ان قول أميرالمؤمنين عليه السلام «ليس لي في الخلافة رغبة...» انما اراد ان يبين للناس عدم اكتراثه(ع) بزخارف الدنيا والتي منها السلطة والحكومة التي يسعي اليها الكثير من الناس بلهفة وشوق ويبذلون في سبيلها الغالي والنفيس، وأما أميرالمؤمنين عليه السلام فانه ينظر اليها كتكليف شرعي لاقيمة لها الا إذا كانت مقترنة برضا الله سبحانه واقامة الحق وازهاق الباطل، كما قال ذلك لابن عباس(رحمه الله). واما الولاية التي هي تنصيب وتكليف الهي فان أميرالمؤمنين لم ينفها بل العكس هو الصحيح فانه كان يري نفسه صاحب الحق الشرعي المغصوب، وهذا ما نجده في خطبته الشقشقية حيث قال: «اما والله لقد تقمصها إبن أبي قحافة وانه يعلم ان محلي منها محل القطب من الرحي» .[1] ثم هناك نكتة جديرة بالذكر وهي : ان الكلام المذكور صدر من الامام امير المؤمنين بعد خمسة وعشرين عاما من رحيل النبي الاكرم صلي الله عليه واله وسلم ومن الواضح انه وخلال هذه الفترة وقعت الكثير من الاحداث والتحولات علي جميع المستويات ادت الي التعقيد في مسالة القيادة والحكومة الدنيوية، من هنا اراد امير المؤمنين عليه السلام ان يضع الناس امام مسؤلياتهم ويبين لهم ان الامر ليس كما يتصورون وان الامور ستسير علي مايرام ولاتوجد اي معوقات وعراقيل ، بل الامر علي العكس من ذلك تماما –كما يري الامام من خلال معايشته للواقع- وانه ستواجه حكومة الامام بالكثير من المشاكل والمعاناة والصعاب ،الامر الذي يستدعي وقوف الامة الي جانب امامها وتحمل مسؤلياتها باختيار وارادة ، ولكي لايتطاول متطاول ويقول : لقد خدعنا ابن ابي طالب في حكومته، اذا القضية تابعة لظرفها الموضوعي وليس في مجال الحديث عن اصل الخلافة وشرعيتها.