منذ 3 سنوات

حكم من يعتقد بحقانية المذهب الجعفري عقيدة ولا يعمله فقهاً

ما حكم من يعتقد بحقانية المذهب الجعفري عقيدة ولا يعمله فقهاً؟


انه لا معني للتفكيك بين الاعتقاد القلبي و العمل وفقا لهذا المعتقد فان ذلك يشبه الي حد ما من يقول: انا أؤمن بالاسلام و لكن لا اعمل وفقا لمقرراته. ان ذلك غير صحيح بأي وجه كان، إن الانسان عليه ان يتبع الحجة فاذا قامت عنده الحجة و الدليل علي مذهب معيّن او شخص معيّن فان اللازم ان يعتمد هذا الطريق اعتقادا و عملا، و لا يمكن التفكيك. و اما ما هو الدليل علي ذلك فهو: إن تعدد المذاهب في علمي الكلام و الفقه، أو قل: في مجالي العقيدة و التشريع يفرض علي من يريد اعتناق أحدها أن يبحث عن حجية المذهب الذي يريد اعتناقه و التماس الدليل علي شرعيته و مشروعية التعبد به، و ذلك ليخرج من عهدة المسؤولية أمام اللّه تعالي. علما بأن الاساس الذي يقوم عليه هذا المذهب هو الأخذ بالقرآن الكريم و السنة الشريفة المروية عن طريق أهل البيت و أدلتهم علي هذا هي: 1ـ حديث الثقلين: حديث الثقلين من الاحاديث القلة التي اهتم بها الرسول الأعظم (ص) اهتماما كبيرا. و يرجع هذا إلي ما يحمله هذا الحديث من معني مهم و ما يهدف إليه من مغزي ذي خطر كبير في حياة المسلمين، فقد روي أن النبي (ص) ذكره في عدة مواطن: 1ـ بعد انصرافه من الطائف. 2ـ و في مسجد الخيف بمني. 3ـ و في حجة الوداع بعرفة. 4ـ و في غدير خم عندما عهد للإمام علي بالخلافة. 5ـ و من علي منبره في مسجده الشريف بالمدينة . 6ـ و في حجرته المباركة قبل وفاته.[1] و نستفيد من نصوص هذا الحديث الشريف النقاط التالية: 1ـ إقتران العترة الطاهرة بالقرآن الكريم بمعني فهمهم له و علمهم به. 2ـ إن التمسك بالكتاب و العترة معا يعصم من الضلالة، بمعني أن الالتزام بهدي القرآن و بهدي السنة المأخوذة عن طريق أهل البيت تعطي الإنسان المناعة من أن يقع في الضلالة. 3ـ حرمة التقدم علي العترة، و حرمة الابتعاد عنهم، لأن ذلك يوقع في التهلكة و الهلاك و فحوي هذا: حصر الإمامة فيهم و قصرها عليهم. 4ـ عدم إفتراق العترة عن الكتاب، بمعني ارتباطهم به علما و عملا، و استمرار سنتهم ـ لأنها سنة النبي (ص) ـ عديلة القرآن إلي يوم القيامة. يقول ابن حجر: «الحاصل أن الحث وقع علي التمسك بالكتاب و بالسنة و بالعلماء بهما من أهل البيت. و يستفاد من مجموع ذلك بقاء الأمور الثلاثة أيّ قيام الساعة»[2] و يقول أيضا في (149) من صواعقه: «و في أحاديث الحث علي التمسك بأهل البيت إشارة إلي عدم انقطاع متأهل منهم للتمسك به إلي يوم القيامة، كما أن الكتاب العزيز كذلك، و لهذا كانوا أمانا لأهل الأرض ـ كما يأتي ـ . و يشهد لذلك الخبر السابق: في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين، ألا و إن أئمتكم وفدكم إلي اللّه عز و جل فانظروا من توفدون». 