وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اهلا وسهلا بالسائل الكريم
ورد في البحار للمجلسي المجلد (٦٧) عن معاني الأخبار، ورد عن عبد الله عليه السلام عن قول الله عزّ وجلّ " اتقوا الله حق تقاته" قال: يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر .
ورد في معاني الأخبار للشيخ الصدوق (رحمه الله) قصة وقعت مع الامام جعفر بن محمد (عليه السلام) ورجل من العامة يعظمه الناس، كان يسوق من الخباز والبقال ويعطي ذلك إلى الفقراء بحجة أنه يعمل عملاً صالحاً يهدم السيئة التي ارتكبها أي السرقة ولا بأس اذكر لك الرواية بنصها .
ورد عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام في قوله: " اهدنا الصراط المستقيم " قال: أدم لنا توفيقك الذي به أطعناك في ماضي أيامنا حتى نطيعك كذلك في مستقبل أعمارنا. والصراط المستقيم هو صراطان: صراط في الدنيا، و صراط في الآخرة. وأما الصراط المستقيم في الدنيا فهو ما قصر عن الغلو، وارتفع عن التقصير، واستقام فلم يعدل إلى شئ من الباطل.
وأما الطريق الآخر فهو طريق المؤمنين إلى الجنة الذي هو مستقيم لا يعدلون عن الجنة إلى النار ولا إلى غير النار سوى الجنة.
قال: وقال جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام، في قوله عز وجل: " اهدنا الصراط المستقيم " قال: يقول أرشدنا [إلى] الصراط المستقيم أرشدنا للزوم الطريق المؤدي إلى محبتك، والمبلغ [إلى] دينك والمانع من أن نتبع أهواءنا فنعطب، أو نأخذ بآرائنا فنهلك.
ثم قال عليه السلام: فإن من اتبع هواه وأعجب برأيه كان كرجل سمعت غثاء العامة تعظمه وتسفه فأحببت لقاءه من حيث لا يعرفني لأنظر مقداره ومحله، فرأيته قد أحدق به خلق [الكثير] من غثاء العامة فوقفت منتبذا عنهم متغشيا بلثام أنظر إليه وإليهم، فما زال يراوغهم حتى خالف طريقهم وفارقهم ولم يقر فتفرقت العوام عنه لحوائجهم، وتبعته أقتفي أثره فلم يلبث أن مر بخباز فتغفله فأخذ من دكانه رغيفين مسارقة فتعجبت منه، ثم قلت في نفسي: لعله معاملة، قم مر بعده بصاحب رمان فما زال به حتى تغفله فأخذ من عنده رمانتين مسارقة، فتعجبت منه، ثم قلت في نفسي: لعله معاملة،
ثم أقول: وما حاجته إذا إلى المسارقة، ثم لم أزل أتبعه حتى مر بمريض فوضع الرغيفين والرمانتين بين يديه ومضى، وتبعته حتى استقر في بقعة من الصحراء، فقلت له: يا عبد الله لقد سمعت بك وأحببت لقاءك، فلقيتك ولكنني رأيت منك ما شغل قلبي! وإني سائلك عنه ليزول به شغل قلبي، قال: ما هو قلت: رأيتك مررت بخباز وسرقت منه رغيفين، ثم بصاحب الرمان وسرقت منه رمانتين! قال: فقال لي: قبل كل شئ حدثني من أنت؟
قلت: رجل من ولد آدم عليه السلام من أمة محمد صلى الله عليه وآله.
قال حدثني من أنت؟
قلت: رجل من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله. قال: أين بلدك قلت:
المدينة.
قال: لعلك جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم قلت: بلى.
فقال لي: فما ينفعك شرف أصلك مع جهلك بما شرفت به وتركك علم جدك وأبيك لئلا تنكر ما يجب أن يحمد ويمدح عليه فاعله؟
قلت: وما هو؟ قال: القرآن كتاب الله! قلت: وما الذي جهلت منه؟ قال: قول الله عز وجل: " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها "
وأني لما سرقت الرغيفين كانت سيئتين ولما سرقت الرمانتين كانت سيئتين فهذه أربع سيئات فلما تصدقت بكل [واحد] منهما كان لي [بها] أربعين حسنة فانتقص من أربعين حسنة أربع بأربع سيئات بقي لي ست وثلاثون حسنة.
قلت: ثكلتك أمك! أنت الجاهل بكتاب الله، أما سمعت أنه عز وجل يقول: " إنما يتقبل الله من المتقين " إنك لما سرقت رغيفين كانت سيئتين ولما سرقت رمانتين كانت أيضا سيئتين ولما دفعتهما إلى غير صاحبيهما بغير أمر صاحبيهما كنت إنما أضفت أربع سيئات إلى أربع سيئات ولم تضف أربعين حسنة إلى أربع سيئات، فجعل يلاحظني فانصرفت وتركته.
قال الصادق عليه السلام: بمثل هذا التأويل القبيح المستكره يضلون ويضلون وهذا نحو تأويل معاوية [لعنه الله] لما قتل عمار بن ياسر - رحمه الله - فارتعدت فرائص خلق كثير،
وقالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: عمار تقتله الفئة الباغية.
فدخل عمرو على معاوية [لعنه الله] وقال: يا أمير المؤمنين قد هاج الناس واضطربوا. قال: لماذا؟ قال: قتل عمار.
فقال معاوية [لعنه الله]: قتل عمار فماذا؟
قال: أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: [عمار] تقتله الفئة الباغية؟ فقال له معاوية [لعنه الله]: دحضت في قولك، أنحن قتلناه؟
إنما قتله علي بن أبي طالب لما ألقاه بين رماحنا! فاتصل ذلك بعلي بن أبي طالب عليه السلام، فقال: إذا رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي قتل حمزة لما ألقاه بين رماح المشركين!.
ثم قال الصادق عليه السلام: طوبى للذين هم كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يحمل هذا العلم من كل خلف عدو له، وينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.