منذ سنتين

هل الشيعة كلهم يدخلون الجنة بغض النظر عن اعمالهم؟

هل الشيعة كلهم يدخلون الجنة بغض النظر عن اعمالهم فقط لان النبي سيشفع لهم مع آل البيت ام ان الشفاعة التي ستنالهم هي تتعلق فقط بحقوق الله بينما ما يتعلق بذنوبهم المتعلقة بحقوق العباد فلا تنالها الشافعة الا اذا تنازل عنها صاحبها فيعاقب عليها وكذلك هناك من يقول ان آل البيت يشفعون ليس لكل الشيعة وانما فقط هم الشيعة الذين يلتزمون بولاية اهل البيت قولا وعملا اي من قبلهم آل البيت في ولايتهم وليس كل من يقول انه شيعي، فبعض اهل السنة ليس مبغضين لاهل البيت لكنهم ولدوا اهل سنة فقط رغم ان اعمالهم تتوافق مع ولاية اهل البيت اكثر من بعض الشيعة افلا يغفر لهم لانهم لم يقولوا انهم موالون اهل البيت؟


ان الأصل العقيدي الذي بني عليه الجزاء في عالم الآخرة هو قوله تعالي: « فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه‏ * وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه‏ » [1] و شاء الله بفضله و رحمته أن يجعل الشفاعة لبعض عباده في البعض الآخر فيسقط عن المذنبين ذنوبهم، و يشملهم العفو بسبب هذه الشفاعة و قد تحدث القرآن الكريم و الرسول الأمين عن الشفاعة و بيناها بشكل محدد و صريح فمنها قوله تعالي: « لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً » [2] (يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ رَضِيَ لَهُ قَوْلا» [3] (وَ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّي إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبير» [4] « وَ لا يَمْلِكُ الَّذينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَ هُمْ يَعْلَمُون‏» [5] « يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْديهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضي‏ وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ » [6] « وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسي‏ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُودا» [7] « وَ اتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَ لا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَ لا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَ لا هُمْ يُنْصَرُون‏» [8] « مَنْ ذَا الَّذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِه‏» [9] و قد أوضح المفسر الكبير الطبرسي في تفسير مجمع البيان معني قوله تعالي: « وَ اتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَ لا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَ لا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَ لا هُمْ يُنْصَرُون‏» [10] بقوله « لا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ » قال المفسرون: حكم هذه الآية مختص باليهود لأنهم قالوا: نحن أولاد الأنبياء و آباؤنا يشفعون لنا، فأيأسهم الله عن ذلك فخرج الكلام مخرج العموم، و المراد به الخصوص، و يدل علي ذلك أن الامة اجتمعت علي ان للنبي(ص) شفاعة مقبولة، و ان اختلفوا في كيفيتها، فعندنا هي مختصة بدفع المضار و اسقاط العقاب عن مستحقيه من مذنبي المؤمنين، و قالت المعتزلة: هي في زيادة المنافع للمطيعين و التائبين دون العاصين. و هي ثابتة عندنا للنبي(ص) و لأصحابه المنتجبين، و