السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم ، نشكر تواصلك معنا
جاء في تفسير الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٩ - ص ٤٣٠-٤٣١:
إن من البديهي أن الخوف من التهم في المستقبل لم يكن الشئ الوحيد الذي كان يعصر قلب مريم ويقلقها، وإن كان هذا الموضوع يشغل فكر مريم أكثر من أية مسألة أخرى، إلا أن مشاكل ومصائب أخرى كوضع الحمل لوحدها بدون قابلة وصديق ومعين في الصحاري الخالية، وعدم وجود مكان للاستراحة، وعدم وجود الماء للشرب، والطعام للأكل، وعدم وجود وسيلة لحفظ المولود الجديد، وغير هذه الأمور كانت تهزها من الأعماق بشدة.
قد يتساءل البعض باعتراض: كيف أن مريم المؤمنة والعارفة بالتوحيد حيث رأت كل ذلك اللطف والإحسان الإلهي، أجرت مثل هذه الجملة على لسانها وقالت: يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا، إلا أن هؤلاء لم يدركوا أبدا حال مريم في تلك الساعة، ولو أنهم أصابهم شئ قليل من هذه المشاكل فإنهم سينسون حتى أنفسهم.
إلا أن هذه الحالة لم تدم طويلا، فقد سطعت ومضة الأمل التي كانت موجودة دائما في أعماق قلبها، وطرق سمعها صوت فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا وانظري إلى الأعلى كيف أن هذا الجذع اليابس قد تحول إلى نخلة مثمرة وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي وقري عينا بالمولود الجديد فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا. وهذا الصوم هو المعروف بصوم السكوت.
وخلاصة الأمر، إنك لا تحتاجين إلى الدفاع عن نفسك، فإن الذي وهبك هذا الوليد قد تعهد بمهمة الدفاع عنك أيضا، وعلى هذا فليهدأ روعك من كل الجهات، ولا تدعي للهم طريقا إلى نفسك.
دمتم في رعاية الله