5ـ أعلمية أهل البيت (ع). و ليس هناك ما هو أحوط للدين و أعذر في الموقف يوم الحساب من اتباع الأعلم ( ِّ أَ فَمَنْ يَهْدي إِلَي الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدي‏ -)[3] و بعد: فهذا هو حديث الثقلين سندا و فقها أو مصدرا و دلالة، من أخذ به أخذ بالحيطة لدينه و أعذر للّه في مسؤوليته و أبرأ من الحق ذمته. ( ذلِكَ هُدَي اللَّهِ يَهْدي بِهِ مَنْ يَشاء )[4]، ( وَ اللَّهُ يَهْدي مَنْ يَشاءُ إِلي‏ صِراطٍ مُسْتَقيمٍ )[5] 2ـ حديث السفينة: رواه الحاكم في (المستدرك 3/ 150) بإسناده عن حنش الكناني، قال: سمعت أبا ذر (رض) يقول ـ و هو آخذ بباب الكعبة ـ :من عرفني فأنا مَن عرفني و مَن أنكرني فأنا ابو ذر سمعت النبي (ص) يقول: « ألا إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من قومه، من ركبها نجا، و من تخلّف عنها غرق ». 3ـ حديث الأمان: رواه الحاكم في (المستدرك 3/ 149) بإسناده عن ابن عباس (رض) قال: قال رسول اللّه (ص) : " النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، و أهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس" هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه. 4ـ حديث الاثني عشر: رواه أحمد بن حنبل في (مسند1/ 398) عن الشعبي عن مسروق قال: كنا جلوسا عند عبد اللّه بن مسعود و هو يقرئنا القرآن، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن: هل سألتم رسول اللّه (ص): كم يملك الأمة من خليفة؟ فقال عبد اللّه بن مسعود: ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك، ثم قال: نعم، و لقد سألنا رسول اللّه (ص) فقال: ( اثنا عشر كعدّة نقباء بني إسرائيل) و رواه مسلم في (الصحيح 2/ 79) :«عن جابر بن سمرة، قال: دخلت مع أبي علي النبي (ص) فسمعته يقول: " إن هذا الأمر لا ينقضي حتي يمضي فيهم اثنا عشر خليفة" . قال: ثم تكلم بكلام خفيَ عليّ، قال: فقلت لأبي: ما قال؟ قال: قال: (كلهم من قريش). و قد رواه بتسعة طرق. و نخلص من كل ما تقدم إلي التالي: 1ـ إن هذه الأدلة، و هي بين متواتر و مستفيض و مصحح قرنته دلائل القطع بصدوره عن النبي (ص) و عشرات أخري أمثالها، صريحة في شرعية مذهب أهل البيت و مشروعية إتباعه. بل هي صريحة في وجوب إتباعهم و لزوم الالتزام بهديهم و رحم اللّه الشاعر الفرزدق حيث يقول في الإمام زين العابدين: من معشر حبهم دين و بغضهم*****كفر و قربهمُ منجي و معتصم‏ إن عُدّ أهل التقي كانوا أئمتهم*****أو قيل مَن خير أهل الأرض قيل همُ‏ 2ـ إن النبي (ص) نص علي إمامة علي في حديث الغدير، و في هذه الأحاديث المتقدمة و في عشرات أمثالها، ثم امتدت الإمامة منه إلي أبنائه الأحد عشر بوصية السابق إلي اللاحق. 3ـ و لأخذ الإمامية بسنة أهل البيت (ع) و اتباعهم لسيرتهم (ع) يأتي مذهب الإمامية امتدادا لمذهب أهل البيت و ممثلا له. و يترتب علي هذا: أن تكون مشروعية مذهب أهل البيت مشروعية له، و شرعيته. 