَاءَهُ وَ أَرَاهُ خَلِيلَهُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَقَالَ: «وَ كَذٰلِكَ نُرِي إِبْرٰاهِيمَ مَلَكُوتَ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَاَلْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ اَلْمُوقِنِينَ » وَ كَيْفَ يَحْمِلُ حَمَلَةُ اَلْعَرْشِ اَللَّهَ وَ بِحَيَاتِهِ حَيِيَتْ قُلُوبُهُمْ وَ بِنُورِهِ اِهْتَدَوْا إِلَى مَعْرِفَتِهِ . ثانيا : قال المجلسي في بيان تلك الرواية ما لفظه: (( أقول: قد تحيرت الافهام في معني تلك الأنوار التي هي من غوامض الاسرار فمنهم من قال هي الجواهر القدسية العقلية التي هي وسائط جوده تعالى، وألوانها كناية عن اختلاف أنواعها الذي هو سبب اختلاف الأنواع الرباعية في هذا العالم الحسي، كالعناصر والأخلاط وأجناس الحيوانات أعني الانسان والبهائم والسباع والطيور، ومراتب الانسان أعني الطبع والنفس الحساسة والنفس المتخيلة و العقل، وأجناس المولدات كالمعدن والنبات والحيوان والانسان. وقيل: إنه تمثيل لبيان تفاوت تلك الأنوار بحسب القرب والبعد من نور الأنوار، فالنور الأبيض هو الأقرب، والأخضر هو الأبعد، فكأنه ممتزج بضرب من الظلمة، و الأحمر هو المتوسط بينهما، ثم ما بين كل اثنين ألوان أخرى كألوان الصبح و الشفق المختلفة في الألوان لقربها وبعدها من نور الشمس. وقيل: المراد بها صفاته تعالى فالأخضر قدرته على إيجاد الممكنات وإفاضة الأرواح التي هي عيون الحياة ومنابع الخضرة، والأحمر غضبه وقهره على الجميع بالاعدام والتعذيب والأبيض رحمته ولطفه على عباده، قال تعالى (أما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله). وأحسن ما سمعته في هذا المقام ما استفدته من والدي العلامة - رفع الله في الجنان مقامه - وملخصه أن لكل شئ شبها ومثالا في عالم الرؤيا والعوالم التي تطلع عليها الأرواح سوى عالم الحس، وتظهر تلك الصور والمثل على النفوس مختلفة بحسب اختلاف مراتبها في الكمال، فبعض النفوس تظهر لها صورة أقرب إلى ذي الصورة وبعضها أبدع، وشأن المعبر الكامل أن ينتقل من تلك الصور إلى ما هي صور لها بحسب أحوال ذلك الشخص، ولذا لا يطلع عليها كما ينبغي إلا الأنبياء والأوصياء عليهم السلام المطلعون على مراتب استعدادات الاشخاص واختلافهم في النقص والكمال، فالنور الأصفر كناية عن العبادة وصورة لها كما هو المجرب في الرؤيا أنه إذا رأى العارف في المنام صفرة يوفق بعده لعبادة، كما هو المشاهد في وجوه المتهجدين، وقد ورد في الخبر أنه ألبسهم الله من نوره لما خلوا به، و النور الأبيض العلم، كما جرب أن من رأى في المنام لبنا أو ماء صافيا يفاض عليه علم خالص عن الشكوك والشبهات، والنور الأحمر المحبة كما هو المشاهد في وجوه المحبين عند طغيانها، وجرب أيضا في الرؤيا، والنور الأخضر المعرفة وهو العلم المتعلق بذاته وصفاته سبحانه كما هو مجرب في الرؤيا، ويومئ إليه ما روي عن الرضا عليه السلام أنه سئل عما يروى أن محمدا صلى الله عليه وآله رأى ربه في صورة الشاب الموفق في صورة أبناء ثلثين سنة رجلاه في خضرة، فقال عليه السلام: إن رسول الله عليه السلام حين نظر إلى عظمة ربه كان في هيئة الشاب الموفق وسن أبناء ثلثين سنة. فقال الراوي: جعلت فداك من كانت رجلاه في خضرة؟ قال: ذاك محمد صلى الله عليه وآله كان إذا نظر إلى ربه بقلبه جعله في نور مثل نور الحجب حتى يستبين له ما في الحجب، إن نور الله منه أخضر، ومنه أحمر، ومنه أبيض، ومنه غير ذلك (تمام الخبر) لأنه صلى الله عليه وآله كان حينئذ في مقام كمال العرفان، وخائضا في بحار معرفة الحريم المنان، وكانت رجلاه في النور الأخضر وقائما في مقام بين المعرفة لا يطيقها أحد من الملائكة والبشر وإنما عبروا بهذه العبارات والكنايات لقصور أفهامنا عن أدراك صرف الحق كما تعرض على النفوس الناقصة في المنام هذه الصور، ونحن في منام طويل من الغفلة عن المعارف الربانية، والناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا، والأحوط في أمثال هذه الأخبار الايمان بها مجملا، ورد علمها إليهم عليهم السلام. ثم اعلم أنه على الوجه الأخير الضمير في قوله (وهو العلم) راجع إلى النور الأبيض، وعلى سائر الوجوه راجع إلى العرش، أي وقد يطلق العرش على العلم أيضا، أو العرش المركب من الأنوار الأربعة هو العلم. (أبصر قلوب المؤمنين)) أي ما أبصروا وعلموا. (عاداه الجاهلون) لان الجهل مساوق الظلمة التي هي ضد النور، والمعاداة إنما تكون بين الضدين كذا قيل، والأظهر أن المراد به أن غاية ظهوره صارت سببا لخفائه كما قيل (يا خفيا من فرط الظهور) فإنه لو لم يكن للشمس غروب وأفول كان يشتبه على الناس أن ضوء النهار منها، ولما كان شمس عالم الوجود في نهاية الاستواء والكمال أبدا وفيضه جار على المواد القابلة دائما يتوهم الملحد الجاهل أنها بأنفسها موجودة غنية عن العلة أو منسوبة إلى الدهر أو الطبيعة. (ابتغى) أي طلب، ولعل المعنى أن نوره سبحانه لما طلع على عالم الوجود وآثاره سبحانه ظهر في كل موجود طلبه جميع الخلق، لكن بعضهم أخطؤوا طريق الطلب وتعيين المطلوب، فصاروا حيارى، فمنهم من يعبد الصنم لتوهمه أن مطلوبه هناك، ومنهم من يعتقد الدهر أو الطبيعة لزعمه أن أحدهما إلهه ومدبره، فكل منهم يعلمون اضطرارهم إلى خالق ورازق وحافظ ومدبر، ويطلبونه ويبتغون إليه الوسيلة، لكنهم لضلالهم وعما هم خاطئون وعن الحق معرضون، وهذا المعنى الذي خطر بالبال من غوامض الاسرار، وله شواهد من الاخبار، وإنما أو مأنا إليه على الاجمال، إذ بسط المقال فيه يؤدي إلى إبداء ما تأبى عنه الأذهان السقيمة لكن تستعذبه العقول المستقيمة. (الممسك لهما) أي للسماوات والأرض (والمحيط) بالجر عطفا على ضمير لهما و (من) بيان له أي الممسك للشئ المحيط بهما، أو متعلق بقوله (أن تزولا) وقوله (من شئ) للتعميم ويجوز رفعه بالعطف على الممسك، و (من) بيان لضمير (بهما) لقصد زيادة التعميم، أو بيان لمحذوف يعني المحيط بهما مع ما حوتاه من شئ (وهو حياة كل شئ) أي من الحيوانات أو الحياة بمعنى الوجود والبقاء مجازا (ونور كل شئ) أي سبب وجوده وظهوره، فالكرسي يمكن أن يكون المراد تفسير الكرسي أيضا بالعلم (ولا يؤده) أي لا يثقل عليه (هم العلماء) إذا كان المراد بالعرش عرش العلم كان المراد بالأنوار الأربعة صنوف العلم وأنواعه ولا يخرج عن تلك الأنواع أحد، وإذا كان المراد بالأنوار نور العلم والمحبة و المعرفة والعبادة كما مر فهو أيضا صحيح، إذ لا يخرج شئ منها أيضا، إذ ما من شئ إلا وله عبادة ومحبة ومعرفة وهو يسبح بحمده، وقال الوالد ره: الظاهر أن المراد بالأربعة العرش والكرسي والسماوات والأرض، ويحتمل أن يكون المراد بها الأنوار الأربعة التي هي عبارة عن العرش، لأنه محيط على ما هو المشهور.