logo-img
السیاسات و الشروط
( 22 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

الاعاقة منذ الولادة

لماذا الله خلق بعض الناس منذ المولد بمرض كالاعاقة مثلا؟


ان علة النقص في المعلولين، قد تكون من جهة تزاحم الأسباب في عالم المادة و قد مر أن بعض الشرور من لوازم العالم المادي، ولعل اليه اشار الامام الصادق(ع) في توحيد المفضل حيث قال: وأنت يا مفضل ترى اصناف الحيوان ان يجري أكثر ذلك على مثال ومنهاج واحد كالانسان يولد وله يدان و رجلان وخمس أصابع، كما عليه الجمهور من الناس فأما ما يولد على خلاف ذلك فانه لعلة تكون في الرحم او في المادة التي ينشأ منها الجنين، كما يعرض في الصناعات حين يتعمد الصانع الصواب في صنعته فيعوق دون ذلك عائق في الأداة او في الآلة التي يعمل فيها الشيء فقد يحدث مثل ذلك في اولاد الحيوان للاسباب التي وصفنا فيأتي الولد زائداً او ناقصاً او مشوهاً ويسلم اكثرها فيأتي سوياً لا علة فيه. (بحار الأنوار ج۳ ص۱۵۰) و بالجملة فهذه النواقص الحاصلة من ناحية تزاحم الاسباب من لوازم عالم المادة، وحيث كانت خيرية عالم المادة غالبة، فالراجح هو ايجاده بما هو عليه، كما لا يخفي، و قد تكون من جهة ظلم الظالمين المتجاوزين المختارين في أعمالهم، او من جهة جهل الآباء و الامهات بآداب النكاح و سننه، و شرائط التوالد و التناسل، وكيفية التغذية وحفظ الصحة، او من جهة سوء أفعالهم ، أو غير ذلك من المؤثرات الاختيارية. ومن المعلوم ان الله تعالى بريء عن ظلم الظالمين ونهاهم عنه وأكده، و فرض منعهم على كافة الناس ويعاقبهم في الآخرة، و هكذا ارشد الآباء و الامهات، بتشريع الاحكام و السنن، و الآداب الشرعية، و ايضا حذر الناس عن العصيان و ارتكاب المعاصي، و الاعمال السيئة لتطيب اولادهم و احفادهم. فما ينبغي ان يفعله الله لم يتركه، بل اتي به حق الاتيان، و انما التقصير و القصور من ناحيه الناس و عالم المادة كما لا يخفى. لا يقال: ان المعلولين لا يتمكنون من الاستكمال؛ لأنهم لعلتهم عاجزون عن اتيان الاعمال الصالحة، بمثل ما اوتي به غيرهم فلا وجه لخلقهم. لأنا نقول: ان التكليف ليس الا بمقدار طاقتهم، فاذا اتوا بالاعمال بهذا المقدار، تمكنوا من الاستكمال بما أتوا به والله تعالى رؤوف بالعباد. هذا مضافا الى ان لهم ان يقصدوا جميع الخيرات التي اوتي بها غيرهم ممن ليس فيهم نقصهم فلهم ثواب تلك الاعمال ان كانوا صادقين في قصدهم؛ لأن الاعمال بالنيات على أن الصبر علي العلة والنقص يوجب ازدياد الكمال والثواب و الحسنات فقد روي في الكافي عن ابي عبدالله عليه السلام أنه قال: «من ابتلى من المؤمنين ببلاء فصبر عليه كان له مثل اجر الف شهيد» (الاصول من الكافي ج٢ ص۹٢) وكم من معلول نال المقامات العالية و الشامخة، لعلو همته و نشاطه، فعلى المعلولين ان لا يتركوا السعي نحو الكمال بمقدار الطاقة، وعلى الناس ان يساعدوهم في هذا المجال، و لا يهملوهم، فانهم اخوانهم والمسلم يهتم بامور المسلمين. (بداية المعارف الالهية في شرح عقائد الامامية السيد محسن الخرازي ص۱۳۷)

1