لعب الشطرنج
باب اللعب بالشطرنج والنرد والقمار، والضرب بالصوالج[1] وغيره إعلم أن الله تعالي قد نهي عن جميع القمار، وأمر العباد بالإجتناب منها، وسماها رجساً فقال: ( رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ) [2]مثل اللعب بالشطرنج والنرد وغيره من القمار، والنرد أشد من الشطرنج، فإن اتخاذها كفر بالله العظيم، واللعب بها شرك، وتقلابها كبيرة موبقة، والسلام علي اللاهي بها كفر، ومقلبها كالناظر إلي فرج أمه، واللاعب بالنرد كمثل الذي يأكل لحم الخنزير، ومثل الذي يلعب بها ـ من غير قمار ـ مثل الذي يضع يده في الدم ولحم الخنزير، ومثل الذي يلعب في شيء من هذه الأشياء كمثل الذي مصر علي الفرج الحرام. واتق اللعب بالخواتيم والأربعة عشر وكل قمار ـ حتي لعب الصبيان بالجوز واللوز والكعاب ـ وإياك والضربة بالصولجان، فإن الشيطان يركض معك، والملائكة تنفر عنك ، ومن عثر دابته فمات دخل النار .[3] هذا النص مأخود من كتاب ( فقه الرضا عليه السلام ) فما رأيكم في هذا النص، وهل اللعب بالشطرنج بدون مراهنة حرام ام لا؟ افيدوني مع ذكر الدليل؟
لاشك ان اللعب بالشطرنج ـ بدون مراهنة ربح او خسارة ـ يعد من المسائل الابتلائية التي تحتاج الي تحقيق و بحث، و قد وقعت مثارا للجدل الفقهي بين العلماء، حيث اثيرت مجموعة من التساؤلات حولها، و قد ذهب كل فريق الي تبني رأي خاص في المسألة معتمدين علي نوع الادلة و الاسس الفقهية المعتمدة عندهم و لكل فهم حجته في ذلك.
و يمكن القول انه بخصوص اللعب بالشطرنج طرحت مجموعة من النظريات التي لكل واحدة منها ثمرتها الفقهية الخاصة بها.
يمكن طرح هذه النظريات بالنحو التالي:
ا ـ مباني القول بحرمة اللعب بالشطرنج (من دون ربح او خسارة).
ب ـ مباني القول بحلية اللعب بالشطرنج (من دون ربح او خسارة).
أ مباني القول بالحرمة:
من خلال استعراض آراء الفقهاء يمكن العثور علي ثلاث نظريات للقائلين بالحرمة:
1- المبني الاول: ان السبب الداعي للقول بالحرمة هو كون (الشطرنج) احد آلات القمار، و قد وردت الروايات الكثيرة في النهي عن اللعب بآلات القمار، فحينئذ هذه الروايات تشمل باطلاقها (الشطرنج) فيحرم اللعب به سواء كان هناك ربح او خسارة (اي مراهنة) او لم تكن، و سواء كان الفعل مصداقا للقمار ام لم يكن مصداقا للقمار.
و هذا الراي هو راي الكثير من الفقهاء منهم السيد الخوئي (قدس)، حيث صرح (قدس) بذالك قائلاً:
«العمدة في الدليل علي حرمة اللعب بآلات القمار ـ و لوبلامراهنة ـ الاخبار الناهية عن اللعب بالنرد و الشطرنج» و نحوهما[4] ـ
«واللعب بآلات القمار غير عنوان القمار، فانّا وان قلنا بانّ عنوان القمار لايتحقق الا مع المراهنة الا ان اللعب بآلات القمار يصدق بلامعاوضة» [5]
2ـ المبني الثاني: ان السبب للقول بالحرمة هو نفس (آلة الشطرنج) فان للشطرنج بماهو آلة قمار له خصوصية ذاتية هي التي دعت الي القول بحرمة اللعب به و ان تجرد اللعب عن (الربح والخسارة) المراهنة. و حتي لو لم يصدق علي اللعب به كونه قماراً.
و هذا الراي يظهر من بعض الروايات مثل رواية ابي بصير عن الامام الصادق عليه السّلام ـانظر وسائل الشيعة ج 12 ب 103 ابواب ما يكتسب به ج 4.ـ حيث نري الرواية قد عبرت عن الشطرنج بتعابير لم تذكر في باقي آلات القمار الاخري.
3ـ المبني الثالث:
في هذا المبني يكون اللعب بالشطرنج حراما اذا كان مقترنا (بالمراهنة) الربح و الخسارة حيث يصدق عليه عنوان القمار حينئذ اضافة الي عنوان اللعب.
و هذا القسم الثالث هو القدر المتيقن الذي اجمع عليه الفقهاء قاطبة و لم يقل بجوازه احد منهم رحمهم الله جميعا.
