اذا امكن ان تفيدونا عن كيفية دخول المذهب الشيعي الي بعض قبائل الحجاز و متي كان ذلك؟
ان الحديث عن نشأة التشيع و كيفيت انتشاره في الجزيرة العربية بصورة عامة و في الحجاز بصورة خاصة يحتاج الي بحوث واسعة لايمكن استقصاؤها بهذه العجالة وفي هذا المختصر، ولكن الذي يمكن ان نقوله: ان التشيع نشأ حول علي(ع) في عهد رسول الله(ص) و ان الرسول (ص) هو الذي اطلق هذا الاسم علي مؤيدي علي عليه السلام و اتباعه.
نذكر من تلك الآراء ما نقله السيد محسن الامين عن ابي محمد الحسن بن موسي النوبختي في كتابه الفرق و المقالات: «الشيعة هم فرقة علي بن ابي طالب(ع) المسمّون بشيعة علي في زمان النبي(ص) و ما بعده معروفون بانقطاعهم اليه و القول بامامته»[1]
اما ابوحاتم السجستاني فيقول: «ان لفظ الشيعة كان علي عهد رسول الله(ص) لقب لاربعة من الصحابة، سلمان و ابي ذر و المقداد و عمار»[2] و كذالك السيوطي في تفسيره لقوله تعالي ( ِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ... المزید)[3] قال النبي(ص): والذي نفسي بيده ان هذا... يعني علياً و شيعته لهم الفائزون يوم القيامة .[4]
يقول السيد هاشم الموسوي في كتابه التشيع:
بدا اسم علي يظهر خارج السقيفة كمرشح للخلافة، و كاحقّ شخص بها كما ظهر في داخل السقيفة و في وسط المتحاورين، فبعد ان خرج المهاجرون و الانصار المجتمعون في دار رسول الله(ص) لانتشار خبر السقيفة، قام الفضل بن العباس فخطب الناس المجتمعين هناك قائلا «يا معشر قريش، انه ما حقت لكم الخلافة بالتموية، و نحن اهلها دونكم و صاحبنا[5] اولي بها منكم [6] و هكذا بدأ التكتل حول علي و المناداة بامامته في اليوم الاول من وفاة رسول الله (ص) و بدأ التشيع الفكري و السياسي يظهر ككتلة و كيان، يحدّثنا اليعقوبي عن ذلك بقوله : و تخلف عن بيعة ابي بكر قوم من المهاجرين و الانصار و مالوا مع علي بن ابي طالب منهم العباس بن عبدالمطلب، و الفضل بن العباس، و الزبير بن العوام بن العاص و خالد بن سعيد، و المقداد بن عمر و سلمان الفارسي، و ابوذر الغفاري، و عمار بن ياسر، و البراء بن عازب و ابيّ بن كعب[7] و بدأ هذا التكتل المتشيّع لعلي يواصل مساعيه السياسية و اجتماعاته و يطالب باعادة النظر فيما جري في السقيفة، و يحدّثنا المورخون عن الاجتماع السياسي الذي جري في بيت فاطمة بنت رسول الله (ص) للتباحث في موضوع الخلافة و الامامة بعد الذي جري في سقيفة بني ساعدة، فقد نقل اليعقوبي ذلك بقوله: «و بلغ ابابكر و عمر انّ جماعة من المهاجرين و الانصار قد اجتمعوا مع علي ابن ابي طالب في منزل فاطمة بنت رسول الله(ص) فأتوا في جماعة حتي هجموا الدار...»[8]
و اما القبائل التي والت علياً(ع) و دافعت عنه و قاتلت معه و اعتقدت بحقه فهي كثيرة و مهمة كما يظهر ذلك لمن طالع التاريخ السياسي للجزيرة العربية بصورة عامّة و تاريخ الامام علي(ع) في صراعه مع الناكثين و القاسطين و المارقين، و في هذا الخصوص يقول الدكتور يوسف جعفر سعادة في كتابه [القوي السياسية في كوت الاحساء ص 42 ـ 51] في معرض حديثه عن قبائل [بكر وربيعة]: لم يبق من بني معد في تهامة من القبائل الكبري الا (ربيعة و مضر)... اما سائر قبائل ربيعة فقد اقامت في ظواهر نجد و الحجاز... ثم اصبحت (بكر) من انصار الامام علي بن ابي طالب عليه السلام و شيعته. ثم تعرض الدكتور سعادة لذكر عبدالقيس و هم من ربيعة... و قال: و اذا كانت ربيعة من انصار الامام علي بن ابي طالب عليه السلام و اعوانه و الركن المنيع من اركانه فان جماعة عبدالقيس وقفوا في صف الامام علي(ع) في معاركه و مواقفه، اشتهر منهم «حكيم بن جبلة» الذي استشهد في حرب الجمل. و قال الامام علي عليه السلام في عبدالقيس: « عبدالقيس خير ربيعة و في كل ربيعة خير » من هذا المقطع يظهر لنا بجلاء الدور الذي لعبته ربيعة في نصرة الامام عليه السلام. ثم ساق الدكتور سعادة حديثه الي قبيلة تميم و قال: واشتركوا مع علي عليه السلام في معركة الجمل فقتل منهم 500 فرد.
