منذ سنتين

ما هي صحة حديث جيش أسامة؟

ما هي صحة حديث جيش أسامة؟ هل الرسول (ص) لعن المتخلفين عنه و من هم المتخلفون عنه؟


من الثابت تاريخيا ان آخر سرية في حياة الرسول(ص) هي سرية اسامة بن زيد ،وقد اهتم بها النبي(ص) اهتماما كبيرا فأمر أصحابه بالتهيؤ لها و حثّهم علي ذلك، ثم عبأهم بنفسه الزكية إرهافا لعزائمهم و استنهاضا لهممهم، فلم يبق أحدا من وجوه المهاجرين و الأنصار كأبي بكر و عمر[1] و أبي عبيدة و سعد و أمثالهم إلاّ و قد عبأه بالجيش‏.[2] و كان ذلك لأربع ليال بقين من صفر سنة احدي عشر للهجرة، فلمّا كان من الغد دعا أسامة، فقال له: سر إلي موضع قتل أبيك فأوطئهم الخيل، فقد وليتك هذا الجيش، فاغز صباحا علي أهل أبني‏ [3] و حرق عليهم و أسرع السير لتسبق الأخبار، فإنّ أظفرك اللّه عليهم فأقلّ اللّبث فيهم، و خذ معك الأدلاء و قدم العيون و الطلائع معك . فلمّا كان اليوم الثامن و العشرين من صفر، بدأ به(صلّي اللّه عليه و آله و سلم) مرضُ الموت فحمّ ـ بأبي و أمي ـ و صدع، فلمّا أصبح يوم التاسع و العشرين و وجدهم متثاقلين، خرج إليهم فحضّهم علي السير، و عقد (ص) اللواء لأسامة بيده الشريفة تحريكا لحميتهم، و إرهافا لعزيمتهم، ثمّ قال: اغز بسم اللّه و في سبيل اللّه و قاتل من كفر باللّه . فخرج بلوائه معقودا، فدفعه إلي بريدة و عسكر بالجرف ثمّ تثاقلوا هناك فلم يبرحوا مع ما وعوه و رأوه من النصوص الصريحة في وجوب اسراعهم كقوله(ص): « أغز صباحا علي أهل أبني» و قوله : «و أسرع السير لتسبق الأخبار » إلي كثير من أمثال هذه الأوامر التي لم يعملوا بها في تلك السرية. و طعن قوم منهم في تأمير ابيه، و قالوا في ذلك فأكثروا مع ما شاهدوه من عهد النبي له بالامارة، و قوله(ص) له يومئذ: « فقد وليتك هذا الجيش » و رأوه يعقد له لواء الإمارة ـ و هو محموم ـ بيده الشريفة، فلم يمنعهم ذلك من الطعن في تأميره حتي غضب(ص) من طعنهم ـ غضبا شديداً فخرج معصب الرأس [4] مدّثرا بقطيفته، محموما، ألما، و كان ذلك يوم السبت لعشر خلون من ربيع الأوّل قبل وفاته بيومين، فصعد المنبر فحمد اللّه و أثني عليه ثم قال ‘‘فيما أجمع أهل الأخبار علي نقله و اتفق أولوا العلم علي صدوره‏‘‘: « أيّها الناس ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة و لئن طعنتم في تأميري أسامة لقد طعنتم في تأميري أباه من قبله و ايم اللّه إنّه كان لخليقا بالإمارة و إن ابنه من بعده لخليق بها »[5] و حضّهم علي المبادرة إلي السير، فجعلوا يودعونه و يخرجون إلي العسكر بالجرف، و هو يحضهم علي التعجيل، ثم ثقل في مرضه، فجعل يقول: جهّزوا جيش أسامة أنفذوا جيش أسامة.أرسلوا بعث أسامة، يكرر ذلك و هم مثّاقلون. و اما بخصوص اللعن فقد نقلها الشهرستاني و ارسلها ارسال المسلمات فقد جاءت في حديث مسند . أخرجه أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة، أنقله لك بعين لفظه: «قال: حدّثنا أحمد بن إسحاق بن صالح، عن أحمد بن سيّار، عن سعيد بن كثير الإنصاري عن رجاله، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن: إنّ رسول اللّه(ص) في مرض موته امّر أسامة بن زيد بن حارثة علي جيش فيه جلة المهاجرين و الأنصار، منهم: أبوبكر و عمر و أبو عبيدة بن الجراح و عبد الرحمن بن عوف و طلحة و الزبير و أمره أن يغير علي مؤتة حيث قتل أبوه زيد، و أن يغزو وادي فلسطين، فتثاقل أسامة و تثاقل الجيش بتثاقله، و جعل رسول اللّه(ص) في مرضه يثقل و يخف و يؤكد القول في تنفيذ ذلك البعث ، حتّي قال له أسامة: بأبي أنت و أمّي أتأذن لي أن أمكث أياما حتي يشفيك اللّه تعالي فقال: أخرج و سر علي بركة اللّه فقال: يا رسول اللّه إن أنا خرجت و أنت علي هذه الحال، خرجت و في قلبي قرحة، فقال: سر علي النصر و العافية، فقال: يا رسول اللّه إني أكره أن أسائل عنك الركبان فقال: انفذ لما أمرتك به، ثمّ أغمي علي رسول اللّه(ص) و قام أسامة فتجهّز للخروج، فلمّا أفاق رسول اللّه(ص) سأل عن أسامة و البعث فأخبر إنّهم يتجهّزون، فجعل يقول: أنفذوا بعث أسامة لعن اللّه من تخلّف عنه و كرّر ذلك، فخرج أسامة و اللواء علي رأسه و الصحابة، بين يديه حتّي إذا كان بالجرف نزل و معه: أبو بكر و عمر، و أكثر المهاجرين، و من الأنصار: أسيد بن حضير، و بشير بن سعد، و غيرهم من الوجوه، فجاءه رسول أم أيمن يقول له: أدخل فإن رسول اللّه يموت، فقام من فوره فدخل المدينة و اللواء معه، فجاء به حتّي ركزه بباب رسول اللّه، و رسول اللّه قد مات في تلك الساعة» انتهي بعين لفظه، و قد نقله جماعة من المؤرخين، منهم العلاّمة المعتزلي في آخر ص 20 و التي بعدها من المجلد الثاني في شرح نهج البلاغة.[6]

1