logo-img
السیاسات و الشروط
( 22 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

زيارة الحسين والتوحيد

جداً قال نقلاً عن الامام الصادق(ع): (من زار الحسين في قبره كمن زار الله في عرشه) .. أليس هذا شركاً صري و ما قول أحد المراجع في قناة الفرات: (ان دين الله لم يكتمل الا بثورة الحسين....)


وأما قول أحد المراجع في قناة الفرات: (ان دين الله لم يكتمل الا بثورة الحسين ... المزید.) فمعناه: إن دين الله و رسالة النبيّ محمد(ص)، و نزول القرآن عليه، اكتمل بإعلان ما أمره الله بإعلانه، و هو تعيين الأئمة المعصومين الاثني عشر أوصياء و خُلفاء من بعده، و... و هو ما نصّت عليه أحاديث متعددة. و مثلما إنّ زمان النبيّ(ص) كان يستلزم وجود شخص معصوم و مرجع موثوق لحل الاختلافات و حفظ الشريعة و للوقوف بوجه ما يمكن أن يقع من سوء استغلال و سوء فهم للدين، يعتقد الشيعة أن زمان ما بَعد النبيّ(ص) كان يتطلّب أيضاً وجود مثل هذا المعصوم الذي يكون رأيه قولاً فصلاً وحجّة قاطعة. و أمّا الدليل على ذلك فواضح و هو أن القرآن و سنّة النبيّ كانا موجودان بين أيدي المسلمين، غير أن الفِرَق و النِحَل المتعددة التي ظهرت في ما بعد، أخذت كل واحدة منها تتشبث بظواهر القرآن لإثبات أحقيّة معتقداتها، و من الأمثلة على ذلك إنّ فِرقتي الأشاعرة و المعتزلة كانت كل واحدة منهما تتمسك بظواهر القرآن لإثبات صواب معتقداتها. و هكذا كان الحال بالنسبة إلى سائر الفرق كالحرورية، و المرجئة، و الكرامية، و ما شابه ذلك. إذ كانت كل واحدة منها تستدل بالقرآن على صحّة معتقداتها. و في ضوء كثرة الفِرق و النِحَل و المشارب، ندرك أن المسلمين كانت لديهم اختلافات في جوانب متعددة من قضايا الإسلام، و هذه الاختلافات يعود سببها إلى اختلاف رؤاهم في فهم معاني القرآن. و لابد من الإشارة أيضاً إلى أن إحدى المصائب الكبرى التي واجهتها الأمة من بعد رحلة النبيّ، هي وضع الأحاديث. فقد كثر وضّاعو الاحاديث و محرّفو التاريخ لأسباب و دوافع شتّى. فوضع كعب الاحبار، و وهب بن منبّه، أحاديث كثيرة و أدخلا الاسرائيليات في الأحاديث الإسلامية. و قد سجّلت كتب الرجال و الحديث أسماء الكثير من أولئك الوضاعين، وكشفت عن كثير من الأحاديث الموضوعة (وللاطلاع على معلومات أكثر حول هذه الأمور يمكنكم الرجوع إلى كتاب: أضواء على السنّة المحمدية، تأليف محمود أبو ريّة). و في ضوء ما سبق ذكره، ألا يستدعي ذلك وجود معصوم بين أبناء الأمة لكي يرد كيد الكائدين وأكاذيب الوضّاعين الذين أرادوا من وراء تلك الأساليب تقويض الدين و القضاء عليه. وألا ينبغي أن يكون في كل عصر حماة يذودون عن حياض الإسلام و يذبّون عن أصول الدين و قواعد الشريعة، وتكون آراؤهم و أعمالهم مسدّدة بالصواب من الله، وتمثّل الرأي الحاسم والحجّة الدامغة القاطعة الكاشفة عن الواقع، ويمكن بواسطتها إخماد الفتن التي يثيرها دعاة الفتنة و بها تُرَدّ مكائد الكائدين إلى