عدنان عبد الحسين رحم ( 22 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

عبيد الله ابن علي بين الخيانه واعداد النصرة للحسين ع

من هو عبيد الله ابن علي المدفون في محافظة العمارة وما هي قصتة وما سبب تركة للامام الحسين عليه السلام وهل حقا خان الامام الحسين عليه السلام افيدونا يرحمكم الله


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم ، نشكر تواصلك معنا أنّ صاحب هذا المرقد هو أحد أبناء الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فنسب صاحب المرقد من جهة أبيه، هو ابن علي (عليه السلام) بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي. وأمه هي: ليلى بنت مسعود بن خالد، وهي من بني تميم من أهل البصرة تزوّجها أمير المؤمنين (عليه السلام) عندما دخل البصرة في معركة الجمل سنة 36 هجرية. وولادته في سنة 37هـ فيكون عبيد الله قد قضى مع أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) ثلاث سنوات أو أربع تقريباً، ومع أخيه الحسن (عليه السلام) ما يُقارب أربع عشرة سنة، وكان في وقت استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) يبلغ من العمر ثلاثاً وعشرين سنة، إلاّ أنه لم يذكر التاريخ بقاءه في المدينة أو ذهابه مع أخيه الحسين (عليه السلام) ، ولعلّ نشأته كانت عند أخواله بني تميم في البصرة، قال في المجدي: (فأما عبيد الله فكان مع أخواله بني تميم بالبصرة حتى حضر وقائع المختار)،لكن يظهر أنّه قد عاد إلى المدينة بعد استشهاد أخيه الحسين (عليه السلام) ؛ لأنه عندما ظهر المختار في الكوفة فإنه توجّه إليه من الحجاز وليس من البصرة. وتذكر بعض المصادر التاريخية أنّه كان من الذين بايعوا عبد الله بن الزبير عند موت يزيد؛ قال البلاذري: (لما دعا ابن الزبير الناس إلى بيعته بعد موت يزيد بن معاوية، بايعوه على كتاب الله وسنّة نبيّه وسيرة الخلفاء الصالحين، وكان ممّن بايعه عبيد الله بن عليّ بن أبي طالب). والمؤرخون الذين ذهبوا إلى أنّ عبيد الله بن علي (عليه السلام) قد قُتل في معركة المذار قد اختلفوا فيما بينهم في كيفية وسبب مقتله، ومن هي الجهة أو الأشخاص الذين قتلوه، ولعل سبب الاختلاف يرجع إلى أنّ المعركة قد حدثت في الليل، وعلى كل حال، توجد ثلاث فرضيات في كيفية وسبب مقتله: الفرضية الأُولى: هي أن المختار وأصحابه هم مَن قتله في المعركة التي جرت بينهم وبين مصعب في المذار، وقد صرَّح بهذه الفرضية كل من البلاذري، والطبري نقلاً عن محمد بن عمر، وأبو الفرج الأصفهاني،ولكنهم لم يصرِّحوا أنّ قتلهم له كان عن عمد وقصد، بينما جزم ابن قتيبة في المعارف أنهم قتلوه وهم لا يعرفونه[؛ ومما يدعم هذه الفرضية ما نقله ابن أعثم الكوفي؛ إذ يقول: (ولحق رجل منهم من أهل الكوفة عبيد الله بن علي بن أبي طالب وهو لم يعرفه، فضربه من ورائه ضربةً على حبل عاتقه، جدَّله قتيلاً ). الفرضية الثانية: هي أنّ مَن قتله هم النواصب وأعداء أهل البيت عليهم السلام ، ويرجِّح هذه الفرضية المحقّق الشيخ محمد باقر المحمودي في تحقيقه لكتاب أنساب الأشراف؛ حيث يقول