قد اختلف العلماء في ذلك، فالبعض ذهب الى طهارة دم المعصوم(عليه السلام) ومدفوعاته، والبعض الآخر قال بنجاستهما، مثل العلّامة الحلي "قدس سره“.
وللفائدة أنقل لكم الجواب المفصل للمرجع الديني الميرزا جواد تبريزي "قدس سره“، عندما وُجِّه اليه هذا السؤال، هل إعتقاد المرء بطهارة المعصوم( عليه السلام) من الرجس يشمل ضرورة الإعتقاد بطهارة دمه ومدفوعاته؟
فهل دم المعصوم(عليه السلام) ومدفوعاته طاهرين أم لا؟
باسمه تعالى
الجواب عن هذه المسألة يتّضح بذكر أمرين:
أ ) إنّ جسد المسلم فضلًا عن المعصوم ( عليه السّلام ) لا يكون خبثاً، وأمّا تنجّس بدن الإنسان بملاقاة القذر كالبول والدم فهو أمر إعتباري وليس أمراً واقعياً، كما أنّ النجاسة الثابتة لبعض الأشياء كالدم والمني، أمر إعتباري أيضاً لا واقعي، وإنّما اعتبرها الشارع لمصلحة تقتضي ذلك أو دفع مفسدة عن العباد، لا لنقص في مورد الإعتبار ولا لكمال في غيره، فمثلًا تنجّس بدن الإنسان عند إصابة القذر كالبول والدم له، لا يعني الخبث الذاتي فيه ولا يدلّ على النقص في شخصه، وإنّما هو حكم تعبّدي لملاك معيّن، كما أنّ طهارة مدفوع وبول مأكول اللحم لا يدلّ على فضيلة له، وبالجملة فلا يحتمل أن يكون حكم الشارع بطهارة مَيْتَة ما ليس له نفس سائلة كالسمك والبق، ونجاسة مَيْتَة الإنسان تفضيلًا لمَيْتة البقِّ على الإنسان.
ب ) من المسلَّمات التي لا ريب فيها، أنّ المعصومين الأربعة عشر ( عليهم السّلام)، في أعلى درجات الكمال وأسمى مراتب العصمة، غير أنّ الأحكام الشرعية ومنها وجوب غسل الجنابة، أو إعتبار طهارة البدن واللباس من الخبث في صحّة الصلاة شاملة للمعصوم (عليه السلام) وغيره، إذ لم يرد دليل على استثناء المعصوم (عليه السلام) من هذه الأحكام، ولقد كان النبي(صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) يغتسل من الجنابة، ويغسل بدنه ممّا أصابه من القذر، وكذلك المعصومون( عليهم السّلام )، وما اشتهر من قول علي (عليه السّلام) : (لا أدري أصابني بول أم ماء، وما أُبالي إذا لم أعلم)، ظاهر في عدم استثنائه (عليه السّلام) من هذه الأحكام، وبالجملة فثبوت أحكام الطهارة والنجاسة في حقّهم (عليهم السّلام)، لا ينافي طهارتهم الذاتية وكمال عصمتهم بصريح النصوص، والله الهادي للصواب.
وكيفما كان فإنّ الإعتقاد بطهارة دم الإمام أو المعصوم (عليه السّلام)، ليس من أُصول الدين ولا من ضروريات المذهب، فيكون الأُولى لمن تردّد في ذلك إيكاله إلى الإمام (عليه السّلام) ، والله العالم.
”الانوار الالهية للشيخ التبريزي ص 201“