خشوع الاصوات
ما الفرق بين الخشوعين في قوله تعالي :"خاشعة ابصارهم ", وبين قوله:"وخشعت الاصوات "؟ وهل يوجد خشوع للاصوات؟
الخشوع لغة: خشع يخشع خشوعا... رمي ببصره نحو الارض، و غضّه، و خفض صوته، خشع بصره، انكسر. الخشوع قريب من الخضوع الاّ ان الخضوع في البدن، و الخشوع في البدن و الصوت و البصر، كقوله تعالي ) خاشعة ابصارهم (و وقوله عز و جل ) و خشعت الاصوات للرحمن ( اي سكنت، و كل ساكن خاضع خاشع.[i] و جاء في تفسير الميزان في تفسير قوله ) الَّذينَ هُمْ في صَلاتِهِمْ خاشِعُون ([ii]: الخشوع تأثر خاص من المقهور قبال القاهر بحيث ينقطع عن غيره بالتوجه اليه، و الظاهر أنّه من صفات القلب، ثم ينسب الي الجوارح او غيرها بنوع من العناية كقوله تعالي ( وَ خَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمن) [iii] و الخشوع بهذا المعني جامع لجميع المعاني التي فسّر بها الخشوع في الآية، كقول بعضهم: هو الخوف و سكون الجوارح، و قول آخرين: غض البصر و خفض الجناح، أو تنكيس الرأس، أو عدم الالتفات يمينا و شمالا، أو اعظام المقام و جمع الاهتمام، او التذلل الي غير ذلك [iv] و جاء في تفسير الكشاف في تفسير سور القلم الآيات 43ـ44 ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساق ) و هو وارد مورد المثل عند اشتداد الامر، و ( وَ يُدْعَوْنَ إِلَي السُّجُودِ فَلا يَسْتَطيعُون) لانهم لا يملكون القدرة علي ذلك من خلال العجز الروحي و الجسدي الذي لا يمكنهم من القيام بذلك بشكل طبيعي، ( خاشِعَةً أَبْصارُهُم ) فلا يملكون ان يحدقوا بها في ما حولهم، لأنّه من الامور التي لا يستطيعون التماسك امامها، لما تشتمل عليه من مظاهر الرعب الذي يرهق الابصار و يهز القلوب.[v] و جاء في تفسير من وحي القرآن في بيان مشاهد يوم القيامة: لا يملك احد لنفسه شيئا للاعتراض أو للتوقف ليرفع صوته امامه، بل هو يستسلم للدعوة الموجهة اليه، ( فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْسا )[vi] من خلال الهيبة المهيمنة علي الوقوف كله و الذلّة الساحقة التي لا يحس احد منهم بوجوده الذين فيها امام اللّه تعالي.[vii] و في تفسير قوله تعالي ( خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّة) [viii] ذلك انهم لا يملكون ان يفتحوا عيونهم في يوم القيامة علي مشاهد العذاب التي تنتظر المجرمين في الآخرة، و لذلك فإنّ ابصارهم تحدّق في الارض تحديقة ذليلة متعبة خاشعة.[ix]