عن النبي محمد(ص)
لما ذهب النبي محمد(ص)إلى الغار وابو بكر ويا يقولون كانت معاه ناقه لما دخلو اين ذهبت الناقه؟
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم لم يكن هنالك راحلة أو دليل، والسبب واضح ، إذ جبل ثور في مكّة وضمن حدودها، حتى أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج إليه سيراً على الأقدام ليلاً متخفيا, ووصله في نفس الليلة أيضاً. أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله) قد غادر مكة المكرمة؛ وحده. ولم يستعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله) في هذة المرحلة بالجمال . لما جاء الإذن الرباني بالهجرة، خرج الرسول من بيته دون أن يراه فتيان قريش الذي دبروا لقتله، هذه الليلة والتي سبقتها من الليالي كانت فيها من المؤامرات والمواقف ، ضلل الرسول الأكرم المشركين، حينما أمر الامام علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن ينام في فرشه وذلك من أجل تمويه و تضليل كفار قريش، و كلفه أن يرد الأمانات والودائع إلى أهلها، فالرسول كان حريصاً على رد الأمانات. وكان إجتماع كفار قريش بدعوة من أبي جهل في دار الندوة، للبحث في كيفية القضاء على الدين الجديد، الذي يدعو إليه رسول الله ( صلى الله عليه وآله). وإنتهى هذا الإجتماع إلى الإتفاق على إغتيال النبي ( صلى الله عليه وآله). وكانت المرحلة الثانية بعد التخفي من الاغتيال هو عندما أحس الرسول بمطاردة الرجال العشرة اللذين أرادوا قتله لجأ إلى غار ثور مشياً على الاقدام وهو متخفى ، بعد أن ذهب من الليل ما يكفي لإنقطاع الطرق وخلوها من المارة، وجبل غار ثور هو جبل يقع جنوب مكة يبلغ ارتفاع قمته 728 متراً. ولم يرد نص لدينا عن كيفية تسريب خبر الاغتيال بالدقة ولكن كانت الاجواء مشحونة وربما تسرب الخبر إلى النبي أو كان للوحي الدور في حفظ النبي من القوم، ولم تحدد كتب السيرة النبوية ما إذا كان أبو جهل قد خرج من فوره يتتبع أثار أقدام رسول الله ( صلى الله عليه وآله)، والقوم بحثوا عن النبي في اماكن متفرقة ولم يحصلوا على نتيجة ووصولهم للغار في البحث هو أحد الاماكن التي وصل اليها القوم وكانت في تخمين الباحثين عن النبي، ولم يعثروا على النبي بعد معجزة الغار، وبعد مرور ثلاثة ايام وبعد قصد الخروج وتأكد النبي من عدم مطاردة القوم خرج النبي، وجاء الدليل عبد الله بن الأريقط بن بكر على الميعاد المسبق مع النبي يقود الراحلتين (الجمال) إلى النبي . ومن ثم إنتهى فصل (الخروج من مكة) بإختيار من الله تعالى وإذنه . وكان عبدالله بن بكر الديلي ( ابن أريقط) عندما دخل على النبي وهو في الغار حزن عليه وكان معه في الغار وخاطبه بـ ( لاتحزن ) قال تعالى : ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ( سورة التوبة: 39). والروايات الذاكرة لابن أريقط تشير الى معرفة النبي به قبل هجرته الى جبل ثور وعلى هذا المنحى يكون النبي (صلى الله عليه وآله) عارفاً برفيق سفره وهجرته الى المدينة أثناء حضوره في مكة . ولقد كانت قريش تعرف عبدالله بن أريقط بن بكر بصفة رجل دليل ماهر في الطرق والشعاب الموصلة إلى مكّة والمدينة، ومن الملتزمين بعبادة الأوثان. وعليه لا توجد شكوك قرشية في ولاء هذا الرجل للأصنام وفي ابتعاده عن الإسلام، وهذا ما مكّنه من أن يكون خير واسطة للنبي (صلى الله عليه وآله) في طعامه وشرابه ورسائله واحتياجاته الأخرى. فالمراحل والمنازل على الطريق بين مكة المكرمة والمدينة المنورة عددها عشرة، ويستغرق قطع كل مرحلة يوم واحدا، سواء كان السفر مشيا أو على ظهر الدواب، وتكون مدة السفر للقافلة بين مكة والمدينة المنورة في عشرة أيام. ولكن كانت حاجة النبي محمد (صلى الله عليه وآله) للراحلة وهناك أمور خفت عنا معرفتها والله العالم. وهذا واضح في قوله تعالى: ﴿ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ( سورة التوبة: 39). وما ذكر من شبهة الراحلة كما ذكر أهل التاريخ وكما ذكر ذك البخاري، قال البخاري: حدثنا مطر بن الفضل، ثنا روح، ثنا هشام، ثنا عكرمة عن ابن عباس. قال: بُعث النبي (صلى