السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم ، نشكر تواصلك معنا
ممّا لا شكّ فيه أنّ أبا الفضل العباس كان الشخصية الرئيسية الثانية بعد الإمام الحسين (عليه السلام) فهو أخوه، وحامل لوائه، والثائر معه ضدّ الظلم والطغيان المتمثلَيْنِ بالحكم الأموي الذي كان على رأسه يزيد الفاسق الفاجر.
ولا شكّ أن تميُّزَ العباس بمقامٍ خاص دون سائر شهداء كربلاء يشير إلى منزلةٍ خاصة ومرتبة رفيعة عند الله عزّ وجلّ، وهذة المنزلة لم تكن له لمجرّد أنّه أخو الحسين (عليه السلام)، بل لما هو أهم من ذلك وفق مقاييسنا الإسلامية القائمة على ميزان الصلاح والتقوى طبقاً لقوله: ﴿ ... المزید إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ... ﴾
ومن المعلوم ان مرقد أبي الفضل العباس عليه السلام يبعد عن مرقد أخيه سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام مايقرب من ثلاثمائة و خمسين مترا تقريبا. والسؤال ما هو السر في استقلال مرقد أبي الفضل عليه السلام عن باقي الشهداء؟
الجواب : هناك عدة احتمالات لفهم سر استقلال أبي الفضل عليه السلام بقبر لوحده :
الاول : نقل ابن عباس شاهد النبي صلى الله عليه واله في يوم عاشوراء اشعثا مغبرا وسأله فقال ’: الان فرغت من دفن جسد الحسين عليه السلام واصحابه : قال ابن عباس في رواية سعيد بن جبير عنه قال : فلما كانت الليلة القابلة رأيت رسول الله ص في منامي أغبرَ أشعث ، فذكرت له ذلك ، وسألته عن شأنه فقال لي : ألم تعلم أني فرغت من دفن الحسين وأصحابه. لأمالي ، الطوسي : 314 ـ 315 ح87...و المشهور ان الامام السجاد عليه السلام دفنهم يوم 13 محرم سنة 61 هجرية ، فكيف نجمع بين الروايتين ؟
قلنا: ان النبي صلى الله عليه واله خط في الارض موضع القبور ثم احتفرتها ال اسد بأمر الامام السجاد عليه السلام وتم دفنهم . اذن ان العباس عليه السلام دفن في قبره حسب ارادة النبوة الخاتمة ، وان النبي صلى الله عليه واله خط موضع قبره كي يدفن فيه وهذا تفسير اول للاستقلالية بقبر العباس عليه السلام دون سائر الشهداء.
الثاني : ان من قرر دفنه في هذا الموضع هو الامام الحسين عليه السلام عندما تركه على المشرعة مقطعا سواء بطلب من ابي الفضل كما وردت روايات في ذلك فقد كانت إرادة العباس عليه السلام ان يبقى بمكانه الذي جرح فيه وسقط من على ظهر جواده للأرض .
الثالث :ان الامام الحسين عليه السلام لم يستطع حمله فابقاه ،وسبب عدم حمله لا لعجز في قوته الجسدية بل لان المصيبة هدت ركن ابي عبد الله الحسين عليه السلام .
الرابع : لم يحمله لتقطع اعضاؤه فأن الإمام الحسين كما هو معروف لدى أرباب المقاتل كان يأمر فتيانه بحمل الشهداء من أهل بيته و أصحابه إلى الفسطاط. سوى العباس عليه السلام لأنه كلما كان يحمل جانبا منه يسقط الجانب الآخر لكثرة جروحه و تقطع أوصاله و توزيع أشلائه ، فقد كان العدو من الشدة و الغلظة و قساوة القلب و البغض أن قطعوه إربا إربا تشفيا من شبل علي عليه السلام و لما لاقوه من القوة و البأس وهو ينكس أبطالهم و يصرع شجعانهم و ينثر جماجمهم. ويؤيد هذا التفسير جواب سيد الشهداء على أخته أم المصائب زينب عليها السلام التي سألته عن السبب لعدم إحضار أخيها العباس ، فقال :(رأيته و قد قطعت أعضاؤه إربا إربا فلم أستطع حمله).
الخامس : ما ذكره عدد من الباحثين في كتبهم من أن يكون للعباس عليه السلام مقام مستقل ومشهد قائم بذاته يقصد بالحوائج و الزيارات فتظهر الكرامات الباهرات و تعرف الأمة مكانته السامية و منزلته عند الله تعالى.
دمتم في رعاية الله