منذ سنتين

مدي صحة انتساب خطبة البيان للإمام علي(ع)

ما رأي سماحتكم بخطبة البيان المنسوبة إلي أمير المؤمنين علي عليه السلام حيث أن المتفيقهين زادوا خلال الفترة السابقة وأصبحوا يستشهدون بالخطبة ذاتها ويقولون: ان خروج الامام المهدي عجل قريب وذلك باستنتاجهم من خلال الخطبة. فأرجو من سماحتكم إعطائي رأيكم الكريم بخصوص هذه الخطبة من الناحية العلمية والعقلية ومتن الخطبة ؟


وقع الكلام كثيراً حول نسبة خطبة (البيان) الي الامام اميرالمؤمنين (عليه السّلام) و هل انها صدرت منه (عليه السّلام) ام لا؟ و المتتبع لما دار حول الخطبة المذكورة يري بوضوح هذا الاختلاف، بل الرفض من غالبية علماء الشيعة لهذه الخطبة و لامثالها من الخطب. و هذا ما اشار اليه السيد كاظم الرشتي الذي يعتبر من المدافعين عن امثال هذه الخطب حيث قال: اعلم ان العلماء في هذه الخطبة الشريفة و امثالها من الخطب، كخطبة البيان، و خطبة الافتخار و غيرها، تشعبوا علي اربع شعب: الاول : طرحوا هذه الاخبار و اسقطوها عن نظر الاعتبار، و قالوا انها اخبار آحاد لاتفيد علما و لا عملا... و تلك الاخبار اكثرها ضعيفة سيما الخطب و اغلبها في مشارق الانوار للشيخ رجب البرسي و قد حكم العلماء بغلوه و ما هذا شأنه لاحجة فيه مع ان هذا الاخبار و الخطب تخالفها العقول فثبت ان هذه الخطب ليست من اميرالمؤمنين (عليه السّلام) و لا الاخبار من اولاده المعصومين عليهم السلام و انما هي من موضوعات الغلاة و المفوضة[1]. و هذا تصريح منه بأن الخطبة مرفوضة عند طائفة كبيرة من العلماء و انها منسوبة الي فعل الغلاة المنحرفين عن خط التشيع. و بناءً علي ذلك سوف نستعرض الآراء الرافضة لهذه الخطبة وبصورة موجزة قال السيد جعفر مرتضي العاملي عن خطبة البيان: «لقد أوردوا لهذه الخطبة ثلاثة نصوص تختلف فيما بينها بصورة كبيرة، و ليس لأي واحد منها سند يصح الاعتماد عليه...، و اما بالنسبة لمتن الخطبة فهوا أكثر إشكالا، بل لا يكاد سطر منها يمر بدون اشكال او اكثر[2] و قد وصف السيد العاملي كتابه بأنه «يتعرض للخطبة المعروفة باسم خطبة البيان و ما جاء فيها من أكاذيب و أباطيل ودس و تحريف لأهداف شيطانية لا تخفي »[3] يقول الشيخ المجلسي قدس سره عن خطبة البيان ما هذا نصه: لكن الاخبار الكثيرة مما اوردناها في كتاب بحارالانوار يمنع من القول به فيما عدي المعجزات ظاهراً بل صريحا، مع ان القول به قول بما لا يعلم إذ لم يرد ذلك في الاخبار المعتبرة فيما نعلم، و ما ورد من الاخبار الدالة علي ذلك كخطبة البيان، و امثالها فلم توجد الا في كتب الغلاة و اشباههم [4] و جاء عن السيد مصطفي آل السيد حيدر الكاظمي: أنا لم نعثر علي مستند صحيح لهذه الخطبة المسماة بالبيان، و لم يثبتها احد من المحدثين كالشيخ الطوسي و الكليني و نظائرهم، و عدم ذكر المجلسي لها توهين لها لاحاطته بالاخبار، و يبعد عدم اطلاعه عليها، مع انها غير بليغة كثيرة التكرار غير بينة الالفاظ [5] و هذا دليل علي فساد قول السيد كاظم الرشتي: «أمادعواهم بأنهم من أخبار آلاحاد فليس بصحيح لانها فوق الاستفاضة، بل لايبعد تواترها معني...»[6] و جاء في كتاب (مسائل وردود) للسيد الخوئي قدس سره ما هذا نصه: مسألة 362: مارأيكم في خطبة البيان المنسوبة للامام علي(عليه السّلام)؟ باسمه تعالي: لااساس لها، و الله العالم [7] يقول السيد جعفر مرتضي العاملي ايضاً: كان ماذكرناه من وجوه الايراد علي بعض فقرات خطبة البيان غيظ من فيض و قطرة من بحر مما يمكن الايراد به علي هذه الفقرات و سواها من المئات بل الالوف مما خصت بها نصوصها الثلاثة... و قد يكون لبعض الغلاة، و الباطنية، و الصوفية و ربما لليهود ايضا اليد الطولي في هذا البلاء الذي حاق بها حيث وجد هؤلاء و اولئك فيها مرتعاً خصباً، و مادة صالحة لاشاعة إضاليلهم و أباطيلهم...[8] و جاء في كتاب (اجوبة المسائل الدينية) للسيد علي الحسيني السيستاني ما هذا نصه: مسألة 159: ما رأيكم بخطبة البيان المنسوبة لاميرالمؤمنين علي (عليه السّلام)؟ جواب: لم تصح عنه صلوات الله و سلامه عليه [9] و الذي يدل علي ضعف هذه الرواية او الخطبة و وهنها عدم ذكرها في نهج البلاغة، و هذا أن دل علي شيء فانما يدل علي انها من وضع الغلاة. و اما بالنسبة لمتن الخطبة فهو اكثر اشكالا بل لايكاد سطر منها يمر بدون اشكال او اكثر[10] و ذلك لوجود الكثير من العبارات الصريحة الدالة علي الغلو و تفويض أمر الخلق للامام علي (عليه السّلام) فهذه الصفات التي وصف الامام علي (عليه السّلام) نفسه بها، كلها من صفات أفعاله سبحانه لا يشاركه فيها احد من عباده، و نحن نعلم بأن الامام اميرالمؤمنين و هو سيد الموحدين لايستجيز لنفسه ان يتصف بهذه الصفات المختصة به تعالي. [11]