4ـ و لأنا رأينا من خلال النصوص المتقدمة أن مذهب أهل البيت هو التفرع الأصيل لمدرسة النبي (ص) يأتي هذا أيضا في حق مذهب الإمامية. و قديماً أشار الي هذا الإمام الصادق (ع) فقد روي الشيخ البهبودي في (صحيح الكافي) عن «عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن علي بن عقبة عن أبيه قال: سمعت أبا عبد اللّه (ع) يقول:" اجعلوا أمركم إلي اللّه، و لا تجعلوه للناس فإنه ما كان للّه فهو للّه، و ما كان للناس فلا يصعد إلي اللّه و لا تخاصموا الناس لدينكم، فإن المخاصمة ممرضة للقلب، إن اللّه تعالي قال لنبيه (ص) :  ( إِنَّكَ لا تَهْدي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدي مَنْ يَشاء )[6] و قال: ( ً أَ فَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّي يَكُونُوا مُؤْمِنين‏ )[7] ذروا الناس، فإن الناس أخذوا عن الناس، و أنكم أخذتم عن رسول اللّه (ص) إني سمعت أبي (ع) يقول: إن اللّه عز و جل إذا كتب علي عبد أن يدخل في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير إلي وكره ». و هنا لابد من الإشارة إلي أن تعبدنا ـ نحن الامامية ـ بمذهب أهل البيت دون سواه من المذاهب الاسلامية، سواء كان ذلك في الأصول أو الفروع «لم يكن لتحزب أو تعصب، و لا للريب في اجتهاد أئمة تلك المذاهب، و لا لتعدم عدالتهم و أمانتهم و نزاهتهم و جلالتهم علما و عملا. لكن الأدلة الشرعية أخذت بأعناقنا إلي الأخذ بمذهب الائمة من اهل بيت النبوة و موضع الرسالة و مختلف الملائكة، و مهبط الوحي و التنزيل، فانقطعنا إليهم في فروع الدين و عقائده، و أصول الفقه، و قواعده، و معارف السنة و الكتاب و علوم الأخلاق و السلوك و الآداب، نزولا علي حكم الأدلة و البراهين، و تعبدا بسنة سيد النبيين و المرسلين صلي اللّه عليه و عليهم أجمعين. و لو سمحت لنا الأدلة بمخالفة الائمة من آل محمد أو تمكنا من تحصيل نية القربة للّه سبحانه في مقام العمل علي مذهب غيرهم، لقصصنا أثر الجمهور، وقفونا إثرهم، تأكيدا لعقد الولاء، و توثيقا لعري الإخاء، لكنها الأدلة القطعية تقطع علي المؤمن وجهته، و تحول بينه و بين ما يروم»[8] و في المراجعة السادسة من مراجعات السيد شرف الدين (قده) تعليقا علي ما تقدم ما نصه: «إنكم بحمد اللّهـممن تغنيه الكناية عن التصريح، و لا يحتاج مع الإشارة إلي توضيح و حاشا للّه أن تخالطكم في ائمة العترة الطاهرة شبهة أو تلابسكم في تقديمهم علي من سواهم غمة، و قد آذن أمرهم بالجلاء، فأربوا علي الأكفاء و تميزوا عن النظراء، حملوا عن رسول اللّه (ص) علوم النبيين، و عقلوا منه أحكام الدنيا و الدين. 1ـ و لذا قرنهم بمحكم الكتاب، و جعلهم قدوة لأولي الألباب، و سفنا للنجاة إذا طغت لجج النفاق، و أمانا للأمة من الاختلاف إذا عصفت عواصف الشقاق و باب حطة يغفر لمن دخلها، و العروة الوثقي لا انفصام لها. 2ـ قد قال أمير المؤمنين (ع): "فأين تذهبون، و أنّي تؤفكون، و الأعلام قائمة و الآيات واضحة، و المنار منصوبة، فأين يتاه بكم، بل كيف تعمهون، و بينكم عترة نبيكم، و هم أزمّة الحق، و أعلام الدين و ألسنة الصدق، فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن، و ردوهم ورود الهيم العطاش". [9] و قال عليه السلام:" انظروا أهل بيت نبيكم فالزموا سمتهم و اتبعوا أثرهم، فلن يخرجوكم من هدي، و لن يعيدوكم في ردي، فإن لبدوا فالبدوا، و إن نهضوا فإنهضوا و لا تسبقوهم فتضلوا، و لا تتأخروا عنهم فتهلكوا". [10]