الأئمة من أهل بيته الطاهرين، و لصالحي المؤمنين و ينجي الله تعالي بشفاعتهم كثيرا من الخاطئين، و يؤيده الخبر الذي تلقته الأمة بالقبول، و هو قوله: «ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي» و ما جاء في روايات أصحابنا ( رضي الله عنهم ) مرفوعا الي النبي أنه قال «إني أشفع يوم القيامة فأشفع، و يشفع علي فيشفع، و يشفع أهل بيتي فيشفعون و أن ادني المؤمنين شفاعة ليشفع في أربعين من أخوانه، كل قد استوجب النار» و قوله تعالي مخبرا عن الكفار عند حسراتهم علي الغائب لهم مما حصل لأهل الإيمان من الشفاعة:[11] « فَما لَنا مِنْ شافِعين * وَ لا صَديقٍ حَميمٍ » [12] اذا الشفاعة حقيقة اسلامية لا شك فيها و لكن هل الشفاعة تخضع لقوانين و اسس تناسب العدل الالهي ام لا؟ الواقع انها لا تخرج عن العدل الالهي و انها خاضعه لقوانين و اسس ثابته كما سوف نبين ذلك من خلال الاجابة عن السؤال التالي . هل الشيعة يدخلون النار؟ اننا اذا راجعنا الأحاديث الواردة عن أئمة اهل البيت عليهم السلام، نري انها تضع معيارا خاصاً للشخصية الشيعية هذا المعيار ينبع من الصفات التي أرادها الله تعالي من المؤمنين و التي جاءت في القرآن الكريم، ففي الحقيقة الشيعي الحقيقي هو المؤمن الحقيقي، و قد أورد الشيخ محمد الري شهري في موسوعته ميزان الحكمة المجلد الخامس. روايات كثيرة و تحت عناوين مختلفة يمكن ان نستخلص منها بعض الصفات التي وردت في هذه الاحاديث. 1ـ شيعة علي(ع) لا يبالون في سبيل الله أوقع الموت عليهم او وقعوا علي الموت.‏ 2ـ و هم الذين يؤثرون اخوانهم علي أنفسهم و لو كان بهم خصاصة. 3ـ و هم الذين لا يراهم الله حيث نهاههم و لا يفقدهم حيث أمرهم. 4ـ و هم الذين يقتدون بعلي(ع). 5ـ شيعتنا اهل الورع و الاجتهاد، و اهل الوفاء و الامانة، و اهل الزهد و العبادة. 6ـ شيعتنا اصحاب احدي و خمسين ركعة في اليوم و الليلة. 7ـ الصائمون بالنهار. 8ـ يزكون اموالهم‏. 9ـ يحجون البيت‏. 10ـ يجتنبون كل محرم‏. 11ـ شيعتنا من قدم ما استحسن و امسك ما استقبح، و اظهر الجميل و سارع بالامر الجليل، رغبة الي رحمة الجليل، فذاك منا و الينا و معنا حيثما كنا. 12ـ ما شيعتنا الا من اتقي الله و اطاعه. 13ـ و ما كانوا يعرفون الا بالتواضع و التخشع و اداء الامانة و كثرة ذكر الله. 14ـ اذا جنهم الليل استقبلوه بحزن. 15ـ شيعة علي من عف بطنه و فرجه، و اشتد جهاده، و عمل لخالقه، و رجا ثوابه و خاف عقابه . 16ـ لا تذهب بكم المذاهب، فوالله ما شيعتنا الا من اطاع الله عز و جل‏. 17ـ شيعتي و الله: الحكماء، العلماء بالله و دينه ‏. 18ـ المتباذلون في ولايتنا. 19ـ يبذلون أنفسهم و اموالهم فينا . 20ـ العاملون بأمر الله اهل الفضائل، الناطقون بالصواب مأكلهم القوت و ملبسهم الاقتصاد و مشيهم التواضع‏. 21ـ ليس من شيعتنا من قال بلسانه و خالفنا في اعمالنا . هذه مجموعة من الصفات التي وردت في كلمات ائمة اهل البيت عليهم السلام في تحديد الشيعة، و نحن اذا نظرنا الي هذه الاحاديث بدقة و تأمل نري ان الملاك في التشيع هو العمل وفق المنهج القرآني الحق، و ليس مجرد ادعاء فالشيعي الحقيقي من يتحلي بهذه الصفات و من المعلوم ان الانسان اذا تحلي بمثل هذه الصفات الحسنه مع خلوص النية فأن الرحمة الألهية ستشمله لا محالة و سيدخل الجنة و هم مصداق لقوله تعالي (يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فيها