ب: اسس القول بالحلية:
من خلال التحقيق و البحث في كلمات الفقهاء يمكن العثور علي مبنيين اساسيين في حلية اللعب بالشطرنج اذا لم يقترن اللعب بالمراهنة، هما:
1ـ المبني الاول (خروج الشطرنج عن كونه آلة قمار):
بعض الفقهاء شرطوا جواز اللعب بالشطرنج ان تخرج آلة الشطرنج عن كونها آلة قمار بحيث تصبح وسيلة (للرياضة الفكرية فقط) و من هولاء الفقهاء الكبار السيد الامام الخميني(قدس) و هذا ما يظهر بجلاء من خلال فتواه عند ما سئل عن جواز اللعب بالشطرنج حيث قال (قدس سره): لا اشكال في اللعب بالشطرنج علي الفرض المذكور ـ اي خروجها عن كونها آلة قمار ـ اذا لم يكن هناك مراهنة (ربح او خسارة).
2ـ المبني الثاني للحلية: (التشكيك في ادلة حرمة اللعب بآلات القمار من دون مراهنة)
هذا الرأي يبتني علي اساس التشكيك في ادلة حرمة اللعب بآلات القمار اذا خلي اللعب من عنصر المراهنة ،فان اصحاب هذا الرأي لايرون ان ادلة الحرمة كافية للافتاء بها و اعتمادها دليلا علي حرمة ذلك اللعب، و من هؤلاء الفقهاء آية الله السيد احمد الخوانساري حيث قال:
«الثانية اللعب بآلات القمار من دون رهن قد يشك في حرمته حتي مع صدق القمار»
و من الواضح ان مبني السيد الخوانساري يختلف عن مبني السيد الامام (قدس) كما*ان مباني الحرمة السابقة تختلف فيما بينها سعة وضيقاً.
هذا اجمال لمجموعة النظريات المطروحة حول اللعب بالشطرنج ـاخذنا الجواب من مجلة (فقه اهل بيت) باللغة الفارسية السنة الخامسة العدد المزدوج 17ـ18 صفحه310 - 343 بقلم محمد رحماني ـ
و اما ما يتعلق بخصوص الرواية:
من المعلوم كما في السؤال ان النص مأخوذ من كتاب (فقه الرضاعليه السّلام) المنسوب الي الامام الرضا عليه السّلام فنقول:
ان كتاب (الفقه الرضوي) من الكتب التي وقعت مثار جدل طويل بين العلماء، فهناك من اعتبره و اعتمد عليه، و بني علي صحته كالمجلسيين و السيد بحرالعلوم و صاحب الحدائق (الشيخ يوسف البحراني) و الشيخ النوري و غيرهم.
الا ان جمهور المحققين من العلماء ذهبوا الي عدم الوثوق بكونه من تأليف الامام الرضا لافتقار ذلك الي المثبتات الغير المتوفرة لديهم مع شكهم او عدم اقتناعهم بما اعتمد عليه الاخرون في اعتباره.
علي ان عدم شيوع نسبة هذا الكتاب للامام قبل زمن المجلسيين المتأخر وعدم توفر اي معلومات عنه لدي السابقين من العلماء عليها مما يؤكد نفي نسبته للامام و انه من تأليفه الشخصي.
و ليس هناك ما يمنع من اشتهاره عنه في زمانه عليه السلام فيما بعده خصوصا و ان امر الامام كان ظاهرا معروفا لدي الجميع حتي انه لما روي حديثا لعلماء نيشابور كتبه عنه نيف و عشرون الفا من اهل المحابر.
و الذي يؤكد الشك في نسبته اليالامام عليه السلام هو ان الشيخ الصدوق الذي اهتم كثيراً في جمع الاثار الواردة عن الامام الرضا و استقصاء اخباره في كتابه «عيون اخبار الرضا» و غيره لم يشر الي وجود هكذا مؤلف له.
كما ان غيره ممن تأخر عنه من العلماء من قميين و غيرهم لم يتعرضوا له بذكر. أضف الي ذلك ان السيد الاصفهاني ـناقل كتاب فقه الامام الرضا عن القميين ـ لم يذكر عن هؤلاء القميين الذين اطلعوه علي الكتاب شيئاً و كيف وصل اليهم الكتاب و من هو الراوي له.
و لذلك تعددت الاراء في هذا الكتاب و من بين هذه الاراء راي السيد الخوئي قدس حيث ذهب الي:
انه لم يثبت كون الفقه الرضوي رواية بل فيه شواهد علي كونه من فتاوي بعض العلماء و لموافقة جملة ما فيه لرسالة ابن بابويه الي ولده[6] و لو كان غيرها لكان علي الصدوق التعريف بذلك.
كما ان المحقق الميرزا عبدالله الافندي قد جزم في كتابه رياض العلماء بانه اي كتاب فقه الرضا عين الرسالة، و ان اشتراك ابن بابويه مع الامام في اسمه و اسم ابيه صار سبباً لنسبته الي الامام.
و للسيد حسن الصدر رسالة في عدم حجيته و قد ذكر في اجازته للشيخ آغا بزرك الطهراني: انه نفس كتاب ابن ابي عزاقر المعروف بالشلمغاني.
و علي اي حال