منذ سنتين

التمتع بالطفلة الصغيرة

في كتاب تحرير الوسيلة للإمام (قد) قرأت : مسألة 12 : لا يجوز وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين ، دواما كان النكاح أو منقطعا ، و أما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة و الضم و التفخيذ فلا بأس بها حتي في الرضيعة ، و لو وطأها قبل التسع و لم يفضها لم يترتب عليه شي‏ء غير الاثم علي الاقوي ، و إن أفضاها بأن جعل مسلكي البول و الحيض واحدا أو مسلكي الحيض و الغائط واحدا حرم عليه وطؤها أبدا لكن علي الاحوط في الصورة الثانية ، و علي أي حال لم تخرج عن زوجيته علي الاقوي ، فيجري عليها أحكامها من التوارث و حرمة الخامسة و حرمة أختها معها و غيرها ، و يجب عليه نفقتها مادامت حية و إن طلقها بل و إن تزوجت بعد الطلاق علي الاحوط ، بل لا يخلو من قوة ، و يجب عليه دية الافضاء ، و هي دية النفس ، فإذا كانت حرة فلها نصف دية الرجل مضافا إلي المهر الذي استحقته بالعقد و الدخول ، و لو دخل بزوجته بعد إكمال التسع فأفضاها لم تحرم عليه و لم تثبت الدية ، و لكن الاحوط الانفاق عليها مادامت حية و إن كان الاقوي عدم الوجوب . حول فتوي الامام الخميني (قدس) في جواز التمتع بالطفلة الرضيعة وماالمقصود بالرضيعة في هذه المسئلة ...؟


 أولاً: ان مسألة استغلال الاطفال الصغار لاغراض شخصية تعود الي الاب لا يجوز، فليس من حق الاب التلاعب باطفاله كيفما شاء، بل القضية مبحوثة من جهة اخري وهي ان الاب اذا وجد الانسان الكفوء الذي تتوفر فيه مجموعة من الخصال الحميدة، فهل يجوز له ان يزوجه من ابنته الصغيرة. و اذا زوجه فهل تكون هذه زوجته، و ما هو المقدار الذي يجوز له الاستمتاع به من هذه الطفلة؟ و هذه القضية الفقهية لا تستحق هذا التهويل و التشهير، و ذلك لان : ان مسألة جواز الزواج من الصغيرة من المسائل المتفق عليها بين الشيعة و السنّة الاّ بعض السنّة و هم [ابن شبرمة و ابو بكر الأصم و عثمان البتّي‏] و هذا ما نبيّنه لك ضمن نقطتين هما: النقطة الاولي: في تعريف الزواج شرعا: هو عقد يتضمن اباحة الاستمتاع بالمرأة بالوطء والمباشرة والقبيل، و الضم و غير ذلك، اذا كانت المرأة غير محرم بنسب أو رضاع او صهر .[1] او هو عقد وضعه الشارع ليفيد ملك استمتاع الرجل بالمرأة، و حلّ استمتاع المرأة بالرجل . و عرفه الحنفية بقولهم: عقد يفيد ملك المتعة قصدا، اي حل استمتاع الرجل من امرأة لم يمنع من نكاحها مانع شرعي، بالقصد المباشر، فخرج بكلمة «المرأة» الذكر و الخنثي المشكل لجواز ذكوريته، و خرج بقوله «لم يمنع من نكاحها مانع شرعي» المرأة الوثنية و المحارم و الجنيّة، و انسان الماء، لاختلاف الجنس.[2] و النكاح عند الفقهاء و منهم مشايخ المذاهب الاربعة: حقيقة في العقد مجاز في الوطء لانه المشهور في القرآن و الاخبار، و قال الزمخشري و هو من علماء الحنفية، ليس في الكتاب لفظ النكاح بمعني الوطء الاّ قوله تعالي [ حتي تنكح زوجا غيره ‏] لخبر الصحيحين حتي «تذوق عسيلته» فالمراد به العقد، و الوطء مستفاد من هذا الخبر.