logo-img
السیاسات و الشروط
مصطفى الساري ( 23 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

تفسير اية

تفسير قوله تعالئ (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت)


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم ، نشكر تواصلك معنا جاء في تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - ص ٥٣-٥٤: قوله تعالى: " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت " إلى آخر الآية الظاهر إن بالقول متعلق بقوله يثبت لا بقوله آمنوا والباء للآلة أو السببية لا للتعدية وان قوله في الحياة الدنيا وفي الآخرة متعلق أيضا بقوله يثبت لا بقوله الثابت. فيعود المعنى إلى أن الذين آمنوا إذا ثبتوا على ايمانهم واستقاموا ثبتهم الله عليه في الدنيا والآخرة ولولا تثبيته تعالى لهم لم ينفعهم الثبات من أنفسهم شيئا ولم يستفيدوا شيئا من فوائده فإليه تعالى يرجع الامر كله فقوله تعالى: " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت " في باب الهداية يوازن قوله: " فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم " الصف: 5 في باب الاضلال. غير أن بين البابين فرقا وهو ان الهدى يبتدئ من الله سبحانه ويترتب عليه اهتداء العبد والضلال يبتدئ من العبد بسوء اختياره فيجازيه الله بالضلال على الضلال كما قال: " وما يضل به الا الفاسقين " البقرة: 26 وقد تكاثرت الآيات القرآنية إن الهداية من الله سبحانه ليس لغيره فيها صنع. وتوضيح المقام إن الله سبحانه خلق الانسان على فطرة سليمة ركز فيها معرفة ربوبيته وألهمها فجورها وتقواها وهذه هداية فطرية أولية ثم أيدها بالدعوة الدينية التي قام بها أنبياؤه ورسله. ثم إن الانسان لو جرى على سلامة فطرته واشتاق إلى المعرفة والعمل الصالح هداه الله فاهتدى العبد للايمان عن هدايته تعالى واما جريه على سلامة الفطرة فلو سمي اهتداء فإنما هو اهتداء متفرع على السلامة الفطرية لو سميت هداية. ولو انحرف الانسان عن صراط الفطرة بسوء اختياره وجهل مقام ربه وأخلد إلى الأرض واتبع الهوى وعاند الحق فهو ضلال منه غير مسبوق باضلال من الله وحاشاه سبحانه لكنه يستعقب اضلاله عن الطريق مجازاة وتثبيته على ما هو عليه بقطع الرحمة منه وسلب التوفيق عنه وهذا اضلال مسبوق بضلاله من نفسه بسوء اختياره وإزاغة له عن زيغ منه. ومن هنا وجه اختلاف السياق في الآيتين اما قوله فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم فقد فرض فيه زيغ منهم ثم أزاغه منه تعالى واما قوله يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فقد فرض فيه ايمان ثابت على التثبيت وهو في نفسه يستلزم هداية منه واهتداء منهم ثم أضيف إلى ذلك القول الثابت وهو ثباتهم واستقامتهم بحسن اختيارهم على ما آمنوا به وهو فعلهم فيعقبه الله بتثبيتهم بسبب ذاك القول الثابت وحفظهم من الزيغ والزلل يدفع عنهم بذلك مخاطر الحياة في الدنيا والآخرة وهذا هداية منه تعالى غير مسبوقة باهتداء من عند أنفسهم يرتبط بها فافهم ذلك. وكيف كان فهذا التثبيت بالنظر إلى التمثيل بمنزلة احكام الشجرة الطيبة من جهة ثبوت أصلها في الأرض وإذا ثبت أصل الشجرة نمت وتفرعت بالفروع وأتت بالأثمار في كل حين والدنيا والآخرة تحاذيان كل حين فان الدنيا والآخرة تشملان جميع الأحيان فهذا ما يعطيه السياق من معنى الآية. وقيل إن المعنى يثبت الله الذين آمنوا ويقرهم في كرامته وثوابه بالقول الثابت الذي وجد منهم وهو كلمة الايمان لأنه ثابت بالحجج والأدلة فالمراد بتثبيتهم تقريبهم منه واسكانهم الجنة وبثبوت قولهم تأيده بالحجة والبرهان وفيه انه تقييد من غير مقيد. وقيل المعنى انه يثبتهم بالتمكين في الأرض والنصرة والفتح والغلبة في الدنيا وإسكان الجنة في الآخرة وهو بعيد من السياق. دمتم في رعاية الله