عليكم السلام ورحمة الله
نلفت عنايتكم في موضوع السحر -أو العين (والتي يسميها الناس بالحسد)- إلى أمور مهمة:
أولا: أول ما ينبغي على الإنسان أن يهتم به كي يحفظه الله تعالى من شرور الدنيا هو طاعة الله عز وجل؛ بأن يلتزم بالواجبات، ويترك المحرمات جميعها؛ فقد قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) ويَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}.
ونخص بالذكر: الذنوب التي تتعلق بحقوق الآخرين والواجبات تجاههم، كقطيعة الرحم، وحرمان الأيتام من حقهم في الخمس وغيره، وأذية العائلة، وعقوق الوالدين؛ فعليكم بالحذر منها كثيرا، وتدارك ما فات فيها.
ثانيا: كثير من الحالات التي يتصور الناس أنها بسبب السحر -أو الحسد- هي في الواقع ليست منه، بل إما أن تكون تخيلات أو أمراضا نفسية تصيب الإنسان فتتغير أحواله بشكل يوحي أنه مصاب بالسحر أو قد تلبس به الجن كما يقولون.
فمن يتعرض لمثل هذه الأمور لابد قبل كل شيء من عرضه على طبيب مختص.
وهذا الأمر قد لا يتقبله بعض الناس؛ فيبقون يبحثون عن العلاج عند بعض الدجلة والمشعوذين فلا تزيد حالتهم إلا سوءا، بينما لو بحثوا عن الطبيب الحاذق لكانت قضيتهم قد حلت بفترة أقصر من التي قضوها بالمعاناة مع هؤلاء!
فلا ينبغي للمؤمن أن يترك الطريق السليم ويذهب إلى أشخاص لا يعلم صلاحهم من فسادهم.
نعم إذا انحصرت المعالجة فعلا في مراجعة من يعرفون بـ(الروحانيين) فللضرورة أحكامها.
أما من لا يجد شيئا من ذلك وإنما يرى المشاكل -كما يحصل بين الزوجين- فعليه أولا بالبحث عن أسباب حصول المشاكل لأجل حلها، وليس من الصحيح أن يعلق الأمر على السحر والعين؛ فكثيرا ما تكون المشاكل بين الزوجين هي بسبهما وقد يكون بسبب أحدهما؛ فالزوجة التي لا تطيع زوجها وتؤذيه أو لا تعطي حقه في الفراش، من الطبيعي أن تحصل مشكلة بينهما بسبب ذلك قد تؤدي إلى انفصالهما، وكذلك الزوج العصبي في البيت أو الذي لا يلبي رغبات زوجته!
ثالثا: على الإنسان أن يقوي علاقته بالله تعالى وثقته به، ولا ينشغل بالسباب فقط، ويعرض عن ربه، ولا يوكل أمره إليه؛ فقد قال عز وجل: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً}، وقال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً ونَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}.
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): «من وثق بالله أراه السرور، ومن توكل عليه كفاه الأمور»، و«من توكل على الله ذلت له الصعاب، وتسهلت عليه الأسباب»، و«توكلوا على الله وثقوا به، فإنه يكفي ممن سواه».
رابعا: عليكم بفعل الأمور العامة التي لها تأثير عظيم على استقامة حياة الإنسان، نذكر بعض المهم منها:
1. كثرة الاستغفار؛ فقد قال تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً (10) يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً (11) ويُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وبَنِينَ ويَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ ويَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً}.
2. الصدقة؛ فلا يخفى أثرها العظيم على مختلف الأمور المتعلقة بالإنسان؛ فعليكم بالاهتمام بها كثيرا، والاستمرار عليها يوميا بالمقدار المستطاع.
3. إدخال السرور على قلوب المؤمنين؛ خصوصا الأقارب ومن له حق عليكم. وطرق ذلك كثيرة ويمكن للإنسان أن يقوم بكثير منها بسهولة ولا يحتاج غالبا إلى المال؛ فعليكم العناية بها كثيرا.
4.كثرة الدعاء والتضرع إلى الله تعالى، وكذلك طلب الدعاء من الآخرين خصوصا الوالدين والصالحين والعلماء، قال تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ}.
خامسا: فعل الأمور التي لها الأثر في السحر أو العين أو عموم الأمراض، نذكر بعضا منها:
1- قراءة القرآن الكريم خصوصا البقرة وآية الكرسي والمعوذتين، ولعله يغني عن ذلك استماع القرآن وتشغيله في المنزل باستمرار.
2- قراءة بعض الأدعية والمعوذات الواردة في السحر والعين ويمكنكم مراجعة بحار الأنوار باب (الدعاء لدفع السحر والعين).
3- الأذان بصوت عال في البيت.
نسأل الله تعالى أن يفرج عنكم وعن جميع من ابتلى بهذه الابتلاءات بحق محمد وآله.