ـ بعد استبعاد فكرة أن أصحاب المختار هم مَن قتله ـ: (وأما قتله بيد المختار أو أصحابه فغير معلوم، ولعل الأقرب أن بعض أعداء آل البيت من نواصب البصرة، أو مَن فرَّ من المختار من أهل الكوفة ـ كابن الأشعث وشبث بن ربعي ـ قتلوه غيلةً!) ،وأيّد ما ذهب إليه ـ بل استدلّ له ـ بما رواه المسعودي في إثبات الوصية، من أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) أوصى بنيه، فقال: (إني أُوصي إلى الحسن والحسين فاستمعوا لهما وأطيعوا أمرهما. فقام إليه عبيد الله فقال: يا أمير المؤمنين، أدون محمد بن الحنفية؟ فقال له أمير المؤمنين: أجرأة في حياتي؟! كأني بك قد وُجدت مذبوحاً في خيمتك!). ولكن يمكن أن يلاحظ على هذه الرواية ـ بغض النظر عن صحة سندها ـ: أنه من البعيد جداً أن تصدر هذه الجرأة من عبيد الله؛ لأنّه ولد سنة 37هـ وأمير المؤمنين (عليه السلام) استشهد سنة 40هـ؛ فيكون عُمْر عبيد الله آنذاك ثلاث سنوات تقريباً، فمن البعيد أن يدرك هذه الأُمور وهو في هذه السنّ ويتجرّأ على أبيه، وكذلك من البعيد أن يردَّ أمير المؤمنين (عليه السلام) على طفل بهذا العمر بتلك الحدّة. الفرضية الثالثة: وهي ما ذكرها الشيخ المحمودي أيضاً بعد ذكره للفرضية الأُولى، وقد جعلها أقرب من الفرضية الأُولى، وهي أنّ عبيد الله قد قُتِل بأمر من مصعب بن الزبير غيلةً، واعتبر الشيخ المحمودي أن ما ذكره ابن سعد في الطبقات سبباً كافياً لأن يقوم مصعب باغتياله، وذلك حين تخلَّف عبيد الله في البصرة ولم يلتحق بمصعب عندما ذهب لمحاربة المختار، ثم التفاف بني تميم حوله ومبايعتهم له، وهذا يُشكّل خطراً على مصعب وحكومته، فمن الممكن أن يأمر باغتياله في تلك الليلة التي يصعب التمييز فيها، ثمّ يتَّهم المختار وأصحابه بقتله، ونقل الطبري أنّ مصعب بن الزبير قال للمُهلَّب يُخبره بمقتل عبيد الله بن علي (عليه السلام) : (هل علمت أنّ عبيد الله بن علىّ بن أبي طالب قد قُتل؟ ... المزید أتدري مَن قتله؟ قال: لا. قال: إنما قتله مَن يزعم أنه لأبيه شيعة، أما إنهم قد قتلوه وهم يعرفونه)، ولعلّه في كلامه هذا يريد أن ينفي التهمة عن نفسه، ويُبرئ ساحته من تلك الجريمة، والله العالم. وعلى كل حال، فتبقى تلك فرضيات لا يمكن الجزم بصحة أيّ منها، وتبقى كيفية مقتل عبيد الله ومَن قتله أمراً مجهولاً؛ لذا لم يزد ابن سعد على قوله: (وقُتِل عبيد الله بن علي بن أبي طالب تلك الليلة)، لكن المشهور أنه قد تُوفّي هناك في منطقة المذار ودُفن حيث مرقده الآن، وكان ذلك في سنة سبع وستين للهجرة، فيكون عمر عبيد الله بن علي (عليه السلام) ثلاثين سنة تقريباً، إلاّ أنّ الذهبي ت748هـ في تاريخ الإسلام اختلف قوله، فعند حديثه عن عبيد الله بن علي (عليه السلام) ذكر أنه قدم على مصعب بن الزبير، فوصله بمائة ألف درهم، ثم قُتِل معه في محاربة المختار سنة سبع وستين. بينما صرَّح في ترجمته لعمر بن علي (عليه السلام) في الكتاب نفسه بأنّ عبيد الله قُتِل مع مصعب سنة اثنتين وسبعين. وهذا غريب جداً، ولعله سهو من قلمه؛ فإن المؤرخين قد أجمعوا على أن وقعة المذار قد