logo-img
السیاسات و الشروط
( 40 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

تهذيب النفس

ما هي الأعمال التي تخفّف عن الإنسان الذنوب والمعاصي، وتعينه على عدم ارتكابها مجدّداً؟


إذا أراد الإنسان أنْ يُهذّب نفسه، فلا بُدّ من أنْ يلتفت إلى الطرق التي يمكن استخدامها للقيام بهذا الأمر، وهذه الطرق هي: أ - الوقاية: وهي بمعنى التوقِّي من أول الأمر بالحيطة والحذر، وتجنّب ما يؤدي إلى الوقوع في المعاصي والأخلاق السيئة، وهي أفضل وأسهل وسيلة لتهذيب النفس، وقد قال الإمام عليٌّ (عليه السلام): ((ترك الخطيئة أيسر من طلب التوبة، وكم من شهوة ساعة أورثت حزناً طويلاً))، الكافي للشيخ الكلينيّ، ج ٢، ص٤٥١. ب - الترك دفعةً واحدة، من خلال فرض الإنسان إرادته وعزيمته في التخلِّي عن المعصية والإقلاع عنها، نظير ما حصل لبشر لما أثار الإمام الكاظم (عليه السلام) ضميره، وحفّز عبوديَّته عبر كلمة وجَّهها إليه، حيث جاء في الخبر : ((…فخرجت جارية وبيدها قمامة البقل، فرمتْ بها في الدرب: فقال لها: يا جارية! صاحب هذه الدار حرٌّ أم عبد؟ فقالت: بل حرّ فقال: صدقْتِ، لو كان عبداً خاف من مولاه!..))، (منهاج الكرامة، العلامة الحلي: ص ٥٩)، فخرج بشر يركض حافيا خلف الامام، وتاب على يديه، ولُقّب ببشر الحافي. ج- الترك التدريجي، من خلال ترويض النفس على ترك المعاصي شيئاً فشيئاً، إلى أنْ يستأنس بترك المعصية، كما اعتاد على فعلها سابقاً. وأما الأمور التي يمكن لها أنْ تساعدنا على تهذيب أنفسنا، فهي: أ- التفكّر: إن الإنسان إذا انشغل بأموره الدنيوية، وغفل عن الآخرة وآثار أعماله فيها، فإنه لن يندفع لتهذيب نفسه، وهنا ما هو الحلّ؟ الحلّ في التفكّر، التفكّر في العاقبة، وفي نتائج أعماله في الآخرة، وفيما سيحصل له في عالم القبر ويوم القيامة، فإن هذا التفكّر سيلجم الإنسان عن ارتكاب ما يؤدّي إلى سوء العاقبة، يقول الإمام علي (عليه السلام): ((من عمَّر قلبه بدوام الفكر، حسُنت أفعاله في السر والجهر))، ميزان الحكمة للشيخ محمد الريشهريّ، ج ٢، ص ٩٦٩. ب - التأديب والمجازاة: يمكن للمرء أن يتوعّد نفسه بالعقاب فيما لو ارتكبت المعصية، فإن فعلت عاقبها بأحد هذه الأمور: إما بالصوم يوماً، أو بدفع مبلغ مالي، أو بحرمان النفس من وجبة طعام، أو مما تشتهيه وهكذا، يقول الإمام عليٌّ (عليه السلام): ((تولَّوْا من أنفسكم تأديبها، واعدلوا بها عن ضراوة عاداتها))، نهج البلاغة، خطب الإمام علي (عليه السلام): ج ٤، ص٨٤. ج - الالتفات إلى قيم الذات وتقوية القيم الإنسانية: إنْ نفس الإنسان جوهرة ثمينة، جاءت إلى الوجود من عالم الكمال والجمال، فإذا أدرك الإنسان ذلك فإنَّه سوف ينأى بنفسه عن ارتكاب ما لا ينسجم مع مقامه كخليفة لله ومحلٍّ لتكريمه، لأنْ تلك النفس خلقت لتترفّع عن الدنس والخطايا، ولترتقي في عالم القرب إلى الله، وهذا ما يدفع نحو تهذيب النفس. و كما ينبغي على الإنسان أنْ يهتمَّ بطرق التهذيب، عليه أيضاً أنْ يزيل الموانع التي تحول دون تهذيب نفسه، وذلك بالكفِّ عن أمرين: أ- ترك معاشرة أهل السوء: إنَّ الإنسان يتأثّر بأقرانه من حيث يشعر أو لا يشعر، ولذا لابُدَّ أنْ يكون الأصحاب من الأخيار، الذين يُقرِّبُون من الجنَّة ويُبعِّدون عن النار، من هنا أكّدت الروايات كثيراً على اتخاذ الأصحاب من المؤمنين الصالحين، وضرورة الابتعاد عن قُرنَاء السوء، يقول الإمام عليٌّ (عليه السلام): ((احذر مجالسة قرين السوء، فإنَّه يهلك مقارنه ويُردي مصاحبه))، غرر الحكم، 2599، 7152. ب - الابتعاد عن الموارد التي يحتمل أن يضعف فيها، كمجالس الفسق والفجور، ومراكز السوء، والخلوة بالمرأة الأجنبية والمزاح معها، والنظر إلى المشاهد المثيرة للغرائز والشهوات، يقول الإمام علي (عليه السلام): ((إذا أبْصرَتِ العينُ الشهوة، عمي القلب عن العاقبة))، ميزان الحكمة للشيخ محمد الريشهريّ، ج ٤، ص ٣٢٨٨. ويمكنكم مراجعة بعض الكتب النافعة في هذا المجال : الأخلاق عند الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) للعلّامة الشيخ محمد أمين زين الدين. تهذيب النفس للسيّد محمد باقر السيستانيّ. الأخلاق الإسلاميَّة السيّد عبد الحسين دستغيب.

1