نحورهم. واستناداً إلى كل ما ذُكر، كان لابد أن يكون بين ظهراني الأُمّة إمام معصوم يحفظ السنن و الأحكام، ويبيّن أحكام المسائل المستحدثة التي تواجه الإسلام و الأُمّة مما لم يكن له حكم صريح و واضح في القرآن وسنّة النبيّ(ص). و في غير هذه الحالة لا يكتمل دين الله بنص القرآن الكريم وحده. جاء في القرآن الكريم في الآية ۳ من سورة المائدة ما يلي: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَ‌ضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾. و قد أورد الحاكم الحسكاني (في شواهد التنـزيل ج ۱، ص ٢۰۱) في ختام هذه الآية الشريفة حديثاً رواه أبو سعيد الخدري عن رسول الله(ص) أنه قال: "الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة و رضا الرب برسالتي و الولاية لعلي(ع) ثم قال للقوم: من كنت مولاه فعلي مولاه..." وقد أيد بعض علماء أهل السنّة هذا المعنى. (راجع: تاريخ بغداد، ج ۸، ص ٢۸۴، وتاريخ مدينة دمشق، ج ۴٢، ص ٢۳۳). إذاً من مستلزمات كمال الدين و تمام النعمة وجود إمام معصوم يحرس الدين. و قد كان الإمام الحسين(ع) واحداً من اولئك الحُماة الذين عيّنهم رسول الله(ص) بأمر الله تبارك وتعالى. ومن الطبيعي أن حفظ الدين وحراسة الشريعة يستدعي في كل عصر و زمان أسلوباً يتناسب مع الحيل و الخُدع التي يتّبعها الأعداء. و في زمان الإمام الحسن(ع) كان أفضل الأساليب الكفيلة بحفظ الدين هو التصالح مع معاوية. بينما كان أفضلها في عهد الإمام الحسين(ع) هو الثورة ضد يزيد. و بما أن الإمام الحسن والإمام الحسين كلاهما معصوم من الخطأ كما أسلفنا القول، فانَّ فعل كل منهما فوق الشبهات، و لا يدع مجالاً للإشكال عليه. و هذا ما يُصرّح به حديث شريف مروي عن رسول الله(ص) وهو أنه قال: "الحسن والحسين إمامان إنْ قاما وإنْ قعدا". وبناءً على ذلك، لولا ثورة الإمام الحسين(ع) لما كُنا نحظى اليوم بدين كامل كما تبيّن ذلك الآية الشريفة الواردة في سورة المائدة، و لما شملتنا النعمة التامّة(و هي معرفة أهل البيت، و السير على نهج ولايتهم و هدايتهم)، ولما نال الإسلام والمسلمين رضا الله. أما البكاء والعويل واللطم على الحسين(ع): البكاء عبير عن حاجة انسانيه يلجأ اليها الانسان بطبيعته عندما تكتنفه صعوبات الحياة وآلامها، فلا يملك ازاءها حولاً و لاقوة تعينه على الفرار منها خصوصاً في اللحظات الحرجة فيتنفّس عبر البكاء، أو عندما يفاجأ بفقدان حبيب أو خساره مادية أو معنوية و هذه الحاجة لا تختص بعقيدة دون أخرى، لأن منشأ البكاء نفسي و فطري. و للبكاء فوائد أخرى لا يسعنا المجال الاشارة اليها. نضيف الى ذلك ان البكاء عند فقدان الأحبّة والشهداء و الصلحاء و المؤمنين أحد الموارد المشروعة التي ندبت اليها الشريعة و سيرة الرسول(ص) و بكائه على موتى المؤمنين و سيرة المسلمين قبل وفاته و بعد وفاته عموماً و سيرة أهل البيت(ع) خصوصاً يدل على ذلك. ونشير الى موارد منه: االف) لقد بكى النبي(ص) على عمّه حمزة (سيد الشهداء) في أحد وحث المسلمين على البكاء عليه. (طبقات ابن سعد ۳/۱۱، مغازي الواقدي ۱/۳۱۵ ـ ۳۱۷، مسند احمد ٢/۱٢۹ وسيرة ابن هشام ۳/۹۹). ب) لما أصيب جعفر و أصحابه في غزوة مؤتة دخل رسول الله(ص) بيته و طلب بني جعفر فشمّهم و دمعت عيناه ـ فاجتمعت النساء و دخلت فاطمة(ع) وهي تبكي وتقول وا عمّاه؟ فقال رسول الله(ص۹ على مثل جعفر فلتبك البواكي. (أسد الغابة: ۱/٢۴۱، الاصابة: ٢/٢۳۸ والكامل في التاريخ: ٢/۴٢۰). ج) بكاء النبي(ص) على ابنه ابراهيم: قال عبدالرحمن بن عوف و أنت يا رسول الله؟ فقال يابن عوف أنها رحمة؟ ان العين تدمع و القلب يحزن و لا نقول إلا ما يرضى ربّنا وإن بفراقك يا ابراهيم لمحزونون. (صحيح مسلم: ۴/۱۸۰۸، كتاب الفضائل باب رحمته بالصبيان والعيال وسنن ابي داود: ۳/۱۹۳، كتاب الجنائز باب البكاء على الميت...) د) بكاء الرسول على سبطه الامام الحسين(ع) عن ام الفضل بنت الحارث أنها دخلت على رسول الله(ص) فقالت: يا رسول الله اني رأيت حلماً منكراً الليلة، قال و ما هو؟ قالت: انه شديد، قال: و ما هو؟ قالت: رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت و وضعت في حجري. فقال رسول(ص): رأيت خيراً، تلد فاطمة إن شاء الله غلاماً فيكون في حجرك. فولدت فاطمة الحسين فكان في حجري كما قال رسول الله(ص) فدخلت يوماً الى رسول الله(ص) فوضعته في حجره، ثم حانت منّي التفاتة، فاذا عينا رسول الله تهرقان من الدموع .قالت: فقلت يا نبي الله، بأبي و امي، مالك؟ قال: أتاني جبرئيل فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا. فقتل هذا؟ قال نعم. وأتاني بتربة من تربته حمراء». (مستدرك الصحيحين: ۳/۱۷۶، تاريخ ابن عساكر ج۶۳۱، مجمع الزوائد: ۹/۱۷۹ ومقتل الخوارزمي: ۱/۱۵۹). هـ ) عن عبدالله بن العباس، قال: لما حضرت رسول لله(ص) الوفاة بكى حتى بلت دموعه لحيته، فقيل يا رسول لله(ص) ما يبكيك؟ فقال: ابكي لذرّيتي، ما نصنع بهم أشرار أمتي من بعدي كأني بفاطمة بنتي و قد ظلمت بعدي، و هي تنادي: يا أبتاه! يا أبتاه! فلا يعينها أحد من أمتى... (أمالي الطوسي ص۱۸۸ ح۳۱۶) و هناك حديث آخر ورد في كتب الفريقين و هو أن السماء و الأرض لم تبكيا دماً لمدّة أربعين يوماً إلا لمقتل الحسين بن علي (ع)، ولمقتل يحيى بن زكريا (تفسير القرطبي، ج ۱۰، ص ٢٢۰؛ وتفسير الدر المنثور للسيوطي، ج ۴، ص ٢۶۴) و ذلك لأن قتل الإمام الحسين (ع) و أصحابه وأنصاره، وكذلك قتل يحيى بن زكريا، كانا أعظم المصائب، ولا تأتي مصيبة أعظم منهما. و لهذا قال الإمام المهدي (عج) في الزيارة المعروفة باسم زيارة الناحية المقدسة، مخاطباً جدّة الإمام الحسين بن علي(ع): ... فلئِن أخّرتْني الدهور و عاقني عن نصرك المقدور و لم أكن لمن حاربك محارباً و لمن نصب لكم العداوة مناصباً، فلأندُبنّ عليك صباحاً و مساءً و لأبكين عليك بدل الدموع دماً، حسرةً وتأسفاً على ما دهاك وتلهفاً، حتى أموت بلوعة المصاب و غصّة الاكتئاب (المزار، ص ۵۰۱؛ وبحار الأنوار، ج ۹۸/٢۳۸). و قد ذكرتَ في سياق سؤالك أنك تحبّ الإمام الحسن والإمام الحسين (عليهما السلام) مثلما تحب الإمام علي (ع) والنبيّ (ص). و هذا شيء جيّد طبعاً، وأنت بهذا تتأسى بسيرة النبيّ الأعظم، و على كل المسلمين أن يحبّوا أهل البيت. وكتب الفريقين اعتبرت هذه المحبّة من واجبات بل و من ضروريات الدين. (شرح أصول الكافي، ج ۷، ص ۵۵، نقلاً عن الثعلبي؛ ونور البراهين، ج ٢، ص ٢٢۹؛ والتفسير الكبير، ج ٢۷، ص ۱۶۶). و الدليل على ذلك هو ما ورد في الآية ٢۳ من سورة الشورى: ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرً‌ا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْ‌بَىٰ﴾. وقد أورد الكثير من علماء أهل السنّة في كتبهم، في نهاية هذه الآية الشريفة بأن المراد من "القربى" علي(ع) و فاطمة الزهراء(ع)، و أبناؤهما الحسن و الحسين (عليهما السلام) (صحيح البخاري؛ صحيح مسلم؛ المحاسن للبرقي؛ شواهد التنـزيل؛ تفسير الثعلبي؛ تفسير القرطبي و...). و ننتهي مما سبق ذكره، و من الأحاديث التي عرضناها الى أن مصيبة قتل الحسين كانت فاجعة أليمة تحرق قلب كل محبّ لأهل البيت(ع)، وتجعل دموعه تجري لا إرادياً، و لو أن المرء لطم على رأسه و صدره لعِظَم هذه المصيبة فعمله هذا غير مذموم، بل بالعكس يُعتبر من أفضل ما يتقرب به العبد إلى ربّه. و أما الأحاديث المروية عن رسول الله(ص) في النهي عن البكاء فهي ضعيفة و لا يوثق بها، وتتعارض مع ما نقلناه من أحاديث النبيّ(ص) و سيرته. و أما ما ذكرتموه في أن لتاريخ قتل الإمام الحسين(ع) بين العرب قصّة أخرى غير القصّة المعروفة في يومنا هذا، وأن هذا التغيير الذي جرى عليها وقع في زمن أحد الحكام الصفويين، فهذا الكلام لا أساس له من الصحّة. و هل أن كلّ هذه الروايات التي وردت في الكتب المعتبرة عند أهل السنّة في ما يخص تاريخ كربلاء، وتاريخ الإمام الحسين، وترجمة يزيد بن معاوية، كانت كلّها من وضع و ابتداع الصفويين؟ وهل بكاء السماء دماً لمدّة أربعين يوماً على مقتل الحسين(ع) من ابتداع الصفويين؟ أرجو منك بصفتك أخ في الدين أن تقرأ شيئاً من كتب التاريخ. وأما بالنسبة إلى ما ذكرته بأنهم في العهد الصفوي أمروا بعدم التمسّك بالقرآن لأنه محرّف، فهذا الكلام مجرّد تهمة يُلصقها الوهابيون بالشيعة. والدليل على هذا الكلام هو: ۱_ أن كل علماء الإسلام من أهل السنّة و الشيعة أكّدوا في ما كتبوه و ما قالوه أن القرآن مصون من التحريف. و قد كتب علماء الشيعة أكثر الكتب اتقاناً واستدلالاً في هذا المجال. ٢_ أن كنت لا تصدّق هذا الكلام، ندعوك إلى مطابقة القرآن الموجود عند الشيعة مع القرآن الموجود عند أهل السنّة. و للاطلاع على مزيد من المعلومات في هذا المضمار ندعوك إلى الرجوع إلى سلسلة كتب: في رحاب أهل البيت(ع)، كتاب "صيانة القرآن من التحريف"، وهو من إصدار دار النشر التابعة للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام.

1