حصلت سنة سبع وستين للهجرة. ثمّ إنّ سنة اثنتين وسبعين هي السنة التي قُتل فيها مصعب بن الزبير نفسه، كما ينقل ذلك الذهبي ذاته في سير أعلام النبلاء. اتضح من خلال ماتقدم أنّ مشهور المؤرخين وأصحاب السير يرون أنّ عبيد الله بن علي (عليه السلام) لم يشترك في واقعة الطف مع أخيه الحسين (عليه السلام) سنة 61هـ، وبقي إلى سنة 67هـ، حيث واقعة المذار التي قُتل فيها، لكنْ هناك عدد من المؤرخين ذكروا أنّ عبيد الله بن علي (عليه السلام) قُتل في كربلاء مع الحسين (عليه السلام) وأخيه الأصغر، ومن أهم هؤلاء المؤرخين الطبري في تاريخه، نقلاً عن هشام بن محمد، والشيخ المفيد ت413هـ في كتابه الإرشاد، قال: (ومحمد الأصغر المكنَّى أبا بكر وعبيد الله الشهيدان مع أخيهما الحسين (عليه السلام) بالطف، أُمّهما ليلى بنت مسعود الدارمية)[45]. وتبعه الإربلي ت693هـ في كشف الغمة، ويظهر ذلك أيضاً من ابن الأثير ت630هـ في الكامل في التاريخ. ويمكن المناقشة في هذا الرأي من عدة جهات: الأُولى: إنّ هذا الرأي مخالف لما عليه مشهور المؤرخين وأرباب السير، الذين نقلوا أن عبيد الله بن علي (عليه السلام) لم يشترك في معركة الطف، وإنما قُتِل في وقعة المذار كما تقدم. الثانية: إن ما نقله الطبري في هذا الرأي هو رواية عن هشام بن محمد الكلبي، وتعارضها رواية أُخرى نقلها عن محمد بن عمر تؤكد مقتله في المذار كما أسلفنا، وما ينقله ابن الأثير في الكامل عن تاريخ القرون الثلاثة الأُولى إنما أخذه عن تاريخ الطبري. الثالثة: إن ما ذهب إليه الشيخ المفيد في الإرشاد ـ ومَن تبعه ـ ردّه بعض العلماء، كالشيخ الطوسي ت460هـ، وابن إدريس الحلي 598هـ واعتبروه خطأ محضاً. قال ابن إدريس في السرائر: (وقد ذهب أيضاً شيخنا المفيد في كتاب الإرشاد، إلى أن عبيد الله بن النهشلية، قُتِل بكربلاء مع أخيه الحسين (عليه السلام) ، وهذا خطأ محض، بلا مراء؛ لأن عبيد الله بن النهشلية، كان في جيش مصعب بن الزبير، ومن جملة أصحابه، قتله أصحاب المختار الثقفي بالمذار، وقبره هناك ظاهر، الخبر بذلك متواتر، وقد ذكره شيخنا أبو جعفر [الطوسي]، في الحائريات، لمَّا سأله السائل عما ذكره المفيد في الإرشاد، فأجاب بأن عبيد الله بن النهشلية قتله أصحاب المختار بالمذار، وقبره هناك معروف، عند أهل تلك البلاد)، مضافاً إلى أنه ورد في كتاب الإرشاد أيضاً تحت عنوان: فصل: أسماء مَن قُتِل مع الحسين بن علي عليهما السلام من أهل بيته بطف كربلاء، قال: (...وعبد الله، وأبو بكر ابنا أمير المؤمنين عليهما السلام ، أُمُّهما ليلى بنت مسعود الثقفية). الرابعة: وقوع الاختلاف الكبير بين أصحاب السير ممَّن ذكروا شهداء الطف، فمنهم مَن يُسمّيه عبد الله ومنهم يُسمّيه عبيد الله، والظاهر أن سبب هذا الاختلاف وكذلك ذهاب الشيخ المفيد وغيره إلى أن عبيد الله قُتِل في كربلاء، هو التشابه في الاسم بينه وبين شقيقه أبي بكر الذي اسمه عبد الله، كما يستضح لاحقاً. فالمتحصل: أنّ عبيد الله بن علي لم يكن من شهداء الطف، وإنما قُتِل سنة سبع وستين في منطقة المذار وقبره هناك. دمتم في رعاية الله