كرار ( 23 سنة ) - العراق
منذ سنتين

تسمية الاسلام و المسلمين

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته (ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يبنى إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) مالمقصود بالاسلام في الاية و قال ( ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه ...) هل المقصود بالاية الثانية كل من اسلم وجهه لله حتى من باقي الاديان ام الاسلام فقط الاسلام المحمدي ؟ ارجو التوضيح و شكرا


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم ، نشكر تواصلك معنا ذكر السيد منير الخباز في بيان مفهوم الإسلام في القرآن والسنة عدة أمور ،منها: الأمر الأول: أنَّ ظاهر آيات القرآن الكريم أن الدين واحد، فليس هنالك أديان متعددة، الدين السماوي دين واحد يجمع الشرائع كلها، قال تبارك وتعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾، فهناك دين واحد وهو دين الإسلام الذي يجمع كلّ الشرائع، قال تبارك وتعالى في آية أخرى: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾، فاختلاف اليهودية والمسيحية وشريعة النبي محمد كلها تختلف في الشرائع وليس في الدين، الدين واحد يجمع الشرائع كلها، وهو المسمى بدين الإسلام، والفرق بينها هو فرقٌ في الشريعة، وفرقٌ في الأحكام سعةً وضيقًا، شريعة النبي نسخت كثيرًا من أحكام الشرائع السابقة، واتسّعت دائرة التشريع في هذه الشريعة المباركة، فالشرائع تختلف كمًّا وكيفًا، سعةً وضيقًا، لكن الدين الذي يجمع الشرائع كلها هو دينٌ واحدٌ، وهو المسمّى بدين الإسلام. الأمر الثاني: نحن عندما نقول بأنَّ دين الإسلام هو الدين الواحد الذي يجمع الشرائع كلّها، وهو ملّة إبراهيم، كما قال تبارك وتعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾، هذه الفطرة هي دين إبراهيم، هي دين الإسلام، ما هي مقوّمات ملّة إبراهيم؟ نقول مقوّمات ملة إبراهيم الخليل «عليه وعلى نبينا وآله أفضل الصلاة والسلام» هي الإيمان بالله وصفاته، ومنها وحدانيته وكماله وعدله، والإيمان بالنبوّة، أي: الإيمان بأنَّ لله تبارك وتعالى رسلًا وأنبياء، بسائر أنبيائه ورسله وملائكته، والإيمان بيوم القيامة، يعني الإيمان بالمعاد. التسليم بهذه الأمور والإيمان بهذه الأمور هو ملّة إبراهيم الخليل «عليه وعلى نبينا وآله أفضل الصلاة والسلام»، فمن سلّم وآمن بالله ووحدانيته وعدله، وآمن بالأنبياء والملائكة والرسل، وآمن بأوامر الأنبياء والرسل، وآمن بيوم المعاد، فقد تحقّقت فيه ملّة إبراهيم، ودخل في دين الإسلام. وهذا المعنى تعرّض له السيّد صاحب الميزان «أعلى الله مقامه» ومال إليه، في الجزء الثالث من الميزان عند حديثه عن قوله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾، قال: وكأنّ هذا المعنى هو المراد هاهنا، بقرينة ما يذكره من اختلاف أهل الكتاب بعد العلم بغيًا بينهم، فيكون المعنى - يعني معنى الآية - إنّ الدين عند الله واحدٌ لا اختلاف فيه، لم يأمر عباده إلا به، ولم يبيّن لهم فيما أنزله من الكتاب على أنبيائه إلا إياه، ولم ينصب الآيات الدالة إلا له، وهو الإسلام الذي هو التسليم للحقّ، الذي هو حقّ الاعتقاد وحقّ العمل، وبعبارة أخرى: التسليم للبيان الصادر عن مقام الربوبيّة، وهو وإن اختلف كمًّا وكيفًا - يعني تختلف الشرائع كمًّا وكيفًا، إلا أنها تجتمع تحت ذلك الدين الواحد، وهو دين الإسلام - في شرائع أنبيائه ورسله على ما يحكيه الله سبحانه في كتابه، غير أنّه ليس في الحقيقة إلا أمرًا واحدًا، كله إسلام، وإنّما اختلاف الشرائع بالكمال والنقص دون التضاد والتنافي، والتفاضل بينها بالدرجات، ويجمع الجميع أنّها تسليمٌ وإطاعةٌ لله فيما يريده من عباده على لسان رسله. هذا المعنى الذي استفاده السيد صاحب الميزان من الآية استدلّ عليه بسياق الآيات، ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ يعني وما اختلف الذين أوتوا الكتاب فيه، يعني في الإسلام، ﴿إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾. إذن، هذه الآية الشريفة التي تعرّض لها أيضًا السيد صاحب الميزان. الآية الثانية ألا وهي: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾، نلاحظ أيضًا أنّ بعض المفسّرين فسّرها بذلك، يعني بما يجمع الشرائع السماويّة المختلفة، هناك خيطٌ يجمع الشرائع السماوية المختلفة يسمّى بدين الإسلام، ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ﴾ كلّ النبيين ﴿لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا﴾ إلى أن يقول: ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ﴾ ما هو دين الله؟ ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾، ما هو الشيء الذي أسلم له من في السماوات ومن في الأرض؟ هو التوحيد، الخضوع، التسليم، فالإسلام الذي قال به من في السماوات ومن في الأرض الإسلام بمعنى التسليم والخضوع، ﴿قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ ثم قال: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ﴾، هذا هو الإسلام الذي يجمع كلّ الشرائع، ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾. وقد ورد في بعض الروايات ما يؤيِّد أنَّ المراد بدين الإسلام هو التسليم، فمثلًا: في التوحيد وفي تفسير العياشي عن الصادق عندما تحدّث عن هذه الآية قال: ”هو توحيدهم لله عزَّ وجلَّ“، المراد بدين الإسلام توحيد الله عزّ وجلّ الذي يجمع الشرائع السماويّة كلّها. ونحن ذكرنا بأنَّ المراد بدين الإسلام ملّة إبراهيم، والمراد بملّة إبراهيم التسليم، والتسليم يتضمّن التوحيد، ويتضمّن الإيمان بكمال الله عزَّ وجلَّ، ومن كماله عدله، ويتضمّن الإيمان بالأنبياء والرسل، ما لم يؤمن بجميع الأنبياء والرسل لم يحصل على إسلام، الذي هو بمعنى التسليم، ولذلك قرأنا الآيات المباركات، إبراهيم وموسى وعيسى وسائر الأنبياء، الإيمان بجميع رسل الله وأنبيائه ركنٌ من أركان الإسلام، وركنٌ من أركان التسليم، وركنٌ من أركان ملّة إبراهيم. نعم، من لم يدرك رسالة النبي ، مات قبل أن يبعَث النبيّ ، وآمن بجميع رسل الله وأنبيائه وإن لم يعرفهم تفصيلًا، لنفترض أنّ شخصًا عاش في زمن نوح، أو عاش في زمن إبراهيم، أو عاش في زمن موسى أو عيسى، وآمن بأنَّ لله أنبياء ورسلًا، وأنَّ لهذه الأنبياء والرسل خاتمًا يختمهم، آمن بكلّ ذلك، لكن لا يعرفهم تفصيلًا، من هو هذا الخاتم؟ ما اسمه؟ لا يعرف ذلك تفصيلًا، إلا أنّه آمن بجميع الأنبياء والرسل، مات وهو على ذلك، نعم هذا من أهل الجنّة، وله الحرمة وله الطهارة، لأنه آمن بجميع الأنبياء والرسل وإن لم يعرف أسماءهم تفصيلًا، آمن بهم وآمن بخاتمهم. أو من أدرك نبوّة النبيّ ولم يستطع الوصول إليه، لعجزٍ فيه، بحيث يكون معذورًا في عجزه، فهو يؤمن بالنبي وإن لم يعرفه تفصيلًا، يؤمن بالنبي وإن لم يعرف اسمه تفصيلًا، نعم هذا أيضًا يحكَم له بالحرمة والطهارة. أمّا من أدرك النبي، وأمكنه الوصول إلى معرفة دينه، فقصّر في الوصول إليه، فهذا غير معذور، ولا تشمله الآية المباركة، ولا تشمله سائر هذه الآيات، كلامنا فيمن لم يدرك أو أدرك وكان عاجزًا عن الوصول، وكان مؤمنًا بجميع أنبياء الله ورسله وخاتمهم، وإن لم يعرفهم تفصيلًا لعجزٍ فيه أو لتعذّر عنده، نعم هذا الذي نقول بأنّه تشمله الآيات المباركات. والآيات التي ذكرناها، هذه الآيات قالت: الإسلام ملّة إبراهيم، ملّة إبراهيم هي التسليم لله تبارك وتعالى، والتسليم لله عبارة عن الإيمان به وبصفاته والإيمان بالأنبياء والإيمان بالمعاد يوم القيامة، الإيمان بالأنبياء جميعًا، من هم الأنبياء جميعًا؟ تأتي الروايات تضيِّق، تقول: ”الإسلام - كما ورد عن النبيّ - شهادة أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمّدًا رسول الله، به حُقِنَت الدماء وجرت المناكح والمواريث“، هذه الرواية تقول هكذا: الإسلام الموجود في القرآن متقوِّمٌ بهاتين الشهادتين، فلا بدَّ من أن يشهد تفصيلًا لا إجمالًا بنبوّة النبيّ ، هذا من حكومة الرواية على الآية، حكومة تضييق، لا بدَّ من أن يكون بهذا الضمن وبهذا الإطار. وكذلك روايات متعدِّدة عندنا تتحدّث عن الإسلام، هذه طريقةٌ متّبعةٌ لدى علمائنا، حكومة الرواية على الآية، فكذلك هنا الروايات حاكمةٌ على هذه الآيات الشريفة . دمتم في رعاية الله

2