الدجيلي ( 30 سنة ) - العراق
منذ سنتين

برهان النظم

ما هو برهان النظم الذي يستدلون به على وجود الخالق الحيكم لهذا العالم؟ وهل يمكن أن يستوعب هذا البرهان جميع الناس أم يختص بمن له ذهنية عالية؟


برهان النظم يتكون من مقدمتين: الأولى: المقدمة الحسية الصغروية، وحاصلها: أن الظواهر الطبيعية إذا تأمل فيها الإنسان من خلال المشاهدات الحسية أو من خلال الأدوات العلمية التجريبية يجد أنها برمتها تخضع لنظام دقيق ومتكامل. ومن تلك الظواهر العظيمة مثلا: أن الأرض تتم دورة واحدة حول محورها في كل أربع وعشرين ساعة، ومعنى ذلك أنها تسير حول محورها بسرعة ألف ميل في الساعة، فإذا فرضنا أن هذه السرعة انخفضت إلى مائتي ميل في الساعة لطالت أوقات ليلنا ونهارنا عشر مرات بالنسبة إلى ما هي عليه الآن، ويترتب على ذلك أن تحرق الشمس بشدة حرارتها كل شيء فوق الأرض، وما بقي بعد ذلك ستقضي عليه البرودة الشديدة في الليل. الثانية: المقدمة العقلية الكبروية، وحاصلها: أن العقل بعد أن لاحظ ذلك النظام الدقيق، يحكم بالبداهة بوجود منظم و مدبر وراءه، لا يكون إلا مريدا عالما قديرا حكيا. فالنتيجة: أن للكون صانعا منظما قادرا مختارا عالما حكيما. وقد أثار القرآن الكريم هذا البرهان كثيرا في آياته فقال: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}، وقال: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}. وهذا البرهان برهان بسيط، يستوعبه الصغير قبل الكبير، والجاهل قبل العالم، وهو مما أذعن به وتأله على ضوئه الكثير من عباقرة العلم، بل يفترض أن علماء الطبيعة كلما توغلوا في معارفهم ازدادوا يقينا وإيانا بالله سبحانه وتعالى، وهو ما أومأت إليه الآية المتقدمة، حين قالت: {سنريهم} فلا تغادرها حتى تقف على مغزاها. (خلاصة المعارف العقائدية) بتصرف يسير.