logo-img
السیاسات و الشروط
حسن علي ( 43 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

تفسير

ما هو تفسير؟ (بسم الله الرحمن الرحيم) ودمتم


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم ، نشكر تواصلك معنا هذه الآية المباركة ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾،تشتمل على كثير من المعارف الإلهية، لا سيّما الصفات الراجعة إلى ذات الباري عز وجل. وفي اختيار صفتي ﴿الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ ما فيه من البشارة للإنسان، من كونه مورد رحمته وعطفه تعالى، مهما تعددت أسباب الشر وقويت، وفيها إرشاد إلى تعليم الإنسان لتوخّي الرحمة والمودة في أفعاله، وجعل نفسه من مظاهر رحمته تعالى، ليعرف أنّه مؤمن باللّه تعالى، وأن لا يعتمد على نفسه مهما بلغ من الكمال، لأنّه المحتاج بعدُ، بل لابدَّ له من إيكال أمره إلى الغني المطلق. ونبين لكم مفرداتها: ١-الباء للاستعانة، لأنّ الإنسان مفتقر بذاته، والمحتاج المطلق، لابدَّ أن يستعين في جميع شؤونه بالغنيّ المطلق الذي هو اللّه تعالى، فالممكنات محتاجة إليه فهي بلسان الحال تستعين به تعالى. ٢-الاسم: أصله من السمو، بمعنى الرفعة،ويصح أن يكون اشتقاقه من السمة، بمعنى العلامة.والهاء عوض الواو فيكون أصله الوسم، فالوسم والوسام والوسامة بمعنى العلامة،والحاصل أنَّ الاسم هو كلّ ما يدلُّ على الشي‏ء، وأسماء الله إنَّما سُميّت أسماء لأنَّها دالّة عليه وعلامة عليه.‏ ٣-الله لفظ الجلالة، ولا يطلق إلا عليه سبحانه وتعالى، فالله أصله الإله، حذفت الهمزة لكثرة الاستعمال، وإله‏ من أله الرجل يأله بمعنى عبد، أو من أله الرجل أو وله الرجل أي تحيّر، فهو فعال بكسر الفاء بمعنى المفعول ككتاب بمعنى المكتوب، سُمِيَ إلها لأنه معبود أو لأنه مما تحيّرت في ذاته العقول، والظاهر أنه عَلم بالغلبة، وقد كان مستعملاً قبل نزول القرآن، ويعرفه عرب الجاهلية. ومما يدل على كونه عَلماً أنه يوصف بجميع الأسماء الحسنى وسائر أفعاله المأخوذة من تلك الأسماء من غير عكس، فيُقال: الله الرحمن الرحيم ويقال: علم الله، ورزق الله، ولما كان وجوده سبحانه، وهو إله كل شي‏ء يهدي إلى اتصافه بجميع الصفات الكمالية. ٥-﴿الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾‏، فهما من الرحمة، وهي وصف انفعالي وتأثر خاص يلم بالقلب عند مشاهدة من يفقد أو يحتاج إلى ما يتم به أمره، فيبعث الإنسان إلى تتميم نقصه ورفع حاجته، يرجع هذا المعنى إلى الإعطاء والإفاضة لرفع الحاجة، وبهذا المعنى يتصف سبحانه بالرحمة. لقد تعددت الأقوال بين المفسرين في الفرق بين الرّحمن والرّحيم، ومنها: الأول: أنّ صفة (الرّحمن) تشير إلى الرحمة الإلهية العامة، وهي تشمل الأولياء والأعداء، والمؤمنين والكافرين، والمحسنين والمسيئين، وصفة (الرحيم) إشارة إلى رحمته الخاصة بعباده الصالحين المطيعين، قد استحقوها بإيمانهم وعملهم الصالح، وحُرم منها المنحرفون والمجرمون. الثاني: (الرّحمن) يختص بالدنيا و(الرحيم) بالآخرة، لتقدم الدنيا على الآخرة في سلسلة العوالم والنشآت الزمانية، فيكون المقدم للمتقدم والأخير للمتأخر، أو لذكر الرحيم مقرونا بالغفران والتوبة في جملة من الآيات الكريمة، والغفران وأثر التوبة في الآخرة فيكون الرحيم مختصا بها. الثالث: (الرحمن) على وزن فعلان، وهي صيغة مبالغة تدل على الكثرة، و(الرحيم) على وزن فعيل، وهي صفة مشبهة تدل على الثبات والبقاء. الرابع: إنّ (الرحمن) من الأسماء الخاصة باللّه، ولا تُستعمل لغيره، بينما (الرحيم) صفة تنسب للّه ولعباده، فالقرآن وصف بها الرّسول الكريمصلی الله عليه وآله وسلم،وإلى هذا المعنى ‏أشار الإمام الصادقعليه السلام. الخامس: أنّ (الرحمن) ذات الرحمة الشاملة لكل محتاج إليها، وبجميع مراتبها التفضلية بلا اختصاص لها بنوع دون نوع، من الجماد والنبات والحيوان والإنسان وسائر المخلوقات، ومن أهم مصاديق الرحمانيّة تنظيم عالم التكوين بأحسن نظام ومن أجلى مصاديق الرحيمية تنظيم التشريع بأكمل نظام، وأثر التشريع إنما يظهر بالنسبة إلى المؤمنين العاملين به اختص الرحيمية بالآخرة من هذه الجهة، فهو تعالى رحيم في الدنيا بالتشريع، وفي الآخرة بالجزاء عليه. دمتم في رعاية الله

5