بِغَيْرِ حِساب‏) -[13] و اما من يدعي التشيع فقط و لا يكون للعمل أي مصداق في حياته فان هذا ممن وصفهم الامام الصادق عليه السلام بقوله (لا تكونوا علينا شينا) الأمالي‏للصدوق ص 400  المجلس الثاني و الستون‏، فهولاء شين و عار علي التشيع خاصة اذا كانت اعمالهم مخالفة لضوابط الشريعة و هم مصداق لقوله تعالي (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزي‏ إِلاَّ مِثْلَها) [14] ، وسيكونوا مستحقين لدخول النار قطعا، و قد صنف اهل البيت عليهم السلام الشيعة الي اصناف هي: 1ـ" الشيعة ثلاث محب واد فهو منا، و متزين بنا و نحن زين لمن تزين بنا، و مستأكل بنا الناس، و من استأكل بنا افتقر ".[15] 2ـ" شيعتنا ثلاثة اصناف صنف يأكلون الناس بنا، و صنف كالزجاج ينم [16] و صنف كالذهب الأحمر كلما ادخل النار ازداد جودة " 3ـ " افترق الناس فينا ثلاث فرق: فرقة احبونا انتظار قائمنا عليه السلام ليصيبوا من دنيانا، فقالوا و حفظوا كلامنا، و قصروا عن فعلنا، فسيحشرهم الله الي النار، و فرقة أحبونا، و سمعوا كلامنا، و لم يقصروا عن فعلنا، ليستأكلوا الناس بنا فيملأ الله بطونهم نارا يسلط عليهم الجوع والعطش، و فرقة أحبونا و حفظوا قولنا، و أطاعوا أمرنا، و لم يخالفوا فعلنا، فاولئك منا و نحن منهم "[17] الي غير ذلك من الروايات الكثيرة التي تحمل نفس المضمون و هي صريحة في أن مجرد ادعاء التشيع لا يكون مانعا من دخول النار كما صرحت الرواية بذلك. نعم سيكون للشفاعة دور في انقاذ البعض من هؤلاء ممن ارتضي الله دينه رغم الهفوات التي صدرت منه لأنه قد عمل الي جنب ذلك اعمالا حسنة جعلته ممن يرتضي الله دينه فستشمله الشفاعة التي جعلت لمثل هذه الموارد.  عن حسين بن خالد، قال قلت للرضا عليه السلام: يا ابن رسول الله فما معني قول الله عز و جل [ و لا يشفعون الا لمن ارتضي؟ قال: لا يشفعون الا لمن ارتضي الله دينه ‏] البحار ج 8 ص 34. و عن الصادق عليه السلام قال: اعلموا أنه ليس يغني عنكم من الله احد من خلقه شيئا، لا ملك مقرب و لا نبي مرسل، و لا من دون ذلك فمن سره ان ينفعه شفاعة الشافعين عند الله فليطلب الي الله ان يرضي عنه . [18] الي غير ذلك من الروايات التي تؤكد علي ان يكون الانسان بدرجة معينة من العمل الصالح ليكون قابلا لرضي الله عنه و حينئذ يكون مشمولا لشفاعة الشافعين،و ليس الشفاعة كما يفهمها البعض بدون اي مبرر، وان مجرد ادعاء المحبة يكفي ان ينال الانسان تلك الرحمة الألهية. المحرومون من الشفاعة: جاء في الروايات عن اهل بيت العصمة و الطهارة ذكر مجموعة من الناس الذين يحرمون من الشفاعة منهم: 1ـ الشفاعة لا تكون لأهل الشك و الشرك، و لا لأهل الكفر و الجحود بل تكون للمؤمنين من اهل التوحيد . [19] 2ـ رجلان لا تنالهم شفاعتي، صاحب سلطان، عسوف غشوم، و غال في الدين مارق .[20] 3ـ لا ينال شفاعتي من استخف بصلاته [21] 4ـ شفاعتي يوم القيامة حق فمن لم يؤمن بها لم يكن من اهلها [22] 5ـ لو ان الملائكة المقربين و الانبياء المرسلين شفعوا في ناصب ما شفعوا .[23] من خلال هذه الاحاديث نعرف ان حد الشفاعة امر محدود لا تنال المشرك و المستخف بالصلاة و الذي ينصب العداء لاهل البيت عليهم السلام، و الذي يجحد الحق بعد ان يعرفه [وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُم‏]‏ -[24] و هؤلاء هم الذين يدخلون النار.

1