و في معرض حديثه عن [الازد] قال الدكتور سعادة: و قد حاربت [خزاعة] و هي من قبيله [الازد] من القحطانية مع الامام علي عليه السلام في حوادث سنة 37 ه ... و اما [طيء بن أدد] فيقول الدكتور عنهم: قبيلة عظيمة من كهلان من القحطانية، كانت منازلهم باليمن...كانوا مع علي عليه السلام في حوادث 36 ـ37 ه (صفين) و اصبحوا بعد ذلك رعايا للحمدانيين .
و اما الشيخ عبدالعزيز المدين فقد ذكر في كتابه [التاريخ الامين لمدينة سيد المرسيلين]
قبيله النخاولة، و قال عنهم: و يسمون بالنخاولة لانهم يعملون في فلاحة النخيل فسمّوا به، وهم من السكان الاصليين في المدينة و ينتسبون الي الانصار. قال الدكتور الشيخ محمد هادي الاميني: من البيوتات و القبائل العربية الاسلامية الاصلية و العريقة المعروفة في المدينه المنورة بيت النخلي، و العوام يقولون النخولي و هو المشهور اليوم، نسبة الي صناعة فلاحة النخيل، و هم طوائف كثيرة و خلائق كبيرة، و كلهم من الشيعة الامامية الحقه و بينهم غاية المحبة و كمال الالفة و الحنان، و اطلق عليهم اسم النخولي لاتقانهم فلاحة النخيل بحيث لايكادون يحسنون غيرها و لا تصلح الا بهم غالبا و لهم قدم بالمدينة الطيبة، فتحوا باب النضال و الكفاح علي مصراعية لغيرهم و قادوا خلال القرون السالفة تلك العارمة التي كادت تطيح بالحكم الاموي و العباسي [9]
و قد جاء في كتاب: [العلويون في الحجاز] للدكتور عبدالله بن علي المسند ص 24 النص التالي : و تسكن الحجاز عدة قبائل و أهم ما يعنينا من هذه القبائل في هذه الدراسة هي قبيلة "جهينة" و هي تنتسب الي جهينة بن زيد بن الحافي بن قضاعة، و مساكنهم ما بين المدينة و ينبع، و تتركز منازلهم عند وادي القري... و هذه القبيلة هي التي لعبت الدور الكبير في مساندة العلويين في صراعهم الدامي مع العباسيين و التي دارت رحاها في الحجاز في العصر العباسي الاول. كما قاتلت من قبل مع الرسول صلي الله عليه و آله في فتح مكه و اشتركت بألف رجل مع الرسول صلي الله عليه و اله و اثني عليهم.
و لا ننسي الدور الكبير الذي لعبته قبيلة همدان في موازرة الامام علي عليه السلام و المواقف البطولية التي ابداها رجالها في الدفاع عن حق علي(ع) حتي قال فيهم الامام علي(ع):
و لو كنت بوابا علي باب جنة لقلت له م دان ادخ لي بسلامٍ
هذا استعراض سريع لبعض القبائل التي شايعت عليا عليه السلام و دافعت عنه.
انظر المصادر التالية:
* التشيع نشأته معالمه ـ للسيد هاشم الموسوي.
* التاريخ الامين لمدينة سيد المرسلين: للشيخ عبدالعزيز المدني.
* العلويون في الحجاز: للدكتور عبدالله بن علي المسند.
* القوي السياسية في كوت الاحساء للدكتور يوسف جعفر سعادة.