السلام عليكم ..
في الروايات الواردة عن اهل البيت عليهم السلام نجد ما نصه : " صل من قطعك و اعفو عمن ظلمك " وهناك رواية اخرى تقول : " رغبتك في زاهد فيك ذل نفس "
كيف يمكنني تقييم الموقف في التعامل مع الناس وفق اي الروايتين ؟
ففي كثير من الاحيان اتواصل مع احد الاصدقاء وفق مضمون الاولى ولا أجد منه التبادل معي بنفس النحو فأذكر نفسي برواية " صل من قطعك " حتى صادفت الرواية الثانية .
فهلا وضحتم الامر ، و دمتم .
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اهلا وسهلا بالسائل الكريم
صل من قطعك"، فقد حث الإسلامُ على التواصل، والتزاور، ونَبْذِ التدابر والتخاصم، وأن تفعل معه ما تُعَدُّ به واصلاً، فإن انتهى فذاك، وإلا فالإثم عليه، وهذا يدل على مكارم الأخلاق والترغيبِ في صلة الأرحام وغيرهم، وبَيَّن النبُّي (صلى الله عليه وآله) فضلَ صلةِ الرحم، وأنها سببٌ في طول العمر، وزيادةُ الرزق وليست صلةُ الرحم قائمةً على المقايضة، بل أمر بها النبي (صلى الله عليه وآله) بموارد كثيرة والحث على عدم القطيعة
واعف عمن ظلمك"، وهذا من شِيَم الرجال، ونُبلِ الأخلاق، وعلوِّ المنزلة، ورفعة المكانة، ولذا أمر الله نبيه (صلى الله عليه آله) بقوله: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) في سورة الأعراف، وما عفا إنسان إلا اعتز؛ لأنه تخلص من حظ نفسه، وفَعَل ما ندبه الله عزّ وجلّ والدنيا قصيرةُ الأمدِ لا تستحق التنازعَ والفرقةَ من أجلها، وكلنا على رحيل منها. وبالعفو عمن ظلمك، تَنْزِعُ سلاحَه من يده، وتُشْعِره بالندم والأسف، وتجده يلتمس رضاك، ويحرص على مصالحتك .
وورد في شرح قول الامام علي عليه السلام: (زهدك في راغب فيك نقصان حظ، ورغبتك في زاهد فيك ذل نفس)) .
أي نقصان حظ لك، وذلك لأنه ليس من حق من رغب فيك أن تزهد فيه لان الاحسان لا يكافأ بالإساءة، وللقصد حرمة، وللأمل ذمام، ومن طلب مودتك فقد قصدك وأملك، فلا يجوز رفضه وإطراحه والزهد فيه، وإذا زهدت فيه فذلك لنقصان حظك لا لنقصان حظه، فأما رغبتك في زاهد فيك فمذلة، لأنك تطرح نفسك لمن لا يعبأ بك، وهذا ذل وصغار.
وقال العباس بن الأحنف في نسيبه، وكان جيد النسيب: ما زلت أزهد في مودة راغب * حتى ابتليت برغبة في زاهد هذا هو الداء الذي ضاقت به * حيل الطبيب وطال يأس العائد أي ما زلت عزيزا حتى أذلني الحب.
والاول من ابرز موارده صلة الرحم التي امر الرسول (صلى الله عليه وآله) بها ونهى عن القطيعة،
والثاني مورده في عامة الناس .