( 22 سنة ) - الكويت
منذ سنتين

المرأة

السلام عليكم كنت بنقاش مع احد الاصحاب و طرح سؤال و ياليت الجواب من اكثر من جهه اذا امكن ، لماذا الولي مهم خصوصاً للمرأة و ليش لازم يكون عندها ولي يعني لما تكون عند الاب مو المفروض توصل لعمر معين و تكون عاقله و ولايتها لنفسها ؟ و لما تتزوج ليش الزوج ولي عليها ولازم تسمع كلامه بكثير اشياء و خصوصاً مسأله السرير واذا وفضت تلعنها الملائكة؟


عليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي العزيز نجعل جواب السؤال الأول في نقاط ليكون أسهل استيعابا: 1- ولاية الأب على البنت خاصة بمسألة الزواج لا غير، خلافا لما تفضلتم به في سؤالكم؛ حيث يظهر أنكم فهمتم أن الأب ولي للبنت في كل أمور حياتها، وهذا غير صحيح قطعا. 2- لا يصح تزويج البكر -وكذلك الثيب- دون إذنها ودون إحراز قبولها الكامل بالزواج وبالزوج الذي تقدم لخطبتها، ولها الحق في رفضه، وليس لأحد الحق في الضغط عليها من أجل قبول ذلك، فاختيار الزوج والزواج أمر منوط بها أولا دون الولي، وهذا الحكم إجماعي بين الفقهاء رضوان الله عليهم وقد أكدت على ذلك السنة الشريفة. 3- ولي البنت لو منعها من التزوج بالكفوء سقطت ولايته شرعا، ويكون لها الحق في الزواج من الكفوء الذي تقدم لخطبتها دون الحاجة إلى مراجعة وليها بل حتى لو أبدی ممانعة لذلك. وبتعبير آخر: يشترط في نفوذ ولاية الولي أن يكون حريصا على مصلحة ابنته، أما لو كانت قراراته معبرة عن إرادة الإساءة إلى ابنته أو كان مفرطا فيما يصلح شأنها نتيجة لسوء تقديره فإن اعتبار إذنه يكون ساقطا بذلك. 4- يشترط في نفوذ ولاية الولي أن يكون عاقلا رشيدا ، أما لو كان مجنونا أو سفيها فيسقط اعتبار إذنه، كما إنه لو كان غائبا أو محبوسا وتعذر استئذانه وكانت البنت محتاجة للزواج فإنه لا يعتبر حينئذ استئذانه فلها أن تتزوج بمن تشاء دون الحاجة لانتظار عودته. وبهذا يتضح أن اعتبار استئذان الولي في تزويج البكر إنما نشأ عن حرص الشريعة على حماية البنت من استغلال بعض الرجال السيئين، فقد لا تكون البنت مطلعة على واقعهم نتيجة قصور خبرتها بالرجال. 5- إن قرار الزواج -خصوصا من جهة المرأة- هو من أخطر القرارات التي يتخذها الإنسان في حياته، وذلك لما يترتب عليه من آثار تلامس كل خصوصياته وتظل تلاحقه طيلة حياته فلا يسعه التخلص منها ولا محو تبعاتها، وحتى الطلاق - والذي هو إنهاء العلاقة الزوجية - فإنه أثر من آثار ذلك القرار الصعب، فهو وإن أوجب انتهاء العلاقة الزوجية إلا أن ظلال تلك العلاقة يبقى مخيمة على كلا الطرفين، فثمة أولاد وثمة ذكريات وثمة علائق أسرية تهاوت وانفصمت وقلوب بالشحناء امتلأت ، وكل ذلك ناتج عن قرار الزواج. 6- عالم الرجل يختلف عن عالم المرأة فلكل منهما ملكاته وقراراته وطرائقه في التفكير ومعالجة الأمور، كما أن لكل منهما حاجاته من الآخر، ولذلك يعتبر كل واحد منهما أن علاقته بالآخر ناجحة إذا كان الآخر قادرا على تلبية حاجاته، وقد يذهل ويغفل عن كل شيء إذا وجد في صاحبه ما يصبو إليه ويرغب فيه، ثم لا يستيقظ إلا على وقع الألم الذي كان نتيجة لإغفاله للصفات الأخرى التي كان ينبغي أن يلاحظها حين اتخاذ قرار الزواج، وعندها لا ينفع الندم! والمرأة حين فشل العلاقة تكون أكثر تضررا من الرجل - كما هو أوضح من أن يخفى على أحد - كما إن احتمال خطئها في اتخاذ قرار الزواج أكبر خصوصا إذا كانت بنتا باكرة لا خبرة لها بالحياة ولم تخض تجربة سابقة مع رجل، فهي لا تعرف كيف وما هي تطلعاته، ومن أي منطلق يتحرك، وعلى أي أساس يغضب ويرضى، وما هي دوافع سلوكه، وأي شيء يستهویه ، وما هي الأمور التي تزعجه. كما إن المرأة بطبيعتها شديدة العاطفة والتفاعل مع ما تشاهده وتسمعه، ولا