logo-img
السیاسات و الشروط
( 22 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

كيف للمعصوم ان يسمع دعاءنا واستغاثتنا به

ان الأئمة عليهم السلام يسمعوننا حينما نناديهم وذلك بشهادة القرآن الكريم. ما هي الآيات القرآنية والأحاديث التي تؤيد ذلك؟ وحينما نستغيث او ننادي الأئمة عليهم السلام هل المقصود أنهم يطلبون من الله عز وجل قضاء حوائجنا من خلال الملائكة التي توصل لهم تلك الاستغاثة والمناداة ام غير ذلك؟


الحقيقة هي نص القرآن والاحاديث المعتبرة مثلما ان الله تعالى شاهد وناظر على جميع اعمالنا، فالرسول (ص) أيضاً والأئمة (عليهم السلام) شاهدون وناظرون على أعمالنا أيضاً باذن الله ومشيئته، وسنشير إلى هذه الآيات والاحاديث، ولعلنا لا نستطيع ان نفهم كيف يسمع الله والرسول والأئمة. ولكن بالنسبة إلى الله وردت مرّات عديدة في القرآن الكريم: ﴿ إِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ أي انه يسمع كلامنا واستغاثتنا ويعلم بها. وهناك آيات كثيرة في هذا المجال ولكننا نكتفي هنا بذكر اثنتين منهما: ۱- قال الله عز وجل في الآية ۱۰۵ من سورة التوبة: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّـهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾. والحقيقة هي ان هذه الآية تشير إلى انه ينبغي ان لا يتصوّر أحد بأنه اذا قال شيئاً أو عمل عملاً في خلوة أو أمام انظار الناس، بأن ذلك يخفى على الله، بل بالاضافة إلى الله فان الرسول (ص) والمؤمنون يعلمونه أيضاً. وقد جاء في ذيل هذه الآية - سواء في كتبنا التفسيرية أو في كتبنا الحديثية بان المراد من "المؤمنون" في هذه الآية علي بن ابي طالب والأئمة عليهم السلام. فقد ورد عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: ﴿اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّـهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ... المزید﴾. قال: هم الأئمة عليهم السلام (الكافي، ج ۱، ص ٢٢۰). ٢- قال الله تعالى في الآية ۴۵ من سورة الأحزاب ما يلي: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا﴾. واستناداً إلى هاتين الآيتين فان النبي (ص) والأئمة الأطهار عليهم السلام شهداء وناظرون على جميع اعمال الانسان. اما الاحاديث فان من معتقدات الشيعة انه مثلما ان للنبي (ص) والأئمة الاطهار عليهم السلام علم تام واحاطة تامّة بالامور وخاصة اعمال الانسان في زمان حياتهم، كذلك تكون لهم مثل هذه الاحاطة وهذا العلم بعد مماتهم أيضاً. وهذا ما يُفهم من اطلاق الآيتين اللتين سبقت الاشارة اليهما، ومن الآيات العديدة التي سنذكرها لاحقاً. وعلى هذا الأساس ورد في الزيارات المعتبرة لبعض الأئمة عليهم السلام مثل: زيارة امير المؤمنين عليه السلام، وزيارة الامام الحسين عليه السلام، وزيارة الامام الرضا عليه السلام (وهي زيارات صادرة عن الائمة المعصومين عليهم السلام)، ما يلي:اشهد انك تسمع كلامي، وتشهد مقامي، وترد جوابي... (اقبال الاعمال، ج ۳، ص ۱۳۴؛ المزار للشهيد الاول، ص ۹۷؛ بحار الانوار، ج ۹۷، ص ٢۹۵). بالاضافة إلى ذلك وردت احاديث اخرى في ذيل هذه الآية الشريفة ﴿قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّـهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ...﴾ تحت عنوان احاديث عرض الأعمال على رسول الله (ص)، والأئمة عليهم السلام، نشير هنا إلى بعض هذه الأحاديث من باب المثال: ۱- عن الوشاء قال: "سمعت الرضا عليه السلام يقول: ان الاعمال تُعرض على رسول الله (ص) ابرارها وفجارها". (وسائل الشيعة، ج ۱۶، ص ۱۰۷). ٢- عن ابي عبد الله عليه السلام: تُعرض الاعمال على رسول الله (ص) اعمال العباد كل صباح ابرارها وفجّارها فاحذروها. (الكافي، ج ۱، ص ٢۱۹). ۳- عن سماعة عن ابي عبد الله قال سمعته يقول: مالكم تسوءون رسول الله (ص)؟ فقال له رجل: كيف تسوءوه؟ فقال: أما تعلمون ان اعمالكم تُعرض عليه، فاذا رأى فيها معصية ساءة ذلك. فلا تسوءوا رسول الله (ص) وسرّوه. ۴- سليم بن قيس عن علي عليه السلام، ان الله تعالى ايانا عنى بقوله: ﴿لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ فرسول الله شاهد علينا. ونحن شهداء الله على خلقه وحجته في ارضه ونحن الذين قال الله: ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾. يُستفاد من مجموع هذه الآيات والروايات بأن الأئمة المعصومين عليهم السلام يطلعون على اعمال الناس، وهم - بنص القرآن - شهداء لها وناظرون. ومن المؤكد ان المراد من كونهم شاهدون وناظرون على اعمال العباد ليس مجرّد المشاهدة و انما المراد هو ان الأئمة الاطهار يعلمون ويطلعون على رغباتنا و اعمالنا و اقوالنا و حتى بناءً على ما ورد في الزيارات التي أشرنا اليها انهم يسمعون الكلام مباشرة. وفي الختام نأتي على ذكر حديث يؤيد هذا المعنى. روي عن الصادق عليه السلام: من كانت له حاجة إلى الله عز وجل فليقف عند رأس الحسين عليه السلام وليقل: يا أبا عبد الله اشهد انك تشهد مقامي وتسمع كلامي و انّك حي عند ربّك تُرزق فاسأل ربك وربّي في قضا حوائجي. فانها تُقضى ان شاء الله تعالى. (مستدرك وسائل الشيعة، ج ۱۰، ص ۳۴۵). اما بالنسبة إلى السؤال الثاني الذي ذكرتم فيه اننا حينما نستغيث او نطلب حاجاتنا من الأئمة عليهم السلام هل المقصود انهم يطلبون من الله عز وجل قضاء حوائجنا من خلال الملائكة التي توصل لهم تلك الاستغاثة والمناداة؟ أم غير ذلك؟ والجواب عن ذلك هو: اعتقادنا هو ان الله عز وجل فوّض إلى الأئمة الإذن والقدرة على فعل الكثير من الاعمال، وهي امور ثابتة ومسلّم بها في مواضعها. فاذا كان السيد المسيح عليه السلام يشفي باذن الله وقدرته الأعمى الذي ولد أعمى (العَمى الوِلادي)، ويُحيي الموتى، فالأئمة عليهم السلام يقدرون على القيام بمثل هذه الأعمال أيضاً باذن الله وقدرته ومشيئته. وفي ضوء الامور الذي ذكرناها عند الاجابة عن السؤال الأوّل - بأن الأئمة عليهم السلام يسمعون كلامنا ويعلمون حوائجنا - نقول بأن الأئمة المعصومين يستطيعون باذن الله ومشيئته قضاء حوائجنا، وشفاء المرضى، مثلما كانوا يفعلون مثل هذه الأعمال مباشرة في زمان حياتهم باذن الله وقدرته. وليست هناك ضرورة ليكون اداء هذا العمل بواسطة الملائكة. نسأل الله لكم الموفقية والنجاح.

3