( 43 سنة ) - العراق
منذ 5 سنوات

مصداقية آية الخبيثات والطيبات في سورة النور في ضوء الواقع الاجتماعي

متى يتحقق مصداق هذه الأية من سورة النور( الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ )(النور:26) علما باننا نرى بعض الحالات هناك نساء طيبات و ازواجهن خبيثون أو رجال طيبون يرزقون بنساء خبيثات؟


قال تعالى : { الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ والْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ والطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ والطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ } . الخبيث هو القبيح من كل شيء، فيشمل العقيدة والنوايا والصفات والأقوال والأفعال بشتى أنواعها، ولا يختص بالزنا، والطيب هو الحسن من كل شيء، وأطلق القرآن الكريم كلمة الخبيث على الرديء من الأرض والمال والكلام والمأكول المحرم، وعلى كل من استحق سخط اللَّه وعذابه من شياطين الإنس والجن . . وقال جماعة من المفسرين : المراد بالخبيثات هنا من خبث من النساء، وبالخبيثين من خبث من الرجال، وبالطيبات من طاب منهن، وبالطيبين من طاب منهم، وأن معنى الآية : الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال، والخبيثون منهم للخبيثات منهن، وكذلك الطيبون والطيبات . وهذا القول لا يتفق مع الواقع، فلقد رأينا الخبيثة يتزوجها الطيب، والطيبة يتزوجها الخبيث، بل لا يتفق هذا مع صريح القرآن ، قال تعالى : { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وامْرَأَةَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما } « إلى قوله » {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } (التحريم: 11). ومعلوم أن نوحاً ولوطا نبيان معصومان ، وأن فرعون هو القائل : أنا ربكم الأعلى . والذي نراه أن المراد بالخبيثات في الآية ما خبث من الأقوال والأفعال، وبالطيبات ما طاب منها، وبالخبيثين من خبث من الرجال والنساء تغليبا للذكور على الإناث، وبالطيبين من طاب منهم ومنهن أيضا من باب التغليب، وعليه يكون المعنى أن ما خبث من الأقوال والأفعال لا يصدر إلّا ممن خبث من الرجال والنساء وما طاب من الأقوال والأفعال لا يصدر إلّا ممن طاب منهم ومنهن، تماما كما قال الشاعر : « وكل إناء بالذي فيه ينضح » . { أُولئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ ورِزْقٌ كَرِيمٌ } . أولئك إشارة إلى الطيبين والطيبات، وضمير يقولون يعود إلى الخبيثين والخبيثات، وأن اللَّه سبحانه ينعم بالغفران والجنان على من طاب نفسا وفعلا . *تفسير الكاشف ، محمد جواد مغنيه ، ج5 ، ص411-413.

2