تفسير ايه قرانيه
ما هو تفسير الايه قوله تعالى ﴿ الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [ سورة البقرة: 27]
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم ، نشكر تواصلك معنا
جاء في تفسير الميزان ،للسيد الطباطبائي ،ج ١ ،ص١٤١-١٤٣:
هذه الآية الكريمة توضح مواصفات الفاسقين بعد أن تحدثت الآية السابقة عن ضلال هذه الفئة، وتذكر لهم ثلاث صفات:
1 ـ إنهم (يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ).
هؤلاء لهم مع الله عهود ومواثيق، مثل عهد التوحيد، وعهد الرّبوبية، وعهد عدم اتّباع الشيطان وهوى النفس. لكنهم نقضوا كل هذه العهود، وتمرّدوا على أوامر الله، واتّبعوا أهواءهم وما أراده الشيطان لهم. طبيعة هذا العهد: يثار سؤال حول العهد المبرم بين الله والإنسان، فالعهد عقد ذو جانبين، وقد يقول قائل: متى أبرمت مع الله عهداً من العهود المَذكورة؟
الجواب على هذا السؤال يتضح لو عرفنا أن الله سبحانهأودع في أعماق النفس الإنسانية شعوراً خاصاً وقوى خاصة يستطيع بها أن يهتدي إلى الطريق الصحيح، ويتجنب مزالق الشيطان وأهواء النفس، ويستجيب لداعي الله.
هذه القوى الفطرية يعبّر عنها القرآن بالعهد الإلهي، وهو في الحقيقة «عهد تكويني» لا تشريعي أو قانوني. يقول تعالى: (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يابَنِي آدَمَ أَنْ لاَ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ)؟!(181).
وواضح أنّ الآية تشير إلى فطرة التوحيد العبودية والميل إلى الإِتجاه نحو التكامل في النفس الإنسانية.
الدليل الآخر على هذا الإِتجاه في فهم العهد الإِلهي ما جاء في أول خطب نهج البلاغة عن أمير المؤمنين علي(عليه السلام): حيث قال: «فَبَعَثَ فِيهِمْ رُسُلَهُ وَوَاتَرَ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَهُ، لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثَاقَ فِطْرَتِهِ».
بتعبير آخر: كل موهبة يمنحها الله للإِنسان يصحبها عهد طبيعي بين الله والإِنسان، موهبة العين يصحبها عهد يفرض على الإِنسان أى يرى الحقائق، وموهبة الاُذن تنطوي على عهد مدوّن في ذات الخلقة يفرض الاستماع إلى نداء الحق