[3] من هذه المقدمة نفهم ان العقد يبيح للرجل جمع الاستمتاعات خرج منها [الدخول بالمرأة] لدليل خاص به، فتبقي جميع الاستمتاعات تحت عموم جواز الاستمتاع، و هذا الامر لا يختلف فيه الفقهاء من الشيعة و السنة كما قلت. يبقي السؤال التالي: هل يجوز زواج الصغيرة او العقد علي غير البالغة؟ هذا ما نبحثه في : النقطة الثانية: لقد عقد الدكتور وهبة الزحيلي في كتابه الفقه الاسلامي، تحت عنوان: الأهلية و الولاية و الوكالة في الزواج: فيه مباحث ثلاثة المبحث الأوّل: أهلية الزوجين: يري ابن شبرمة و أبوبكر و عثمان البتي رحمهم اللّه أنه لا يزوج الصغير و الصغيرة حتي يبلغا، لقوله تعالي: ( حتي إذا بلغوا النكاح ) فلو جاز التزويج قبل البلوغ، لم يكن لهذا فائدة، و لأنه لا حاجة بهما إلي النكاح، و رأي ابن حزم أنه يجوز تزويج الصغيرة عملا بالآثار المروية في ذلك. أما تزويج الصغير فباطل حتي يبلغ و إذا وقع فهو مفسوخ [4] و لم يشترط جمهور الفقهاء لانعقاد الزواج: البلوغ و العقل، و قالوا بصحة زواج الصغير و المجنون. الصغر: أما الصغر فقال الجمهور منهم أئمة المذاهب الأربعة، بل ادعي ابن المنذر الإجماع علي جواز تزويج الصغيرة من كفء، و استدلوا عليه بما يأتي:[5] 1 ـ بيان عدة الصغيرة: و هي ثلاثة أشهر ـ في قوله تعالي: ( و اللائي يئس من المحيض من نسائكم إن ارتبتم، فعدتهم ثلاثة أشهر، و اللائي لم يحضن) فإنه تعالي حدد عدة الصغيرة التي لم تحض بثلاثة أشهر كاليائسة، و لا تكون العدة إلا بعد زواج و فراق، فدل النص علي أنها تزوج و تطلق و لا إذن لها. 2 ـ الأمر بنكاح الإناث في قوله تعالي: ( و أنكحوا الأيامي منكم ) و الأيم: الأنثي التي لا زوج لها، صغيرة كانت أو كبيرة. 3 ـ زواج النبي(ص) بعائشة و هي صغيرة، فإنها قالت: « تزوجني النبي(ص) و أنا ابنة ست، و بني بي و أنا ابنة تسع» [6] و قد زوجها أبوها أبو بكر رضي اللّه عنهما. و زوج النبي(ص) أيضا ابنة عمة حمزة من ابن أبي سلمة، و هما صغيران. 4 ـ آثار عن الصحابة: فقد زوج علي ابنته أم كلثوم و هي صغيرة من عروق بن الزبير، و زوج عروة بن الزبير بنت أخيه من ابن أخيه و هما صغيران، و وهب رجل بنته الصغيرة لعبد اللّه بن الحسن بن علي، فأجاز ذلك علي رضي اللّه عنهما و زوجت امرأة ابن مسعود بنتا لها صغيرة لابن المسيب بن نخبة، فأجاز ذلك زوجها عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه. 5 ـ قد تكون هناك مصلحة بتزويج الصغار، و يجد الأب الكف‏ء، فلا يفوت إلي وقت البلوغ. من الذي يزوج الصغار؟ و اختلف الجمهور القائلون بجواز تزويج الصغار فيمن يزوجهم. فقال المالكية و الحنابلة [7]: ليس لغير الأب أو وصية أو الحاكم تزويج الصغار لتوافر شفقة الأب و صدق رغبته في تحقيق مصلحة ولده، و الحاكم و وصي الأب كالأب. لأنه لا نظر لغير هؤلاء في مال الصغار و مصالحهم المتعلقة بهم، و لقوله (ص): « تستأمر اليتيمة في نفسها، و إن سكتت فهو إذنها، و إن أبت فلا جواز عليها» [8] و روي عن ابن عمر أن قدامة بن مظعون زوج ابن عمر ابنة أخيه عثمان، فرفع ذلك الي النبي (ص) فقال: « إنها يتيمة و لا تنكح إلا باذنها »[9] و اليتيمة: هي الصغيرة التي مات أبوها، لحديث: «لا يتم بعد احتلام»[10] فدل الحديث علي أن