منذ 3 سنوات

الحور العين

هل الحور العين جنس كالانسان ذكر و أنثي أم هن اناث فقط ؟ واذا كن اناثا فما الحكمة من التفرقة بين الرجال و النساء في دار الجزاء حيث لا يوجد ما يخاف من اختلاط الانساب او غيره من الاسباب التي تبيح للرجل التعدد وتحرمه علي المراة مع العلم بانه مذكور في القرآن الكريم أن الفرق بين الناس كلهم بالتقوي و ليس بالجنس؟


لقد وردت لفظة (الحور) في مجموعة من الآيات منها: قوله تعالي: ( وَ زَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عين‏ ‏)[1] و قوله تعالي: ( مُتَّكِئينَ عَلي‏ سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَ زَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عين‏ ‏)[2] و قوله تعالي:‏( حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ ‏) [3] و قوله تعالي: ( وَ حُورٌ عين‏ ‏)[4] و قد فسّر السيد الطباطبائي (قدس) الآية الأولي بقوله: و الحور جمع حوراء بمعني شديدة سواد العين و بياضها، او ذات المقلة السوداء كالظباء، و العين جمع عيناء بمعني عظيمة العينين، و ظاهر كلامه تعالي ان الحور العين غير نساء الدنيا الداخلة في الجنة.[5] و قال في تفسير الآية الثانية: المراد بالتزويج القرن اي قرناهم بهنّ دون النكاح بالعقد [6] و قال في تفسير الآية الثالثة: الخيام جمع خيمة و هي الفسطاط و كونهنّ مقصورات في الخيام انهنّ مصونات غير مبتذلات لا نصيب لغير ازواجهنّ فيهن.[7] و قال في تفسير الآية الرابعة: و الحور العين نساء الجنة.[8] من ذلك كله يظهر ان الحور من جنس الاناث فقط. و يقابل ذلك جنس آخر من الذكور جاء في سورة الانسان الآية 19. ( وَ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُون‏ ). اما بخصوص الفرض الثاني من السؤال. (ما الحكمة من التفرقة ... المزید) نقول اولاً: ان مسألة اختلاط الانساب ليست هي علّة الحكم في الدنيا فضلا عن الآخرة ـ و الاّ فنحن نعلم انه يحرم علي المرأة و الرجل الزنا حتي لو لم يكن هناك حالة اختلاط الانساب. مثلا: 1) اذا كانت المرأة المتزوجة حاملاً من زوجها. 2) اذا كانت المرأة عقيمة. 3) اذا كانت المرأة كبيرة السن (يائسة عن المحيض‏). 4) اذا كانت المرأة صغيرة لم تصل الي سن البلوغ. 5) اذا كانت المرأة قد استعملت من العلاجات الطبية ما يمنع الحمل قطعاً. ففي كل ذلك يحرم الزنا و ليس فيه محذور اختلاط الانساب، اذاً لم تكن هذه القضية علّة الحكم بحرمة الزنا و انما هي من باب الحكمة في الحكم. ثانيا: اننا لا بدّ ان نفرّق بين مصطلحين في هذا المجال هما مصطلح المساواة و مصطلح العدالة فالاسلام و القرآن عندما يقرر المسألة يقررها علي اساس العدالة، و العدالة لا تعني المساواة، و انما تعني لكل شخص حقه ووضع كل شيء في موضعه، فعلي سبيل المثال ان الوالد ملزم ان يعدل بين اولاده الصغار و الكبار، و العدالة لا تعني ان يساوي بينهم بمعني اذا اراد ان يشتري للكبير نوعاً من اللباس يجب ان يشتري للصغير بنفس المقدار و الحجم و هذا هو معني المساواة. كلا ان ذلك ليس مطلوباً من الوالد بل المطلوب منه ان يشتري لكل فرد منهم ما يناسبه و يحتاج اليه ، للولد الكبير بحجمه و للصغير بحجمه. و مسألة المرأة و الرجل تعالج علي اساس العدالة لا علي اساس المساواة فليس من الضروري انّ كلّ ما يوجد بالنسبة الي الرجل لا بدّ ان يتحقق عند النساء. و نحن اذا نظرنا الي الآيات نجدها تشير الي العدالة بينهم بل المساواة في الموارد التي يمكن ان تكون هناك مساواة منها: 1) اصل الوجود في الجنة و الخلود فيها: ( خالِدينَ فيها )[9] 2) خدمتهم من قبل الولدان المخلدين: ( وَ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُون‏ )[10] 3) ( لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِم‏ )[11] 4) ( وَ نَزَعْنا ما في‏ صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوانا )[12] 5) ( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُن‏ )[13] 6) ( أُكُلُها دائِمٌ وَ ظِلُّها )[14] 7) ( فيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَ أَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَ أَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبينَ )[15] 8) ( وَ دانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَ ذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْليلاً )[16] 9) ( يُسْقَوْنَ مِنْ رَحيقٍ مَخْتُوم‏ )[17]          10) ( وَ فيها ما تَشْتَهيهِ الْأَنْفُسُ وَ تَلَذُّ الْأَعْيُن‏ )[18] الي كثير من الآيات التي تشير الي ان نعيم الجنة لا يختص بالرجال فقط. اضافة الي ذلك ان هناك من الآيات ما يشير الي ان الزوجات يلحقن بازواجهن اذا كنّ صالحات و كانوا صالحين قال تعالي: ( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِم‏ ‏)[19] و قوله تعالي: ( ُمْ وَ أَزْواجُهُمْ في‏ ظِلالٍ عَلَي الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُن‏ ‏) [20] و قوله تعالي: ( رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتي‏ وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِم .. .)[21] و في الختام نقول: ان المرأة التي لم تكن متزوجة او كان زوجها من اصحاب النار مثل امرأة فرعون، فليس هناك ايّ محذور عقلي او شرعي في ان يزوّجها اللّه في الآخرة من احد الصالحين.

4