( 24 سنة ) - السعودية
منذ سنتين

الإخلاص في العبادة

هل الإخلاص اساس قبول العمل؟ وهل كثرة الأعمال الصالحة والطاعات لا تنفع اذا كانت لمجرد العباده والحصول على الثواب؟


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أختي الكريمة.. قد وردت نصوص عديدة في أهمية الإخلاص في عبادة الله تعالى: 1- قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}، {فَاعْبُدْ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (2) أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ}، {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (145) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ}، { فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} (قيل إن هذه الآية نزلت فيمن يعمل لله ويحب أن يُحمد على عمله). 2- وفي الحديث القدسي: «الإخلاص سر من أسراري، استودعته قلب من أحببت من عبادي». 3- وعن أمير المؤمنين (ع): «لا تهتموا لقلة العمل واهتموا للقبول»، و«طوبى لمن أخلص لله العبادة والدعاء، ولم يشغل قلبه بما ترى عيناه، ولم ينس ذكر الله بما تسمع أذناه، ولم يحزن صدره بما أعطى غيره! ». 4- وعن الإمام الصادق (عليه السلام) في قول الله عز وجل: {ليبلوكم أيكم أحسن عملا}: «ليس يعني أكثركم عملا، ولكن أصوبكم عملا. وإنما الإصابة خشية الله والنية الصادقة»، ثم قال: «الايفاء على العمل حتى يخلص أشد من العمل، والعمل الخالص الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله عز وجل، والنية أفضل من العمل، ألا وإن النية هي العمل». قال الشيخ النراقي (قدس سره) في جامع السعادات بعد ذكره هذه النصوص وغيرها: «ومن تأمل هذه الأخبار وفي غيرها مما لم يذكر، يعلم أن الإخلاص رأس الفضائل ورئيسها، وهو المناط في قبول الأعمال وصحتها، ولا عبرة بعمل لا إخلاص معه، ولا خلاص من الشيطان إلا بالإخلاص، لقوله: إلا عبادك منهم المخلصين». وكذلك وردت نصوص عديدة في ذم الرياء: 1- قال تعالى: { فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ}. 2- وعن النبي (صلى الله عليه وآله): - إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر! قالوا: وما الشرك الأصغر؟ قال: الرياء، يقول الله عز وجل يوم القيامة للمرائين إذا جازى العباد بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون لهم في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم الجزاء. - يقول الله تعالى: من عمل لي عملا أشرك فيه غيري فهو له كله، وأنا منه برئ، وأنا أغنى الأغنياء عن الشرك. - لا يقبل الله تعالى عملا فيه مثقال ذرة من رياء. - إن المرائي ينادى عليه يوم القيامة يا فاجر يا غادر يا مرائي ضل عملك وحبط أجرك اذهب فخذ أجرك ممن كنت تعمل له. - سيأتي على الناس زمان تخبث فيه سرائرهم وتحسن فيه علانيتهم طمعا في الدنيا لا يريدون به ما عند ربهم، يكون دينهم رياء لا يخالطهم خوف، يعمهم الله بعقاب فيدعونه دعاء الغريق فلا يستجيب لهم. إلى غير ذلك من النصوص الذامة للرياء.. لكن لا يعني ذلك أن على العبد أن يترك العبادة لأنه يخاف الرياء وعدم الإخلاص، بل يأتي بالعبادة ويحاول الإخلاص فيها مهما أمكن؛ فإنه بالاستمرار بالعبادة مع العناية بالإخلاص يزول عنه الرياء والشوائب الأخرى إن شاء الله تعالى.. فلا تتركوا العمل أبدا بحجة أنه غير خالص لله تعالى؛ فإن هذا معناه الحرمان من الطاعات، والاستسلام والضعف أمام الشيطان والنفس الأمارة بالسوء. ولا تبحثوا عن الاطمئنان بأن عملكم خالص لله تعالى؛ فلا نبالغ إن قلنا إن هذا الاطمئنان يستحيل تحصيله، بل لعل تحصيله مضر بالإنسان؛ فمن المهم للإنسان أن يبقى خائفا وجلا، لا يطمئن إلى عمله، أما لو اطمأن إلى عمله كان عرضة للعجب بنفسه والعياذ بالله. وفقكم الله لكل خير..

2