الله عليه وآله) لأربعين سنة، فمكث فيها ثلاث عشرة يوحى إليه، ثم أمر بالهجرة فهاجر عشر سنين، ومات وهو ابن ثلاث وستين سنة.. وقد كانت هجرته عليه السلام في شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة من بعثته عليه السلام وذلك في يوم الاثنين كما رواه الإمام أحمد عن ابن عباس أنه قال: ولد نبيكم يوم الاثنين، وخرج من مكة يوم الاثنين، ونبئ يوم الاثنين، ودخل المدينة يوم الاثنين، وتوفي يوم الاثنين. قال محمد بن إسحاق: وكان أبو بكر حين استأذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الهجرة فقال له: (لا تعجل لعل الله أن يجعل لك صاحبا). وقد طمع بأن يكون رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنما يعني نفسه، فابتاع راحلتين حبسهما في داره يعلفهما إعدادا لذلك. قال الواقدي: اشتراهما بثمانمائة درهم. قال ابن إسحاق: فحدثني من لا أتهم عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: كان لا يخطئ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار، إما بكرة، وإما عشية حتى إذا كان اليوم الذي أذن الله فيه رسوله (صلى الله عليه وآله) في الهجرة والخروج من مكة من بين ظهري قومه أتانا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها، قالت: فلما رآه أبو بكر قال: ما جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) في هذه الساعة إلا لأمر حدث! قالت: فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره. فجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله) وليس عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحد إلا أنا وأختي أسماء بنت أبي بكر، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أخرج عني من عندك). قال: يا رسول الله إنما هما ابنتاي، وما ذاك فداك أبي وأمي؟ قال: (إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة). قالت: فقال أبو بكر: الصحبة يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: الصحبة. قالت: فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يومئذٍ يبكي. ثم قال: يا نبي الله إن هاتين راحلتين كنت أعددتهما لهذا، فاستأجرا عبد الله بن أرقط، قال ابن هشام: ويقال عبد الله بن أريقط، رجلا من بني الدئل بن بكر، وكانت أمه من بني سهم بن عمرو، وكان مشركا يدلهما على الطريق ودفعا إليه راحلتيهما، فكانتا عنده يرعاهما لميعادهما. هذه من الاخبار الضعيفة والتي لا قيمة لها. جاء في كتاب البداية والنهاية لابن كثير الأموي عن ابن جرير الطبري ما يؤيد هجرة رسول الله إلى غار ثور وحده، فخاف ابن كثير من هذه الرواية الصحيحة الدالة على بطلان صحبة أبي بكر فارتجف قائلاً: وهذا غريب جداً وخلاف المشهور من أنهما خرجا معاً!. البداية والنهاية: ج3 ص 219، السيرة النبوية لابن كثير أيضاً: ج 2 ص 23. أجمعت الروايات والأخبار الصحيحة على أن النبي خرج وحيداً إلى الغار، وهناك سأل الله تعالى أن يبعث إليه من يدله على الطريق، فكان أن التقى النبي بالدليل عبد الله بن أريقط بن بكر حيث تذكر الروايات أن النبي قال له: (يا ابن أريقط.. أأتمنك على دمي؟ فقال ابن بكر: إذا والله أحرسك وأحفظك ولا أدل عليك. فأين تريد يا محمد؟ فقال : يثرب. قال ابن بكر: لأسلكن بك مسلكاً لا يهتدي فيها أحد). المستدرك: ج 3 ص 133، فتح الباري: ج 7 ص 8، سنن النسائي: ج 5 ص 113، شواهد التنزيل: ج 1 ص 135. وهذا وغيره من الكلام المؤيد، من أين أتت فرية لحوق أبو بكر به أو ذهابه لبيت أبي بكر؟ وليس النبي محمد (صلى الله عليه وآله) عاجز عن معرفة الطرق واسرارها وهو النبى والخبير في التجارة سابقاً ولكن لحكمة نحن غير فاهمين لها أو خفي علينا أمور . فما دام هذا هو الثابت، أي أن النبي خرج مع ابن بكر - وليس أبا بكر - من الغار متوجهاً إلى يثرب، ومادامت جميع الروايات تذكر أن أهل المدينة وكذلك الذين يسكنون ما بين المدينة ومكة، لم يشاهدوا سوى شخصين اثنين فقط . الطبقات الكبرى لابن سعد: ج 1 ص 230،سيرة ابن هاشم: ج 2 ص 100، عيون الأثر: ج 1 ص 248. دمتم في رعاية الله