يكاد يخلو قرار من قراراتها من التأثر بعواطفها، فقد تقبل بالزواج من رجل لأنه أسمعها كلاما جميلا أو أسدى إليها معروفا وتغفل بذلك جميع نواحي شخصيته، وقد يكون منشأ قبولها به هو أنها وجدت فيه ما تصبو إليه من شجاعة أو لباقة أو مكانة اجتماعية وتنسى أن هناك صفات ينبغي توفرها في الزوج إذا لم توجد فيه ستكون حياتها معه جحيما مهما كان عاطفيا وغراميا وغنيا. وقد يشتد بها الحب والعشق وتخرج عن سمتها وتفقد توازنها لمجرد أنه راسلها وكتب لها كلمات غرامية يعبر فيها عن إعجابه بها وعشقه لها ويصف فيه جمالها وغنوجنها وأنه على استعداد للتضحية بكل شيء من أجلها وأن رضاها هو أمله وبغيته وأنه لا طعم لحياته إلا بوصالها وقربها منه! وبذلك تلتهب مشاعرها وينتابها إحساس بالسعادة والخوف من أن لا تحظى بوصال هذا الرجل وتغفل عن أنه قد يكون كاذبا، وقد تكون مشاعره نابعة عن رغبة جنسية جامحة سرعان ما تذوب، على أنه لو كان صادقا وكانت مشاعره وأحاسيسه نابعة عن قلب قد استحكم فيه العشق فإن ذلك لا يغفر لصفاته السيئة التي قد يكون عليها أو لصفاته التي لا تلائمها ولا تنسجم مع طبائعها. إضافة إلى أن هناك رجالا سیئین لا تبدو معائبهم وسوءاتهم، فهم يظهرون بمظهر المتدينين فإذا ما جد الجد تبين أنهم شر خلق الله عز وجل وأجرؤهم على الظلم. ومن أين للبنت الصغيرة -والتي لا خبرة لها بالرجال- أن تتعرف على كل هذه الخبايا وهي لم تخض تجربة سابقة مع ما هي عليه من إحساس مرهف وشعور مفعم بالبراءة والطهارة، وها نحن نقرأ كل يوم عما يحدث في العالم خصوصا العالم الغربي من استغلال الرجال للعذارى والصغيرات، فكم من رجل سییء؛ استغل براءة فتاة ولوث طهارتها، فحوادث الهروب بالفتيات وعمليات الإجهاض للأبكار تفوق حد التصور حيث إن نسبة الإجهاض في مثل ألمانيا في هذا العام للفتيات والصغيرات اللواتي لا يتجاوز أعمارهن العشرين أكثر بكثير من نسبة الإجهاض للنساء المتزوجات. وهذه نتيجة حتمية للحرية الشخصية المطلقة والتي تكبل يد الأب والقانون وتمنعهم من التدخل فيما يتصل بشؤون الصغار من البنات والأولاد! 7- الذي جعل الإسلام له الولاية إنما هو الأب الذي هو أحرص الناس على مصلحة ابنته والذي رباها وغمرها بعطفه وحنانه وضمها إلى كنفه يذود عنها كل مخاطر الحياة ويسهر لراحتها وينزعج لمجرد بكائها ، ولا يقر له قرار إذا أصابها مرض أو انتابها حزن أو تعرض لها أحد بسوء، فهو يعادي فيها أخص أقربائه ولا يبالي أن يبذل كل ما عنده ليضمن بذلك سعادتها ويصونها من كل محذور يخشى وقوعها فيه. فالولاية إذن لم تجعل لعدو يخشى عليها منه أو لأجنبي لا يهمه إلى ما يؤول حالها، وإنما جعلت لمن هو على استعداد للتضحية بكل ما عنده من أجل أن يضمن لابنته مستقبلا زاهرة کریما. النتيجة: بكل ما ذكر تتضح لنا أبعاد هذه المسألة، فحينما نستحضر خطورة القرار بقبول الزواج لما يترتب عليها من تبعات وآثار، وأن هذه التبعات تلامس كل خصوصيات المرأة على وجه خاص، ونستحضر في ذات الوقت قصور خبرة البنت الباكر بالرجال، وأنها لم تخض معهم تجربة بهذا الحجم من الحساسية، وأن مخابر الرجال متفاوتة، وأنه لا يعرف حالهم وواقعهم لمجرد ما يظهر من سلوكهم، وحينما نستحضر بالإضافة إلى كل ذلك: المرأة -وبحكم طبيعة تكوينها- شديدة العاطفة خصوصا في مثل هذه المسألة التي هي ألصق شيء بالمشاعر، حيث تحرك فيها رغبة جامحة كامنة في أعماق النفس، فهي تطمح أن تكون معشوقة وزوجة وأم وسيدة، وعندئذ أليس هناك من خشية جدية في أن يكون هذا القرار الصعب خاطئا؟ فماذا بعدئذ أليس هو الضياع؟ أليس من الأجدى تفاديا لهذا المحذور الخطير أن يشارك البنت في هذا القرار من هو أحرص الناس على مصلحتها، وأعرف الناس بطبيعة ابنته ومزاجها وفي ذات الوقت هو (رجل) يعرف مخابر الرجال، وقد خاض معهم التجربة تلو الأخرى؟ فيتجلى بهذا أنه لا يوجد أي انتقاص للمرأة في جعل الولاية للأب عليها في أمر الزواج، وإنما هو حياطة لها وصيانة لمصيرها ومستقبلها من الضياع. ولو كان اعتبار الولاية بالنحو المذكور تنكرة لرشد المرأة وقدرتها على اتخاذ القرار الصائب -كما قيل- لكانت الولاية معتبرة حتى بالنسبة للمرأة الثيب والتي خاضت تجربة الزواج قبل ذلك في حين أن الفقهاء -تبعا للسنة الشريفة- مجمعون على أنه لا ولاية للأب على المرأة الثيب، وأن لها اختیار من شاءت دون أن يكون لأحد المشاركة معها في اتخاذ قرار الزواج، وهو ما يعبر عن أن اعتبار الولاية على البنت الباكر إنما لقصور خبرتها بشؤون الزواج لا تحقيرا واستصغارا لها! فالبنت الباكر أشبه شيء بالموظف الجديد الذي لم يخض تجربة سابقا، فهل إنه حينما يكلف أحد بملاحظته فإن له أن ينزعج ويغضب؟ وهل إن ذلك يعتبر امتهانا وانتقاصا لقدراته ولياقته للقيام بوظيفته؟ أليس من الإنصاف أن يتفهم هذا الموظف مغزى الإجراء الذي اتخذه صاحب العمل تجاهه؟ أليس لصاحب العمل الحق في أن يحتاط لأمواله وتجارته؟ فإذا كان كذلك فالإسلام حينما فرض الولاية على البنت الباكر أراد أن يحتاط لأغراضه السامية والتي يعود نفعها لنفس البنت. ثم إن هناك أمروا ينبغي التنبيه عليها: أولا: أن اعتبار مشاركة الأب في قرار القبول بالزواج يحمل الأب مسؤولية هذا القرار، ولذلك يرى نفسه ملزما بالوقوف إلى جانب ابنته لو طرأ نزاع بينها وبين زوجها وكان زوجها ظالما لها في ذلك، فالأب في مثل هذا الظرف لا يمكنه القول بأن ذلك ما اختارته لنفسها فلتعالج مشكلتها وحدها، إذ إنه كان شريكا معها في قرار القبول، ولذلك فهو يسعى جاهدا لمعالجة المشكلة لا بدافع الأبوة وحسب وإنما بدافع الشعور بمسؤوليته عما يحدث لابنته نتيجة القرار الذي اتخذه معها، وهو يدفعه أيضا لمساندتها لو طلقها زوجها دون أن يكون له معاتبتها وتوبيخها. على أنه لو لم يحدث كل ذلك فإن البنت عندما يكون زواجها برضا أبيها فإنها تذهب إلى بيت زوجها عزيزة كريمة تستشعر القوة لمعرفتها بوجود سند يحميها من بخس زوجها وظلمه -لو اتفق ذلك- كما أن ذلك يمنع زوجها من استضعافها لأنه يعلم أنه لو تخلى عنها فإنها لن تضيع وأن وراءها سندا يذود عنها ويحميها لو أساء زوجها إليها، وهذا بخلاف ما لو تخلت عن أبيها وتجاوزته فإنها لن تتمكن من الشكوى إليه لو طرأ ما يدعو لذلك، وقد لا تجد منه استجابة لو تجشمت عناء الشكوى إليه، بسبب سخطه منها واستشعاره عدم المسؤولية عنها بعد أن خلعت نفسها منه وكابرته ولم تعر له ولرأيه اهتماما. ثانيا: أن اعتبار الولاية للأب فيها بعد أخلاقي: هو عرفان الجميل الذي أسداه الأب لابنته طوال حياتها، فقد كان يحرص على رعايتها وتنشئتها، ويجهد في أن لا يصيبها مكروه وأن لا يلم بها سوء، وكان يذود عنها الأخطار ويؤثرها على نفسه وراحته، فهل من الذوق بعد كل ذلك تجاوزه ومكابرته؟ ألا يستحق هذا الرجل الرحيم وساما بأن تستأذنه ابنته للرحيل عنه. ثالثا: أننا لو تأملنا الأمر جيدا لوجدنا أن اعتبار الولاية يساهم إلى حد كبير في توطيد العلائق الأسرية ليس بين الأب وابنته وحسب بل بين الأسرتين، وذلك لأن الزواج إذا تم بمباركة الأب وهو عميد أسرة البنت فإن النفوس بذلك الزواج تكون راضية، وهو ما يوثق العلاقة بين الزوج وأسرته وبين أسرة البنت. هذا كله بالنسبة لسؤالكم الأول. أما الثاني فأرسلوا لنا رسالة أخرى فيه كي نكون بخدمتكم في جوابه مستقلا، فإن المقام طال بنا وقد يكون مملا. وأغلب ما ذكرناه في الجواب هو نقلا عن الكتاب القيم (مقالات حول حقوق المرأة) للشيخ محمد صنقور حفظه الله، مع شيء من الاختصار والتصرف.