منذ سنتين

العلم و تحصيل المال

لما للعلم من شرف ولما يختص به من كمالات عالية وهي الوصول إلي جوار رب العالمين والدخول في أفق الملائكة المقربين، وقد تطابق العقل والبرهان واجماع أرباب الأديان علي أن السعادة الأبدية والقرب من الله لا يتيسران بدونه وهذا لا يمكن تحققه إلا بالسعي الدائم ولما نعلم من صعوبة الظروف المادية في هذا الزمان، لأن كل فرد من أبناء المجتمع يحتاج إلي الأمور المادية كما يحتاج إلي الأمور المعرفية، فكيف يتم الجمع بين الطرفين العلم والتحصيل الدنيوي من المال مع صعوبة حصول العلم في أي مكان، خصوصا وأن هناك مقولة للسيد الإمام (قدس الله روحه) : ( لايتم الحصول علي بذور المعارف والمشاهد إلا بالدرس)، هل يترك الإنسان الأمور المادية بالإتكال علي المولي - عزوجل- (و يأخذ الرواية: جميع الناس تسعي لرزقها ما عدا العالم، رزقه يسعي له) و يتجه لطلب العلم في الحوزات العلمية في حالة أنه لا يوجد في بلده أساتذة أو مدرسون علي مستوي عال؟


لا شك ان تحصيل العلم من الامور التي حث الشارع عليها و ان” الانسان العالم العابد افضل من العابد ”، و ان " مداد العلماء افضل من دماء الشهداء " و غير ذلك مما ورد في الآيات و الروايات.  قال تعالي: ( وَ قُلْ رَبِّ زِدْني‏ عِلْما )[1]، و نحن اذا راجعنا القرآن الكريم نجد ان مفردة العلم و مشتقاتها قد تكررت مئات المرات و هذا يؤكد علي اهميّة العلم و المعرفة، وكما ذكرتم انه الوسيلة المهمة في التقرب من اللّه تعالي، و كما تفضلتم أيضاً انه لا يتيسر تحصيله لكل الناس و ذلك لانه يحتاج الي تفرغ و سعي و تحمل و لذلك قال تعالي ( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُون‏ )[2]، و هذا يعني ان تحصيل العلم واجب كفائي يكفي ان يقوم به بعض الناس لسد الحاجة، و هذا لا يعني ان لا نسعي لتحصيل العلم باي صورة كانت، و من نعم الله ان التطّور العلمي قد سدّ فراغاً كبيراً في هذا المجال فمن الممكن ان تحصلوا علي العلم و انتم بعيدون عن المراكز العلمية و ذلك من خلال اشرطة التسجيل الصوتية او المصورة [الفيديو] او التلفزيون و المذياع [الراديو] فان جميع الدروس الحوزوية مسجلة و يمكنكم الحصول عليها، و كذلك يمكنكم الحصول عليها من خلال جهاز الحاسوب [الكامبيوتر] فان بعض المؤسسات قد قامت بتسجيل جميع الدروس الحوزوية علي عدد قليل من الاقراص الالكترونية (CD) و بهذا يمكنكم الجمع بين عملكم و بين تحصيل العلم، اضافة الي ذلك ان انتشار الكتب التي الفّت بصورة ميسرة يمكنكم الاستفادة منه أيضاً و انتم في مكانكم. و اما بخصوص السؤال الآخر، هل يترك الانسان الامور المادية و يتجه لطلب العلم ؟اننا نقول: ان المراكز العلمية عامة و الحوزة خاصة توفر للطالب مستلزماته الماديه و لكن بالحد الادني، و هذا يحتاج ان يكون الطالب علي استعداد لتحمل بعض الظروف الصعبة و بالطبع ان اللّه تعالي قد تكفل لكل الناس بارزاقهم و هذا لا يعني ترك الامور الطبيعية في تحصيل الرزق، و اذا كنت علي استعداد لتحمل هذه المصاعب يمكنكم التوجّه لطلب العلم خاصة اذا كنت مجرداً غير مسوؤل عن عائلة او اطفال و ... و اما اذا كانت تحت مسؤوليتك عائلة و اطفال و... فيمكنكم استغلال الطريق الآخر الذي ذكرناه‏.