هاني علي ( 51 سنة ) - الولايات المتحدة
منذ سنتين

الهوى و تضييع وقت

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كيف يوازن الإنسان بين ما يريده الله ليعلوا به الى الحياة السعيدة في الآخرة و بين نصيبه المباح شرعا في الحياة الدنيا ( وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ  عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ)(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)هل مشاهدة مباراة قدم أو حضورها يعتبر من الهوى أو تضييع وقت يحاسب عليه الإنسان ام ما دام يصلي و يقوم بواجباته الدينية فهي تعتبر نصيب من الدنيا ؟ و الله يحفظكم و السلام عليكم ورحمة....


عليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي العزيز الله تعالى يحاسبنا على الواجبات والمحرمات؛ فإذا استقام الإنسان في حياته بفعل جميع الواجبات، وترك جميع المحرمات، فهذا هو المطلوب منه شرعا، ولن يعاقبه الله تعالى على شيء وإن فعل جميع المباحات ولبس أحسن الملابس وركب أفضل السيارات، ما دام لا يعصي الله تعالى في شيء من ذلك. بل تدل الروايات على عدم رجحان ترك الدنيا لأجل الآخرة؛ فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): «ليس منّا من ترك دنياه لآخرته ، ولا آخرته لدنياه»، بل ورد عن (صلى الله عليه وآله): «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه»؛ فالله عز وجل يحب أن يأخذ الإنسان بالأمور التي رخصها وجوزها له، كما يحب أن يلتزم بالأمور التي أوجبها عليه أو نهاه عنها. وهذا طريق عظيم جدا إذا التفت إليه الإنسان، صار طائعا في جميع لحظات حياته؛ لأنه عندما يفعل المباحات فهو يأخذ بما يحب الله تعالى. وإذا أردتم تفصيله فارجعوا إلى كتاب (الطريق إلى الله تعالى) للشيخ البحراني: الفصل السادس: (كيف يسلك عباد الله الطريق إليه). نعم.. لا يعني هذا أن يترك الإنسان كل ما ليس بواجب، ويفعل كل ما ليس بحرام؛ فإن هناك أمورا كثيرة قد رَغّب الله تعالى بها عباده ليتقربوا إليه ولتهنأ حياتهم الدنيا، وتعلوا منزلتهم في الآخرة؛ فمن الخسارة جدا أن يتركها الإنسان ويقتصر على فعل الواجبات وترك المحرمات فقط، بل جملة من المستحبات تكون عونا على الاستقامة الدينية، كما ورد في نهج البلاغة: «سوسوا إيمانكم بالصدقة»؛ أي: إن الصدقة تحفظ إيمان الإنسان. كما إن جملة من الأمور المباحة قد لا يحسن من العبد المؤمن فعلها، لكونها عديمة النفع أو كونها أمرا تافها. أما المباحات التي فيها نفع -كالنزهة والرياضة- فلا إشكال في رجحانها. وروي عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) وَهُوَ فِي مَنْزِلِ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا حَوَّلَكَ إِلَى هَذَا الْمَنْزِلِ؟ فَقَالَ: طَلَبُ النُّزْهَةِ»، وعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي مَحْمُودٍ: «قَالَ لَنَا أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا (عليه السلام): أَيُّ الْإِدَامِ أَجْزَأُ؟ فَقَالَ بَعْضُنَا: اللَّحْمُ وَقَالَ بَعْضُنَا: الزَّيْتُ وَقَالَ بَعْضُنَا: السَّمْنُ. فَقَالَ هُوَ: لَا بَلِ الْمِلْحُ. لَقَدْ خَرَجْنَا إِلَى نُزْهَةٍ لَنَا وَنَسِيَ الْغِلْمَانُ الْمِلْحَ فَمَا انْتَفَعْنَا بِشَيْ‏ءٍ حَتَّى انْصَرَفْنَا». بل ورد التأكيد على الترويح على النفس وأنه يعين على طاعة الله تعالى؛ فعن النبي (صلى الله عليه وآله): «في صحف إبراهيم: على العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن يكون له (أربع ساعات): ساعة يناجي فيها ربه عز وجل. وساعة يحاسب فيها نفسه. وساعة يتفكر فيما صنع الله عز وجل إليه. وساعة يخلو فيها بحظ نفسه من الحلال فإن هذه الساعة عون لتلك الساعات واستجمام للقلوب وتوزيع لها». والحاصل: أن الإنسان المؤمن، ينبغي أن يكون حكيما في حياته ويعطي لكل شيء حقه؛ فيعطي لنفسه ما تحتاج إليه من دون الدخول في شبهة أو حرام، ولا يغرق في الدينا على حساب الآخرة. دمتم في رعاية الله وطاعته..

4