الأب وحده هو الذي يملك تزويج الصغار. و قال الحنفية [11]: يجوز للأب و الجد و لغيرهما من العصبات تزويج الصغير و الصغيرة لقوله تعالي: [و ان خفتم ألا تقسطوا في اليتامي‏] أي في نكاح اليتامي أي اذا كان خوف من ظلم اليتامي، فالآية تأمر الأولياء بتزويج اليتامي و أجاز أبو حنيفة في رواية عنه لغير العصبات من قرابة الرحم كالأم و الأخت و الخالة تزويج الصغار ان لم يكن ثمة عصبة، و دليله عموم قوله تعالي [و أنكحوا الأيامي منكم و الصالحين‏] من غير تفرقة بين العصبات و غيرهم. و قال الشافعية[12]: ليس لغير الأب و الجد تزويج الصغير و الصغيرة، في حق الأب للآثار المروية فيه، فبقي ما سواه علي أصل القياس، و الحنابلة رأوا أن الأحاديث مقصورة علي الأب، و الشافعية استدلوا بالأحاديث لكنهم قاسوا الجد علي الأب، و الحنفية أخذوابعموم الآيات القرآنية التي تأمر الأولياء بتزوج اليتامي أو بتزويجهن من غيرهم. و قد أشرتط أبو يوسف و محمد في تزويج الصغار الكفاءة و مهر المثل، لأن الولاية للمصلحة، و لا مصلحة في التزويج من غير كف‏ء و لا مهر مثل. و كذلك اشترط الشافعية في تزويج الأب الصغيرة أو الكبيرة بغير إذنها شروطا سبعة و هي : الأول: ألا يكون بينه و بينها عداوة ظاهرة. الثاني: أن يزوجها من كف‏ء. الثالث: أن يزوجها بمهر مثلها. الرابع: أن يكون من نقد البلد. الخامس: ألا يكون الزوج معسرا بالمهر السادس: ألا يزوجها بمن تتضرر بمعاشرته كأعمي و شيخ هرم. السابع: ألا يكون قد وجب عليها الحج، فإن الزوج قد يمنعها لكون الحج علي التراخي، و لها عوض في تعجيل براءتها، وي جوز أن يزوج الصغير أكثر من واحدة و أجاز المالكية للأب تزويج البكر الصغيرة، و لو بدون صداق المثل، و لو لأقل حال منها، أو لقبيح منظر، و تزوج ابالغ بإذنها، إلا اليتيمة الصغيرة التي بلغت عشر سنين، فتزوج بعد استشارة القاضي علي أن يكون الزواج بكف‏ء و بمهر المثل. و رأي الحنابلة: أن يزوج الأب ابنه الصغير أو المجنون بمهر المثل و غيره و لو كرها: لأن للأب تزويج ابنته البكر بدون صداق مثلها، و هذا مثله، فإنه قد يري المصلحة في تزويجه فجاز له بذل المال فيه كمداواته فهذا أولي، و إذا زوج الأب ابنه الصغير، فيزوجه بإمرأة واحدة لحصول الغرض بها، و له تزويجه بأكثر من واحدة إن رأي فيه مصلحة، و ضعف بعض الحنابلة هذا، إذ ليس فيه مصلحة، بل مفسدة، و صوب أنه لا يزوجه أكثر من واحدة أما الوصي لا يزوجه أكثر بلا خلاف لأنه تزويج لحاجة، و الكفاية تحصل به، إلا أن تكون غائبة أو صغيرة أو طفلة و به حاجة، فيجوز أن يزوجه ثانية.. و لسائر الأولياء تزويج بنت تسع سنين فأكثر بإذنها، لما روي أحمد عن عائشة: «إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة» أي في حكم المرأة [13] فهل بعد هذا البيان يبقي مجال للاستغراب و التساؤل عن مسألة الزواج من الصغيرة؟! و في الختام نقول: علي فرض ان اهل السنة لم يقولوا بجواز ذلك، فهذا لا يعني اننا أيضا نمنع ذلك و ذلك لاننا نتبع الدليل فاذا ثبت عندنا الدليل الشرعي علي جواز الزواج من الصغيرة نأخذ به حتي لو خالفنا جميع الناس لان الحق [النص‏] احق ان يتبع.